قالت: «أتيت به من وسط قصرك لأني ساهرة وأنت نائم!»
فأخذته العزة بالإثم وقال: «سآمر بإلقائها في قاع دجلة الساعة.»
قالت: «أتلقيها في دجلة بلا سؤال ولا جواب؟»
قال: «أليس الغرض أن نتخلص منها؟»
قالت: «ما أقل دهاءك! قبل أن تقتلها استطلعها ما تعلمه من أحوال أعدائنا؛ فلا ريب أنها تعرف أسرارهم، ومتى نلت مرادك منها فاقتلها أو أغرقها كما تشاء.»
قال: «أدعوها إليك الساعة ونسألها معا؟» قالت: «افعل.»
فصفق فجاءه أحد الغلمان فقال له: «إلي بالجارية ميمونة.»
وكانت ميمونة منزوية مع جدتها في أبعد غرف القصر خوفا من أن تراهما زبيدة. وعبادة تتوسل إلى الله أن ترجع زبيدة قبل أن تراها، وإذا بالغلام قد جاء يدعو ميمونة إلى أمير المؤمنين. فلما سمعت عبادة قوله أسقط في يدها، وتحققت أن زبيدة أتت لتحرض ابنها على الإيقاع بها بعد مقابلتها تلك؛ فندمت على ذهابها إليها. ولم تجد ميمونة بدا من الطاعة، فتبعت الغلام حتى أتى القاعة، فدخل وقال: «الجارية بالباب يا مولاي.» قال: «تدخل.»
فدخلت مطرقة خجلا وركبتاها تصطكان من الخوف؛ فوقع نظرها على زبيدة وهي متكئة وقد زادها الغضب هيبة ورهبة، والأمين جالس بجانبها كأنه بعض غلمانها. فوقفت وحيت فابتدرها الأمين قائلا: «تقدمي يا ميمونة.»
فمشت نحوه وهي تنظر إلى الأرض وقد أخذتها الرعدة من الخوف، فمد يده وفيها الكتاب وقال: «أتعلمين لمن هذا الكتاب؟»
अज्ञात पृष्ठ