الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
प्रकाशक
دار القلم
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
शैलियों
القرآن مقررًا في علم الله تعالى مقدارُه وأنه ينزل على النبي ﷺ منجَّمًا حتى يتم، كان إنزاله بإنزال الآيات الأُول منه لأن ما ألحق بالشيء يعد بمنزلة أوله " (١).
وهذا هو الذي يقتضيه حديث بَدْء الوحي كما جاء عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ - قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ "، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ "، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ " فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ ﵂ فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ... " (٢).
فهو يدل على نزول الوحي عليه في وقت تعبده ليلًا.
وقد جاء عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الإِنْجِيلُ لِثَلاثِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْقُرْآنُ لأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ " (٣).
قال ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ): " فيحتمل أن تكون ليلة القدر في تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول اقرأ باسم ربك" (٤).
فهذه الروايات المختلفة تشير إلى أن ابتداء نزول القرآن كان ليلًا، ولا شك أن أول ما نزل من القرآن هو صدر سورة العلق.
خامسًا وسادسًا: المعوذتان:
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ". وفي رواية أخرى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) " (٥).
_________
(١) التحرير والتنوير (٣٠/ ٤٥٦) اعتنى به وخرج أحاديث عبد الحميد الدخاخني، ط: دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، ط ١، ١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: بدء الوحي، باب: بدء الوحي ح رقم ٣، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ ح رقم ٢٣٠.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ح رقم ١٦٩٨٤، والبيهقي في سننه ح رقم ١٨٤٢٩، وأبو يعلى في مسنده ح رقم ٢١٩٠، والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ح رقم ٩٥٩، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عمران بن داود القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان. وقال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث. وبقية رجاله ثقات، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة إسناده حسن ورجاله ثقات ح رقم ١٥٧٥.
(٤) فتح الباري لابن حجر (٩/ ٥) تحقيق على بن عبد العزيز الشبل، ورقم وكتبها وأبوابها وأحاديثها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ط: دار السلام، الرياض، ط ١/ ١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م.
(٥) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل قراءة المعوذتين، ح رقم ٨١٤.
1 / 51