नाजी जर्मनी: आधुनिक यूरोपीय इतिहास का एक अध्ययन (1939-1945)
ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)
शैलियों
مرسوما عليها. ولم يفلح النازي والجستابو في حراسة أنصارهم أو في تعطيل جهود جيش النصر، بل إن جند هذا الجيش كثيرا ما وجدوا في الظلام الدامس من جراء الإغارات الجوية المتكررة في فرنسا وبلجيكا وهولندة فرصة مواتية للمضي في نشاطهم، فكانوا يفتحون المجاري، ويزينون بوابات وحواجز القنوات (خصوصا في هولندة)، ويغيرون وضع المصابيح الحمراء لتضليل الدوريات الألمانية، وكثيرا ما كان رجال الجستابو يجدون في الصباح عددا من الجند الألمان ملقى في المجاري أو في القنوات أو مصابا بحادث.
وكان جيش النصر يمضي في نشاطه وفق برنامج منظم فيذيع قائده «الكولونيل بريتون» على الأثير أسماء الخونة ذوي الخطر الذين ينبغي التخلص منهم، أو أسماء أولئك الذين يعملون كجواسيس لحساب الجستابو، فلا ينقضي وقت قصير حتى يكون أكثر هؤلاء قد اختفوا من الوجود، بينما يعمد الجستابو أنفسهم إلى قتل الجواسيس الذين تذاع أسماؤهم حرصا على سلامة نظام «البوليس» السري الألماني نفسه.
وفي الحق أن جيش النصر كان يطيع أوامر قائده وإرشاداته بكل دقة، ومن أمثلة ذلك أن «الكولونيل بريتون» نشر في بداية عام 1942 اسم الدكتور وليم منجلبرج
Mengelberg
عن كبار الموسيقيين الهولنديين، بين أسماء الخونة الذين يتعاونون مع النازي، فحدث في أول احتفال موسيقى أقامه «منجلبرج» في أمستردام بعد هذه الإذاعة أن قابله الجمهور في قاعة كادت تكون خالية، بكل أنواع الاستنكار حتى شعر «منجلبرج» بتعذر الإقامة في وطنه، واضطر إلى مغادرة هولندة والطواف في سويسرة والبورتغال يقيم بها الاحتفالات الموسيقية.
غير أن أكبر الخدمات التي كان يؤديها جيش النصر، إنما هي نشر المقاومة السلبية وتنظيمها في أنحاء أوروبا النازية. •••
وكان يقصد بالمقاومة السلبية امتناع الشعوب المقهورة عن التعاون مع النازيين الذين يحتلون بلادهم، وعدم الدخول معهم في غير الصلات التي تفرض الظروف الواقعية وجودها وفي حدود الاتفاقات أو التنظيمات الرسمية أو شروط الهدنة، وما إلى ذلك. وإعطاء كل معونة ممكنة لقوات الأمم المتحدة في الحرب ضد النازي، ويدخل في ذلك: تغذية الرأي العام عن طريق الصحافة السرية الحرة - وسيأتي الكلام عنها - وذلك لتأليف كتلة وطنية متماسكة، ترفض التعاون مع الألمان، وتعد العدة لاستقبال يوم الخلاص من نيرهم، ثم إيواء الطيارين البريطانيين وغيرهم من طياري الأمم المتحدة الذين ينجون من الموت عند سقوط طائراتهم في أرض العدو، وتدبير فرار هؤلاء الطيارين ومعاونتهم على اجتياز الحدود أو عبور المانش بسلام إلى شواطئ إنجلترا، كما حدث في النرويج والدانمرك وهولندة وبلجيكا وفرنسا، ثم تسهيل مرور «اللاجئين» والفارين من معسكرات الاعتقال الألمانية، كالبولنديين واليهود وأسرى الحرب، وترك الأنوار مضيئة من أعلى النوافذ «سهوا» وقت الغارات على أمل إرشاد الطائرات المغيرة إلى أهدافها.
وهكذا كثرت أساليب هذه المقاومة السلبية وتنوعت، وكانت أعظم ظهورا في البلدان التي لا تساعد جغرافيتها أو ظروفها السياسية أو وقوعها تحت رقابة جيش الاحتلال ورجال الجستابو الشديدة على إتقان أهلها أساليب المقاومة الإيجابية، ومن ثم امتازت كل من الدانمرك وهولندة وبلجيكا وبولندة وفرنسا أخيرا بإتقان أساليب المقاومة السلبية، ولو أنه مما ينبغي ذكره أن هذه البلاد جميعا قد أخذت تتحول من مجرد اتباع أساليب المقاومة السلبية الآنفة إلى القيام بأعمال التخريب على نطاق واسع والاشتباك مع العدو في معارك دامية.
وكان الدانمركيون أصحاب الفضل الأول في ظهور نوع المقاومة المعروفة باسم «إعطاء الكتف البارد للضيوف النازيين
Den Kold Skudde »، أي إهمال أمرهم، وعدم الاهتمام بهم، والتمسك بحرفية الاتفاقات الرسمية في المعاملات التي لا مناص من وجودها بين الألمان والدانمركيين، مما أحاط العلاقات المحدودة القائمة بين النازيين وأهل البلاد بجو من «البرود» الشديد، وكان الملك الدانمركي «كرستيان» نفسه زعيم هذه الحركة التي كانت تجعل النازيين يشعرون بعمق الهوة التي تفصل بينهم وبين الشعب الدانمركي كما كانت تجعل من المستحيل على هؤلاء النازيين أن ينتظروا من الدانمركيين غير العداوة الشديدة نحوهم. ومن مظاهر هذه الحركة امتناع الشابات الدانمركيات عن مخالطة الألمان أو الاجتماع بهم في المراقص وإلحاق الإهانة والأذى بأنصار المعاونة مع النازي من جماعة «فريتز كلوسن
अज्ञात पृष्ठ