وإذا بعبد الحميد يقول: حجرة منه ملكي أنا، لا سامحه الله.
وضحك الجالسون وعاد عبد الحميد يقول: أتعرف هذا البيت؟ - وشرفك لم أرجع من مصر إلا بعد أن رأيته بعيني. - وما الذي دعاك لهذا؟ - فضول وفراغ، أنت تعرف أنني كنت صديقا للطفي، ذهبت إليه في البنك، وكان على وشك الانصراف فحملني معه في سيارته ليريني العز الذي أصبح يتمتع به، وحين بدأ السير بسيارته قال لي: إلى أين أنت ذاهب؟ - ألم يدعك على الغداء؟ - أنتم تعرفونه؛ طول عمره نتن. - ولكنه الآن أصبح في حال غير الحال. - يا بني النتن يظل على حاله في الفقر والغنى على السواء. - المهم هل أوصلك إلى حيث كنت ذاهبا؟ - قال لي تحب أن ترى بيت أبي الذي انتقل إليه الأسبوع الماضي؟ - أحب جدا.
وذهب بي إلى حي المهندسين، وحين بلغنا شارعا متسعا ترك بعض عمارات على اليسار، ثم أشار لي إلى عمارة ضخمة وقال: شقة أبي هنا.
وسأل عبد الحميد: أعرفت اسم الشارع؟ - عرفته لكي أؤكد لكم حقيقة ما أقول. - ما اسمه؟ - شارع الأشجار رقم 9. - لا، سهل. - ماذا، أتنوي أن تذهب إليه؟ - قد تدركه الشفقة علي.
وقال سلامة: احك له حكاية قمر. - احكها له أنت. - وأنا ما شأني؟ - ألم تسمع عن واجبات الصحبة؟ - صحبة هباب. - إنما هي صحبة مفروضة عليك والسلام.
كان الجمع قد انفض، ولم يبق إلا سلامة وعبد الحميد.
وقال: الجميع مشوا، ألا تنوي أن تروح؟ - قم بنا.
وفي الطريق قال سلامة: أتنوي حقا أن تذهب لأبي سريع؟ - أعجيبة أن أحاول؟ - لا عجيبة ولا حاجة. - سأذهب إليه. - متى؟ - حدد أنت الموعد. - أنا ليس ورائي شيء في هذه الأيام. - في أي يوم نحن من أيام ربنا؟ ألسنا اليوم يوم الخميس؟ - نعم. - ماذا وراءك غدا؟ - لا شيء. - نصلي الفجر، ونركب القطار. - التذاكر على حسابك. - والتاكسي أيضا الذي سنأخذه من المحطة إلى بيته.
كان اليوم جمعة، وكان أبو سريع في بيته مرتديا جلبابه حين دق جرس الباب، وذهبت الخادمة وقال سلامة: الحاج أبو سريع هنا؟ - نعم. أقول له من؟ - قولي له أصدقاء. - تفضلا.
وذهبت بهما إلى حجرة الجلوس، وأخبرت أبا سريع بمجيئهما وسألها: ألم تسألي عن أسمائهم؟ - يقولون أصدقاء.
अज्ञात पृष्ठ