اللقاء الشهري
اللقاء الشهري
शैलियों
أبو بصير مسعر حرب
الذي حصل أن الرسول ﵊ التزم بالعهد فقدم رجل إلى المدينة مسلمًا من قريش، ثم قال للرسول ﵊: إنه جاء مسلمًا مهاجرًا لا يريد الرجوع إلى قريش.
فإذا برجلين من قريش قد أتيا خلفه يطالبون برده إلى قريش، فأعطاهم الرسول ﵊ الرجل وفاءً بالعهد.
فلما كانوا في أثناء الطريق قال أبو بصير لأحد الرجلين: أرني سيفك ما أحسن هذا السيف! وما أجوده! وصار يثني على السيف، أعطني إياه أنظره، فلما أعطاه إياه سله من غمده ثم ضرب به رأس صاحبه، وإذا برأسه قد بان من جسده، وأما القرشي الآخر فقد هرب إلى المدينة خوفًا أن يقتله.
فلما هرب إلى المدينة ووصل إلى النبي ﷺ وإذا بـ أبي بصير وراءه فقال: يا رسول الله! إن الله قد أوفى بعهدك، أما العهد الذي بينك وبينهم فقد وفيت به وسلمتني إليهم، وأما أنا فأنجاني الله منهم، فلا تردني إليهم ﵁ قال النبي ﷺ: (ويل أمه مِسْعر حرب لو يجد من ينصره) تعجب منه! وقال: ليس بهين لو يجد من ينصره، ولما قال هذه الكلمة وقعت من أبي بصير موقعها وعرف أن الرسول ﷺ سوف يرده إليهم، فخرج من المدينة هاربًا ونزل على سيف البحر، وهو طريق قريش من الشام إلى مكة.
وتعرفون حاجة قريش إلى الشام، فإنه في أيام الصيف لا يتجرون إلا من الشام: ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ [قريش:١-٢] الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام.
فمكث هناك وسمع بعض رجال المسلمين الذين في مكة أن أبا بصير هناك وأنه يترصد عير قريش، وما جاء من عير أخذه، فاجتمع إليه نفر، فصار كلما جاءت عير قريش أخذوها؛ لأن مال قريش حلال، فهم كفار محاربون، ليس بينه وبين هؤلاء الذين خرج منهم عهد، فأرسلت قريش إلى رسول الله ﷺ وقالت: اكفنا شر هؤلاء النفر وردهم إلى المدينة.
فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة، فكان هذا مصداق قول الرسول ﷺ: (إن من رددناه إليهم فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا) .
هذه القصة فيها عبر عظيمة وكثيرة، تكلم على بعضها ابن القيم في زاد المعاد، وفيها منقبة لهؤلاء الصحابة ﵃.
2 / 5