الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
प्रकाशक
دار القلم
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
शैलियों
حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ ... شَلا كَمَا تَطْرُدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا
وقال: معناه، حتى أسلكوهم.
قال الزجاج: " قال أبو عبيدة: (إذ) ههنا زائدة، وهذا إقْدَام مِنْ أبي عبيدة لأن القرآن، لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بغاية تجري إلى الحق و(إذ) معناها الوقت، وهي اسم فكيف يكون لغوا " (١)
والوجه الثاني: أن (إذ) كلمة مقصورة، وليست بصلة زائدة، وفيها لأهل التأويل قولان (٢):
أحدهما: أن الله تعالى لما ذكَّر خلقه نِعَمَهُ عليهم بما خلقه لهم في الأرض، ذكّرهم نِعَمَهُ على أبيهم آدَمَ ﴿إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾، وهذا قول المفضَّل.
والثاني: أن الله تعالى ذكر ابتداء الخلق فكأنه قال: وابتدأ خلقكم ﴿إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾، وهذا من المحذوف الذي دَلَّ عليه الكلام، كما قال النمر بن تَوْلَبَ (٣):
فَإِنَّ الْمَنَّيةَ مَنْ يَخْشَهَا ... فَسَوفَ تُصَادِفُهُ أَيْنَمَا
يريد: أينما ذهب. وكما تقول العرب: " أتيتك من قبلُ ومن بعدُ ". تريد من قبل ذلك، ومن بعد ذلك. فكذلك ذلك في " إذا " كما يقول القائل: " إذا أكرمك أخوكَ فأكرمه، وإذا لا فلا ". يريد: وإذا لم يكرمك فلا تكرمه. ومن ذلك قول الآخر (٤):
فَإِذَا وَذَلِكَ لا يَضُرُّكَ ضُرُّهُ ... فِي يَوْم أسألُ نَائِلا أو أنْكَدُ
قال الطبري: " وكذلك معنى قول الله جل ثناؤه: ﴿وإذ قالَ ربك للملائكة﴾، لو أبْطِلت (إذ) وحُذِفت من الكلام، لاستحال عن معناه الذي هو به، وفيه (إذ) " (٥).
قال ابن عطية: "وقال الجمهور: ليست بزائدة وإنما هي معلقة بفعل مقدر تقديره واذكر إذ قال" (٦).
و(الملائكة): واحدها ملك، وأصله (مَلْأَك)، مهموز، حذف همزه لكثرة الاستعمال، وأنشد (٧):
فَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكن لمَلْأَكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السِّماء يَصُوبُ
وهذا قول سيبويه (٨)، وتابعه على هذا القول أكثر أهل العلم" (٩).
وأصل الملأك: الرسالة، كما قال عدي بن زيد العِبَادِيّ (١٠):
(١) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٤٣٩ وما بعدها، والنكت والعيون: ١/ ٩٣.
(٢) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٩٣.
(٣) من قصيدة محكمة في مختارات ابن الشجري ١/ ١٦، والخزانة ٤/ ٤٣٨، وشرح شواهد المغني: ٦٥، وبعده: وإنْ تتخطّاكَ أسْبابُها ... فإن قُصَاراكَ أنْ تهرمَا
(٤) البيت من شواهد الطبري: ١/ ٤٤٢، ولم أتعرف على قائله.
(٥) تفسير الطبري: ١/ ٤٤٢.
(٦) المحرر الوجيز: ١/ ١١٦.
(٧) نسبه بعضهم لعلقمة بن الفحل، يمدح الحارث بن جبلة، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، يمدح بعض الملوك، قاله أبو عبيدة، وقيل: لأبي وجزة السعدي يمدح عبد الله بن الزبير. ورد البيت في "الكتاب" ٤/ ٣٨٠، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ٤٤٤ وما بعدها، "المفضليات" ص ٣٩٤، "مجاز القرآن" ص ٣٣، "المنصف" ٢/ ١٠٢، "الجمل" للزجاجي ص ٤٧، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٢٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٨٩، "الاشتقاق" لابن دريد ص ٢٦، "اللسان" (صوب) ١/ ٢٥١٩، و(ألك) ١/ ١١١، "الدر المصون" ١/ ١٦٨.
(٨) أنظر: الكتاب: ٢/ ٣٠٨.
(٩) أنظر: التفسير البسيط: ٢/ ٣٠٨. أصلها (ملْأك)، يحذفون الهمزة منه، وينقلون حركتها إلى اللام وكانت مسكنة في حال همز الاسم. فإذا جمع الاسم ردوا الهمزة على الأصل فقالوا: (ملائكة)، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ أ، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩.
(١٠) الأغاني ٢: ١٤، والعقد الفريد ٥: ٢٦١، وفي المطبوعة " وانتظار "، وهي إحدى قصائد عدي، التي كان يكتبها إلى النعمان، لما حبسه في محبس لا يدخل عليه فيه أحد. وبعده البيت المشهور، وهو من تمامه: لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شرِقٌ ... كُنْت كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي.
2 / 161