आशा और यूटोपिया एर्नेस्ट ब्लोच के दर्शन में

अतियत अबू अल-सऊद d. 1450 AH
53

आशा और यूटोपिया एर्नेस्ट ब्लोच के दर्शन में

الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ

शैलियों

56

فمما لا شك فيه أن خيال الإنسان وإرادته المبدعة لهما وظيفة هامة في صيرورة التاريخ.

إن نقطة الاتصال بين الأحلام والواقع هي ارتباط الوظيفة اليوتوبية ل «ليس-بعد» بالممكن الواقعي، ويرى بلوخ أن الماركسية هي التي دفعت الأحلام إلى الأمام وشددت على ارتباطها بالواقع العيني، وأدركت الأمل على ضوء جدل مادي متعال. وهذا يؤكد أيضا أن الوظيفة اليوتوبية متعالية بدون علو لأن اليوتوبيا بطبيعتها متعالية، ولكنه ليس تعاليا بالمعنى الديني أو الصوفي أو المثالي المألوف، وإنما تعلو على الواقع الحاضر نحو واقع آخر أفضل، ويدعمها التقدم ويلازمها، بحيث تكون دائما في حالة أمل وتوقع موضوعي لما لم يصبح بعد بشكل أفضل. يضاف إلى هذا أنها نوع من الفعالية الحية يمكنها إدراك الأمل المتوقع الذي يتحقق بالتخطيط الإرادي، إذ لا بد أن تكون الإرادة والإصرار وراء الأمل. وعلى هذا فإن مضمون الأمل المستنير الواعي، والوظيفة اليوتوبية الإيجابية؛ هو مضمون تاريخي وثقافة إنسانية تجسد الفكر اليوتوبي العيني.

ومن هنا يعارض بلوخ النزعة المثالية الألمانية المتعالية عند كل من كانط وفشته، تلك النزعة التي أعلت من شأن العقل والأنا وقوتهما المطلقة، فعالم المعرفة المثالية ليس عالما يوتوبيا بأية صورة من الصور وقد ارتبطت البرجوازية الألمانية بالذات المثالية. وعلى الرغم من أن العامل الذاتي له دور إيجابي في الوظيفة اليوتوبية، إلا أنه لا يكفي وحده، ولا بد أن يكمله العامل الموضوعي لكي يكون التوجه اليوتوبي إلى الممكن الواقعي أمرا ممكنا. صحيح أن خيالات الأمل وصوره الذاتية لها أساسها في الواقع الموضوعي، ولكن التوقع والأمل والقصد المتجه إلى إمكان لم يتحقق بعد ليست هي وحدها السمات الأساسية للوعي الإنساني. إن هذا الوعي - إذا فهمناه فهما عينيا صحيحا - هو تحديد أساسي في إطار الواقع الموضوعي في مجموعه، وكما أن التوقع الذاتي يتخلله ال «ليس-بعد» فكذلك يصدق نفس الشيء على الواقع الموضوعي.

57

هكذا نرى أن العامل الذاتي لا يمكن أن يتخطى القوانين الاقتصادية والاجتماعية الموضوعية بل إن هناك تفاعلا جدليا بين التناقضات الموضوعية والتناقض الذاتي. ولكن ما علاقة الوعي بال «ليس-بعد» ووظيفته اليوتوبية ببعض النزعات أو المذاهب التي حاولت أن تطوع هذا الوعي لمصلحتها الخاصة فوجهت الوظيفة اليوتوبية للاتجاه المضاد؛ مما أدى إلى نشأة الوعي الزائف ووظيفته اليوتوبية المضللة؟ لا بد للإجابة على هذا السؤال من النظر في بعض المذاهب والنزعات (أو الاتجاهات) التي زيفت الوعي اليوتوبي نتيجة علاقتها الفاسدة بال «ليس-بعد». (1) علاقة الوظيفة اليوتوبية بمذهب المصلحة

حاول أصحاب مذهب المصلحة أو المنفعة أمثال ما ندفيل (1670-1733م) وآدم سميث (1723-1790م) الربط بين الوظيفة اليوتوبية ومصلحة الطبقة البرجوازية، وهي محاولة يائسة لإظهار رجل الاقتصاد الرأسمالي كما لو كان يوتوبيا، طبقا للمبدأ الذي روج له آدم سميت وزعم فيه أن المصلحة الخاصة تحقق في النهاية المصلحة العامة. فمن المعروف أن آدم سميت قدم في كتابه «ثروة الأمم» مذهبا في الاقتصاد السياسي يقوم على الاقتصاد الحر الذي يخضع لحرية العرض والطلب ويحكمه قانون خفي يطلق عليه اسم المنفعة أو المصلحة، ومفاده أن مصالح الأفراد الخاصة - ويعني بالأفراد الطبقة الرأسمالية أو طبقة أصحاب الأعمال - تتوافق في نهاية المطاف مع المصلحة العامة للشعب. وقد ترتب على هذا المذهب اهتمام القلة الرأسمالية بعامل الربح وإهدارها لحقوق الأغلبية من العمال، وكأن الصورة المفعمة بالأماني في هذا المذهب هي حرية الربح التي ليس لها حدود، وتحقيق الثروة عن طريق ما يسمى بفائض القيمة - طبقا للتحليل الماركسي لرأس المال - الذي ينتزع من العمال بحيث يتحول جهدهم وعملهم إلى سلعة تخضع للعرض والطلب، وتصبح الكائنات البشرية ذاتها سلعا تباع وتشتري ولا شك أن المذهب - الذي لا يراعي الحد الأدنى لحقوق العمال - لا يقوم على أية نزعة إنسانية، وإنما يقوم على خداع زائف وسافر لما يدعيه من تطابق المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة. وكان من الطبيعي أن يرفض بلوخ هذه العلاقة ويدين مذهب آدم سميت في الاقتصاد وينكر أية علاقة لهذا المذهب الذي تحكمه الأنانية بالوظيفة اليوتوبية، ويؤكد في النهاية أن الوعي الناتج من هذه العلاقة لا بد أن يكون نوعا من الوعي الزائف.

58 (2) علاقة الوظيفة اليوتوبية بالأيديولوجيا

اختلفت الآراء حول علاقة اليوتوبيا بالأيديولوجيا، فالأولى تنطوي على رفض الواقع الفعلي والرغبة في تجاوز النظام القائم إلى آخر أفضل منه، بينما تنطوي الثانية - الأيديولوجيا، كما يدل تاريخ الكلمة - على معاني متعددة اختلفت من عصر لآخر. فهي عند كارل مانهايم لها معنيان متميزان وقابلان للانفصال، وهما المعنى الجزئي والمعنى الكلي. «فالمعنى الجزئي يكون هو المقصود ضمنا عندما تدل الكلمة على أننا نتخذ موقفا متشككا تجاه الأفكار والتصورات التي يتقدم بها خصمنا؛ إذ نعتبرها تمويهات واعية تخفي الطبيعة الحقيقية لوضع لن يكون الاعتراف بحقيقته متفقا مع مصالح هذا الخصم. أما التصور الكلي الأكثر شمولا للفظة الأيديولوجية فيشير إلى أيديولوجيا عصر ما أو أيديولوجيا جماعة تاريخية-اجتماعية محددة، كأيديولوجيا طبقة مثلا، عندما يكون هدفنا هو توضيح سمات وتركيب البناء الكلي لعقلية ذلك العصر أو هذه الجماعة.»

59

अज्ञात पृष्ठ