202

المجالس الفقهية

المجالس الفقهية

प्रकाशक

تكوين للدراسات والأبحاث - الرياض

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م

प्रकाशक स्थान

السعودية

शैलियों

الجدل، حيث قال: (واجتمعنا ليلة أنا والحافظ تقي الدين أبو الفتح والأخ المرحوم جمال الدين الحسين والشيخ فخر الدين الأقفهسي وغيرهم، فقال لي بعض الحاضرين: نشتهي أن نسمع مناظرته، وليس فينا من يدل عليه غيرك. فقلت له: الجماعة يريدون سماع مناظرتك على طريق الجدل. فقال: بسم الله. وفهمت أنه إنما وافق على ذلك لمحبته فيَّ وفي تعليمي. فقال: أبصروا مسألة فيها أقوال بقدر عددكم، وينصر كل منكم مقالة يختارها من تلك الأقوال، ويجلس يبحث معي. فقلت أنا: مسألة الحرام. فقال: بسم الله، انصرفوا فليطالع كل منكم ويحرر ما ينصره. فقمنا وأعمل كل واحد جهده، ثم عدنا وقد كاد الليل ينتصف، وهو جالس يتلو هو وشيخنا المسند أحمد بن علي الجزري الحنبلي ﵀، فقال: عبد الوهاب هات، حسين هات. هكذا يخصني أنا وأخي بالنداء، فابتدأ واحد من الجماعة، فقال له: إن شئت كن مستدلًا وأنا مانع، وإن شئت بالعكس. فحاصل القضية أن كلًا منا صار يستدل على مقالته، وهو يمنعه ويبين فساد كلامه إلى أن ينقطع، ويأخذ في الكلام مع الآخر، حتى انقطع الجميع. فقال له بعضنا: فأين الحق؟ فقال: أنا أختار المذهب الفلاني الذي كنت يا فلان تنصره. ونصره إلى أن قلنا: هو الحق، ثم قال: بل أختار المذهب الذي كنت يا فلان تنصره. وهكذا أخذ ينصر الجميع، إلى أن قال له بعضنا: فأين الباطل؟ فقال: الآن حصحص الحق، المختار مذهب الشافعي، وطريق الرد على المذهب الفلاني كذا، والمذهب الفلاني كذا، والمذهب الفلاني كذا، وقرر ذلك كله إلى أن قضينا العجب، وكل منا يعرف أن أقل ما يكون للشيخ الإمام عن النظر في مسألة الحرام سنين كثيرة) (^١). ولئن كان السادة الفقهاء يدربون المتفقهين في مجالسهم هذه على علم النظر، فلقد حكي عنهم من أخلاقهم ما جمعوا به مع حسن القول حسن العمل. فمن ذلك الرجوع إلى الصواب متى استبان لهم، ومن شواهد هذا ما

(^١) طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (١٠/ ٢٠٣).

1 / 213