وإذا، فقد كفلت له هذه الأسرة الموسرة- قبل أن تفقد يسارها [١٩]- من التعليم ما أطعمه بالاستزادة، فارتحل إلى العراق، وقصد بغداد، فتتلمذ لأبي عليّ إسماعيل بن محمّد الصفّار، وأقرانه [٢٠]، ونعرف عن أبي عليّ أنه عالم بغريب اللغة، وبالنحو، وأنّه محدّث ذكر له حاجي خليفة في كشف الظنون ١: ٥٨٦ جزءا من مرويّاته في الحديث النبويّ الشريف، ولا بدّ أن يكون صاحبنا قد سمعه منه. ولكننا لا نعرف من أقران الصفّار إلّا القاضي أبابكر أحمد بن كامل السنجريّ، إذ رويت عن الخوارزمي حكاية عنه، فلعلّه اتصل به في بغداد من جملة من اتّصل بهم، فإذا صحّ أنه وقع هذا الاتصال أدركنا ما يبحث عنه صاحبنا من علم في بغداد، فقد كان أبوبكر القاضي «من العلماء بالأحكام، وعلوم القرآن، والنحو، والشعر، وأيام الناس، وتواريخ أصحاب الحديث» [٢١] . على أنه من المحتمل ألّا يكون أبوبكر الخوارزمي قد عني بالفقه، وعلوم القرآن، وتواريخ أصحاب الحديث عنايته بالنحو، والشعر، وأيام الناس. فأما النحو والشعر فقد كانا من عدّته طيلة أيام حياته، وأمّا أيّام الناس فحسبنا ما سرده علينا
_________
[١٩] ينظر رسائله: ٢٢٩ وفيها ما يدلّ على أنه افتقر في خوارزم بعد غنى.
[٢٠] الأنساب: ٢١٠ و.
[٢١] تاريخ بغداد ٤: ٣٥٧. وقد قرّر الدكتور البصير- ﵀ في «في الأدب العباسي»: ٦٥ أنّه لا يعرف «لسوء الحظ أحدا من أساتذته»، ولم يقرر الشكعة ذلك لكنّه لم يذكر أحدا من أساتذته العراقيين، ينظر بديع الزمان: ٨١- ٩١، وكذلك فعل الآخرون فلم يذكر أيّ منهم أستاذا من أساتذته.
1 / 14