अल्लाह काव्य इंसान
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
शैलियों
حسنا، سأبدأ من التذكير بمعلومة مفادها أن الألوهة التي أطلق عليها نبي الإسلام اسم «الله» لم تكن جديدة تماما على عرب الجزيرة؛ فهؤلاء على تنوع آلهتهم المحلية التي كانوا يعبدونها كانوا يؤمنون بالله كإله أعلى خالق للسماء والأرض ولكل ما يرى وما لا يرى، ويرون في كعبة مكة بيتا لله، وفي حجر الكعبة الأسود رمزا مرئيا له؛ ولذلك فقد كانوا يحجون إلى الكعبة مرة في كل سنة لزيارة بيت الله وأداء طقوس الحج. وقد أورد القرآن الكريم أكثر من آية تدل على عقيدة العرب هذه، ومنها:
ولئن سألتهم (أي المشركين)
من خلق السموات والأرض ليقولن الله
وهنا يجب أن أذكر بأن القرآن وصف عرب الجزيرة بالمشركين أي الذين جعلوا لله شركاء في الألوهية، ولم يدعهم بالكفار، فإذا كان الحجر الأسود رمزا لله في الجاهلية، فلماذا لا يحافظ على قداسته في الإسلام؟ (س):
ولكن البعض يرى بأن في هذا نوعا من الوثنية! (ج):
أعتقد أن مفهوم الوثنية كما يفهمه الكثيرون بحاجة إلى مراجعة؛ فكما أن إنسان عصور ما قبل التاريخ لم يعبد الشارة المقدسة ولا الحيوان الذي استمدت منه تلك الشارة، فإن إنسان العصور التاريخية لم ير في تمثال الإله أو في الحجر الذي يمثله سوى رمز مادي يدل على شيء يتجاوزه. إنه بمثابة النافذة التي إذا فتحتها ترى الشمس، ومع ذلك فإن النافذة تبقى نافذة والشمس تبقى شمسا.
إن أي إنسان تربى في ثقافة غير إسلامية أو غير يهودية لا يرى ضيرا في تقديس الصور الدينية؛ فالمسيحي يركع أمام صورة المسيح أو العذراء في الكنيسة، والبوذي يسجد على وجهه أمام تمثال البوذا؛ لأنهما يعرفان أن ما يقدسانه ليس الصورة وإنما ما وراء الصورة. أما المسلم فإنه يصاب بالذعر لرؤية إنسان راكع أمام صورة. وهنا أود أن أروي حادثة جرت معي بعد أسابيع قليلة من وصولي إلى بكين؛ فقد نظمت لي إدارة الكلية التي أقوم بالتدريس فيها جولة سياحية للتعرف على بعض معالم المدينة، وكلفت اثنين من طلابي في قسم الدراسات العليا بمرافقتي في هذه الجولة، وكان البرنامج يتضمن في إحدى فقراته زيارة لمعبد اللاما البوذي. عندما اجتزنا الباب الخارجي وولجنا إلى فناء المعبد وجدت الكثير من الزوار يشعلون البخور في مجمرة ضخمة في الوسط ثم يتجهون إلى مدخل القاعة الأولى فمشيت معهم، وهناك وجدتهم ينطرحون أرضا على جباههم أمام تمثال هائل للبوذا مصنوع من النحاس. وهنا طفت ثقافتي الإسلامية الهاجعة في اللاشعور، ووجدتني أنتفض بشدة وأقول لمرافقي بلهجة مستنكرة: «إنهم يسجدون لصورة.» لقد اجتازت هذه الجملة عقلي الواعي الذي يعرف تماما معنى السجود أمام صورة، ونطق بها لساني كأن من ينطق بها شخص آخر لا أعرفه. (س):
هنالك صنم داخل الكعبة أيام الجاهلية يدعى «هبل»، كان أكبر الأصنام، وكانت قريش تعظمه وتفضله على بقية الأصنام الأخرى؛ الأمر الذي خلق انطباعا لدى الكثيرين بأن «هبل» هو رب الكعبة، فماذا تقول في ذلك؟ (ج): «هبل» هو تمثال مستورد من بلاد الشام، شأنه شأن بقية أصنام العرب الذين لم يكونوا يجيدون فن النحت، أو أنهم اعتبروه في عداد المهن والحرف اليدوية التي لم تكن تليق بالعرب. ويذكر ابن الكلبي في كتاب الأصنام أن «هبل» كان صنما على شكل إنسان، وصل إلى مكة بعد أن كسرت ذراعه في الطريق فصنعوا له ذراعا من ذهب. أما في تفسير الاسم فإن أهل الأخبار العرب ذهبوا في ذلك مذاهب شتى، والسبب هو أن الصنم حافظ على اسمه السوري الأصلي هبعل، وهو لقب لإله العاصفة حدد ويعني الرب أو السيد. وهو يتألف من مقطعين؛ الأول هو الهاء أداة التعريف في بعض اللهجات السورية، والثاني بعل الذي يلفظ أيضا بصيغة بعلو وبل. وبما أن قبيلة قريش كانت من أصل سوري ، ولم تهاجر إلى الحجاز إلا قبل بضعة أجيال من ميلاد الرسول، فقد كانت لغتها تحتوي على الكثير من المفردات الآرامية، وبالتالي كانت تعرف معنى كلمة هبعل أو هبل. وقد أرادت من وراء استيراد هذا الصنم أن تنصب تمثالا في الكعبة لله بصيغته الجاهلية تحت لقب الرب أو السيد.
وهنا تحضرني فكرة كنت قد أوردتها في دراسة قديمة لي عن الأصول السورية للآلهة اليونانية؛ حيث تابعت اسم الإله أبوللو إلى أصله السوري هبعلو، وقلت إن دارسي الميثولوجيا اليونانية لم يتوصلوا إلى اتفاق بشأن جذر الاسم؛ لأنه لم يكن يونانيا وإنما كان سوريا. (س):
نأتي الآن إلى السؤال الهام وهو: متى، وكيف، ولماذا حلت فكرة الإله في تاريخ الدين محل فكرة القوة؟ (ج):
अज्ञात पृष्ठ