فنوديت كلها: أن كفوا عن رضاع محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فقد أجرى الله ذلك على أيدي الإنس، قال: فأجرى الله ذلك بحليمة ابنة أبي ذؤيب السعدية، فكان من سببها وقصتها أن الله عز وجل أجدب البلاد وأقحط الزمان، حتى دخل من ذلك ضرر على عامة الناس، فكانت حليمة تحدث عن نفسها وتقول: كان الناس في زمن مولد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في شدة شديدة وجهد جهيد، وكنا نحن أهل البيت أشد الناس كلهم فقرا وجهدا وضرا، وكنت امرأة طوافة أطوف البوادي والجبال أطلب النبات وحشيش الأرض، فكنت أصيب ما تصيب أخواتي اللواتي كن معي أو أقل منهن، قالت: فكنت أقنع وأصبر وأقول: أحمد ربا نزل بي هذا الجهد والبلاء كله، قالت: فبينا أنا كذلك وقد خرجنا يوما إلى بطحاء مكة فجعلت لا أمر بشيء من الحشيش والنبات إلا استطال إلي فرحا، فأقمت بذلك أياما، ثم إني ولدت مولودا لي في بعض الليالي ولما ذقت شيئا منذ سبعة أيام، قالت: فكنت ألتوي كما تلتوي الحية من شدة الجوع والجهد فلا أدري أجهد نفسي أشكو أم جهد الولادة فغشي علي في بعض الأحيان، حتى لا أدري في السماء أنا أم في الأرض.
पृष्ठ 60