الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
प्रकाशक
دار القلم
संस्करण
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
शैलियों
الثالث: وأيضا لما كانت المرأة تابعة للرجل في غالب الأمر لم تذكر كما لم يذكر فتى موسى مع موسى في قوله ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ [الكهف: ٧٥].
الرابع: وقيل: إنه دل بذكر التوبة عليه أنه تاب عليها إذ أمرهما سواء، قاله الحسن.
الخامس: وقيل: إنه مثل قوله تعالى ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: ١١] أي التجارة لأنها كانت مقصود القوم فأعاد الضمير عليها ولم يقل إليهما والمعنى متقارب. وقال الشاعر (١):
رَماني بِأَمرٍ كُنتُ مِنهُ وَوالِدي بِرِيًّا وَمِن أَجلِ الطَوِيِّ رَماني
وفي التنزيل ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] فحذف إيجازا واختصارا (٢).
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم﴾ [البقرة: ٣٧]، " أي إِن الله كثير القبول للتوبة، واسع الرحمة للعباد" (٣).
قال محمد بن إسحاق: " ﴿الرحيم﴾: يرحم العباد على ما فيهم" (٤).
وقال سعيد بن جبير: "رحيم بهم بعد التوبة" (٥).
قال الواحدي: " أي يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه" (٦).
قال النسفي: " ﴿التوّاب﴾ الكثير القبول للتوبة، ﴿الرحيم﴾ على عباده" (٧).
قال ابن عطية: " وبنية ﴿التَّوَّابُ﴾، للمبالغة والتكثير، وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾، تأكيد فائدته أن التوبة على العبد إنما هي نعمة من الله، لا من العبد وحده لئلا يعجب التائب، بل الواجب عليه شكر الله تعالى في توبته عليه" (٨).
واختلفت القراءة في قوله تعالى ﴿إنه﴾ [البقرة: ٣٧]، على وجهين (٩):
أحدهما: ﴿إنَّهُ﴾: بكسر الهمزة. وهي قرأءة الجمهور.
والثاني: ﴿أَنَّهُ﴾: بفتح الهمزة، قرأ بها نوفل بن أبي عقرب، ووجهه أنه فتح على التعليل، على معنى (لأنه).
قال أبو حيان: فالمفتوحة مع ما بعدها فضلة، إذ هي في تقدير مفرد ثابت واقع مفروغ من ثبوته لا يمكن فيه نزاع منازع، وأما الكسر فهي جملة ثابتة تامة أخرجت مخرج الإخبار المستقل الثابت، ومع ذلك فلها ربط معنوي بما قبلها، كما جاءت في: ﴿وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لامَّارَةُ﴾، ﴿اتَّقُوا رَبَّكُم إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ﴾، ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِم إِنَّ﴾، حتى لو وضعت الفاء التي تعطي الربط مكانها أغنت عنها، وقالوا: إن أن إنما تجيء لتثبيت ما يتردد المخاطب في ثبوته ونفيه، فإن قطع بأحد الأمرين، فليس من مظانها، فإن وجدت داخلة على ما قطع فيه بأحد الأمرين ظاهرًا، فيكون ذلك لتنزيله منزلة المتردد فيه لأمر ما" (١٠).
الفوائد:
١ من فوائد الآية: منة الله ﷾ على أبينا آدم حين وفقه لهذه الكلمات التي كانت بها التوبة؛ لقوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾.
(١) وفي رواية: بأمر كنت منه ووالدي ... بريئا ومن فوق الطوي رماني. اختلف في قائله، فقد نسبه سيبويه الى ابن أحمر، وقيل: للأزرق بن طرفة، كما نسبه الأفندي الى الفرزدق ولم نجده في ديوانه المطبوع، ومعناه واضح، وجول الطوي: جدار البئر من اعلاها الى أسفلها، وفي المثل: رماني من جول الطوي: أي رماني بما هو راجع إليه، انظر كتاب سيبويه: ج ١ ص ٧٥، وشرح شواهد الكشاف: ص ٥٤٩.
(٢) انظر: تفسير القرطبي: ١/ ٣٢٤.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٤): ص ١/ ٩٢.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٥): ص ١/ ٩٢.
(٦) التفسير البسيط: ٢/ ٤٠٩.
(٧) تفسير النسفي: ١/ ٦٠.
(٨) المحرر الوجيز: ١/ ١٣١.
(٩) أنظر: البحر المحيط: ١/ ١٤٠، والمحرر الوجيز: ١/ ١٣١.
(١٠) أنظر: البحر المحيط: ١/ ١٤٠.
2 / 201