448

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

प्रकाशक

دار القلم

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

प्रकाशक स्थान

بيروت - لبنان

शैलियों

وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك حواء -وكان خلقها من ضلعه الأيسر- الجنة وكلا منها أكلًا رغدًا واسعا لاحجر فيه من أصناف الثمار والفواكه، ولا تقربا هذه الشجرة بالأكل منها وهى الحنطة أو الكرم أو غيرهما، فتصيرا من الظالمين العاصين.
قوله تعالى ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥]، قلنا يا آدم" أسكن في جنة الخلد مع زوجك حواء" (١).
و(الجنة): هي "البستان الكثير الأشجار، وسمي بذلك لأنه مستتر بأشجاره" (٢).
وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم على قولين (٣):
أحدهما: قال الاكثرون: هي في السماء (٤).
والثاني: وقيل أنها في الأرض، إذ حكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض (٥).
قال ابن عثيمين: " ظاهر الكتاب، والسنة أنها جنة الخلد، وليست سواها؛ لأن "أل" هنا للعهد الذهني" (٦).
وإن قيل: "كيف يكون القول الصحيح أنها جنة الخلد مع أن من دخلها لا يخرج منها. وهذه أُخرج منها آدم؟
فالجواب: أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها: بعد البعث؛ وفي هذا يقول ابن القيم في الميمية المشهورة" (٧).
قال الماوردي وسُمِّيت [الأنثى]: امرأةً، لأنها خُلِقَتْ مِنَ المرءِ" (٨).
فأما تسميتها حواء، ففيه قولان (٩):
أحدهما: أنها سميت بذلك لأنها خلقت من حَيٍّ، وهذا قول ابن عباسٍ، وابن مسعود.
والثاني: أنها سميت بذلك، لأنها أم كل حيٍّ.
واختلف فيما خلقت منه حواء على قولين (١٠):
أحدهما: أنه خلقها من مثل ما خلق منه آدم وهذا قول تفرد به ابن بحر المعتزلي، وقد قال الربيع بن أنس حواء من طينة آدم واحتج بقوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ٢] (١١).
القول الثاني: وهو ما عليه الجمهور أنه خلقها من ضلع آدم الأيسر بعد أن ألقى عليه النوم حتى لم يجد لها مسا قال ابن عباس: فلذلك تواصلا ولذلك سميت امرأة لأنها خلقت من المرء (١٢).

(١) صفوة التفاسير: ١/ ٤٣.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٨.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير: ١/ ٢٣٣.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير: ١/ ٢٣٣.
(٥) انظر: تفسير القرطبي: ١/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٧) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٨) النكت والعيون: ١/ ١٠٤.
(٩) أنظر: النكت والعيون: ١/ ١٠٤.
(١٠) انظر: أعلام النبوة، الماوردي: ص ٣٨ - ٣٩.
(١١) عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (٢٣/ ١٣٤). وقوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ فيها قولان:
الأول: أن المراد بالنفس الواحدة: العين الواحدة; أي: من شخص معين، وهو آدم ﵇، وقوله: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ أي: حواء; لأن حواء خلقت من ضلع آدم. (القول المفيد على كتاب التوحيد " للشيخ العثيمين).
الثاني: أن المراد بالنفس الجنس، وجعل من هذا الجنس زوجه، ولم يجعل زوجه من جنس آخر، والنفس قد يراد بها الجنس; كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: من الآية ١٦٤] ; أي: من جنسهم.
(١٢) ال الشيخ الألباني – ﵀: وقد روى ابن سعد (١/ ٣٩) وغيره عن مجاهد في قوله تعالى: (وخلق منها زوجها)، قال: " خَلق " حواء " من قُصَيْرى آدم " - وهو أعلى الأضلاع وأسفلها، وهما " قٌصَيْريان " -.، وذكر ابن كثير في " البداية " (١/ ٧٤) عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنها خُلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم، ولأمَ مكانه لحمًا، وقال: " ومصداق هذا في قوله تعالى ... " فذكر الآية، مع الآية الأخرى: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ اِلَيْهَا ...) الآية، لكن الحافظ – أي: ابن حجر - أشار إلى تمريض هذا التفسير في شرح قوله ﷺ: (استوصوا بالنساء خيرًا فان المرأة خلقت من ضِلَع ...)، فقال (٦/ ٣٦٨): قيل: فيه إشارة إلى أن " حواء " خلقت من ضلع آدم الأيسر ".
وقال الشيخ القاري في " شرح المشكاة " (٣/ ٤٦٠): " أي: خُلقن خلقًا فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من الأضلاع، وهو عظم معوج، واستعير للمعوج صورة، أو معنى، ونظيره في قوله تعالى: ﴿خلق الإنسان من عجل. ".قلتأي الألباني-: وهذا هو الراجح عندي، أنه استعارة وتشبيه، لا حقيقة، وذلك لأمرين:
الأول: أنه لم يثبت حديث في خلق حواء من ضلع آدم - كما تقدم -.
والآخر: أنه جاء الحديث بصيغة التشبيه في رواية عن أبي هريرة بلفظ: (إن المرأة كالضِلَع " أخرجه البخاري (٥١٨٤)، ومسلم (٤/ ١٧٨)، وأحمد (٢/ ٤٢٨ و٤٤٩ و٥٣٠) وغيرهم من طرق عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان (٦/ ١٨٩/٤١٦٨ – " الإحسان ". وأحمد أيضًا (٥/ ١٦٤ و٦/ ٢٧٩) وغيره من حديث أبي ذر، وحديث عائشة ﵃." سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (١٣/ ١١٣٩، ١١٤٠).

2 / 190