50

فهو الحي المبدئ الحياة، الملك الذي لا شريك له في الملك، خالق الجنين وخالق النطفة التي ينمو منها الجنين، نافث الأنفاس الحية في كل مخلوق، بعيد بكماله قريب بآلائه، تسبح باسمه الخلائق على الأرض والطير في الهواء، وترقص الحملان من مرح في الحقول فهي تصلي له وتستجيب لأمره، ويسمع الفرخ في البيضة دعاءه فيخرج إلى نور النهار واثبا على قدميه، قد بسط الأرض ورفع السماء وأسبغ عليهما حلل الجمال، وهو ملء البصر وملء الفؤاد، وهو هو الوجود وواهب الوجود، وشعوب الأرض كلها عبيده لأنه هو الذي أقام كل شعب في موطنه ليأخذ نصيبه من خيرات الأرض ومن أيام العمر في رعاية الواحد الأحد آتون.

وقد عقد كل من هنري برستيد وآرثر ويجال

Weigall

مقارنة بين صلوات إخناتون وأحد المزامير العبرية، فاتفقت المعاني بينهما اتفاقا لا ينسب إلى توارد الخواطر والمصادفات.

ومن أمثلتها قول إخناتون: «إذا ما هبطت في أفق المغرب أظلمت الأرض كأنها ماتت، فتخرج الأسود من عرائنها والثعابين من جحورها.»

ويقابله المزمور الرابع بعد المائة وفيه: «إنك تجعل ظلمة فيصير ليل يدب فيه حيوان الوعر وتزمجر الأشبال لتخطف، ولتلتمس من الله طعامها.»

ويمضي المزمور قائلا: «... تشرق الشمس فتجتمع وفي مآويها تربض والإنسان يخرج إلى عمله وإلى شغله في المساء، ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت! والأرض ملآنة من غناك، وهذا البحر الكبير الواسع الأطراف، وهناك دبابات بلا عدد مع صغار مع كبار، هناك تجري السفن، ولوياثان «التمساح» خلقته ليلعب فيه.»

ومثله في صلوات إخناتون: «ما أكثر خلائقك التي نجهلها. أنت الإله الأحد الذي لا إله غيره، خلقت الأرض بمشيئتك، وتفردت فعمرت الكون بالإنسان والحيوان الكبار والصغار.» «... تسير السفن مع التيار وفي وجهه، وكل طريق يتفتح للسالك لأنك أشرقت في السماء، ويرقص السمك في النهر أمامك، وينفذ ضياؤك إلى أغوار البحار.» «... وتضيء فتزول الظلمة ... وقد أيقظتهم فيغتسلون ويسعون ويرفعون أيديهم إليك ... ويمضي سكان العالم يعملون.» •••

وقد خطر لويجال - كما قال في كتابه عن حياة إخناتون وعصره - أن آتون وآتوم تصحيف «أدوناي» بمعنى السيد أو الإله في اللغة العبرية، وأن إخناتون ورث آراءه من أمه وهي تنتمي إلى سلالة آسيوية من شعب يقيم بين سورية وآسيا الصغرى، حيث يعبد دوناي أو أتون، على مختلف اللهجات.

وهذا وهم جلبه التشابه في الأسماء؛ لأن «آتوم» من أقدم الأرباب المصرية في معابد رع، وقد كان رب الكون حيث لا شيء غير اللجة الطخياء المسماة في الأساطير المصرية «نون»، وجاء في الفقرة السابعة عشرة من القسم الأول في كتاب الموتى على لسانه: «... وأنا آتوم متفردا في نون، وأنا رع حيث يبزغ مع الفجر ليبسط يديه على الدنيا التي خلقها.»

अज्ञात पृष्ठ