فطرب أبو العتاهية، وقال إبراهيم: «أحسنت يا بن أمية.» وجعل يردد هذه الأبيات! •••
وكان الأمين قد تولى الخلافة بعد أبيه، وكان للمأمون إمارة خراسان وما يليها من شرق الدولة العباسية كعهد الرشيد، فقد قسم الدولة بينهما عند وفاته إلى قسمين: قسم يليه الأمين وهو العراق والشام وما بعدهما إلى بلاد المغرب، وقسم يليه المأمون وهو خراسان وسائر بلاد المشرق، على أن تكون الخلافة للأمين. ولم يلبث أن وقع الخلاف بينهما، وطمع كل منهما في الآخر، وانتهى الأمر بقتل الأمين ببغداد، والمبايعة بالخلافة للمأمون.
وكان المأمون وقتئذ في «مرو» فأحدث قتل الأمين أثرا سيئا في نفوس بني العباس خاصة، ونفوس العرب عامة؛ فقد كان أول حادث من نوعه في الأسرة العباسية، واعتبره العرب خذلانا لهم وانتصارا للفرس أخوال المأمون
2
وأنصاره.
وكان الفرس يتشيعون للعلويين، وإن كانوا يناصرون العباسيين، وقد تربى «المأمون» فيهم ونشأ على احترام العلويين وحبهم خلافا لأسلافه. ولما تولى الخلافة زاد في احترامهم وتقريبهم، واتخذ إمامهم «علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي» زوجا لابنته «أم حبيب.» وكان يحبه ويقدمه لتقواه وورعه، وقد سماه «الرضا من آل محمد.» ثم بايع له بولاية العهد من بعده دون ابنه العباس. وكان لوزيره الشيعي الفضل بن سهل دور أصيل في هذه المبايعة،
3
وبلغت أنباؤها بني العباس بالعراق، وشيعتهم من العرب، فهالهم الأمر لأن الخلافة بذلك ستنتقل إلى العلويين.
وكان إبراهيم بن المهدي وقتئذ كبير آل العباس ببغداد، فخرج من عزلته الفنية إلى السياسة، واضطربت الحال في بغداد، وكان يتنازع العباسيين عاملان: عامل الولاء للخليفة الجديد، وعامل الثورة عليه، خصوصا بعد ما وصلهم أن المأمون قد أبدل بالملابس السوداء (شعار العباسيين) الملابس الخضراء (شعار العلويين)، وأحرق الأولى في ملأ من الناس!
إذن كانت الفرصة سانحة لإبراهيم ليحقق آماله في الخلافة ويطلق ما في نفسه من طموح إلى الملك والسلطان. وإذن فليدع الفن فترة من الزمان، أو إلى آخر الزمان إذا صحت الأحلام!
अज्ञात पृष्ठ