قالت: فانتبهت من النوم وأنا أجمل نساء بني سعد قاطبة لا أطيق أن أقل ثديي كأنه الجر العظيم يتسبب ويشخب منه لبن يقطر كقطر الروايا، وإن الناس حولي من رجال بني سعد ونسائهم في ضيق من العيش وجهد من الزمان، إنما كنا نرى البطون لاصقة بالظهور والألوان المتغيرة، فكنا نسمع أنينا من كل داركأنين المرضى من شدة الجهد والجوع لا تكاد الدمعة أن تجري إذا بكت العيون من شدة اليبوسة وضيق الزمان، لا ترى في الجبال الراسيات شيئا قائما ولا على الأرض شجرا زاهرا، قالت: فكادت العرب يومئذ أن تهلك هزلا وضرا، واجتمع النساء حولي يعجبن مني ويقلن: يا بنت أبي ذؤيب إن لك لشأنا وقصة وقد أصبحت اليوم تشبهين بنات الملوك، ولقد فارقتنا بالأمس في تغيير اللون وضيق من العيش، قالت: فكنت لا أجيب جوابا ولا أنطق، وذلك أني أمرت بذلك في المنام فكتمت شأني.
ثم صعدنا يوما إلى بطحاء مكة نطلب النبات كعادتنا، فسمعنا مناديا ينادي ألا إن الله عز وجل حرم في هذه السنة على نساء المشرق والمغرب والجن والإنس أن يلدن بتاتا من أجل مولود يولد في قريش وهو شمس النهار وقمر الليل، طوبى لثدي أرضعته، ألا فبادروا إليه يا نساء بني سعد.
قالت: فلما سمعنا نداء المنادي تركوا ما كانوا يطلبون من معايشهم وانحدروا جميعا ذروة الجبل، وجعلن يخبرن أزواجهن بما سمعوا، وعزموا على الخروج إلى مكة، فخرجوا فكانوا في جهد شديد، وخرجت أنا على أتان لي مقتلق أسمع لها في جوفها خضخضة قد بدا عظامها من سوء حالها وصاحبي معي.
पृष्ठ 62