271

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

प्रकाशक

دار القلم

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

प्रकाशक स्थान

بيروت - لبنان

शैलियों

غَمَامَتَان (١) أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ (٢) تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ " (٣).
- روي في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: " هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" (٤).
٢ - الزهراء:
كما واشتهرت تسمية السورة مع آل عمران بالزهراوين، والزهراوان أي: المضيئتان، واحدتها زهراء (٥)، ووجه تسميتهما بذلك لنورها وهدايتهما وعظيم أجرهما (٦).
وقد وردت تسميتها بذلك في حديث النبي ﷺ، فيما رواه أبو أمامة الباهلي، إذ قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ .. الحديث " (٧).
وذكر القرطبي في وجه التسمية ثلاثة أقوال (٨):
أحدها: إنهما النيرتان، مأخوذ من الزّهْر والزُّهْرة؛ فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما، أي من معانيهما.
والثاني: وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة.
والثالث: سميتا بذلك لأنهما اشتركتا فيما تضمنه اسم الله الأعظم (٩)؛ كما ذكره أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله ﷺ قال: "إن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ والتي في آل عمران ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ " (١٠) (١١).

(١) قال أهل اللغة: الغمامة والغياية، كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما. قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين.
(٢) قال النووي في شرح مسلم " ومعناهما واحد، وهما قطيعان وجماعتان، يقال في الواحد: فرق وحزق وحزيقة أي جماعة ".
(٣) أخرجه مسلم برقم/ ١٣٣٧ - بَاب فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه: (١٧٤٨): ٩/ ٨٧، والحديث بتمامه (عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ رَمَى الْجَمْرَة مِنْ بَطْن الْوَادِي فَجَعَلَ الْبَيْت عَنْ يَسَاره وَمِنًى عَنْ يَمِينه ثُمَّ قَالَ هَذَا مَقَام الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة).
(٥) انظر: اللسان، مادة (ز هـ ر): ٤/ ٣٣٢.
(٦) انظر: شرح الننوي لمسلم: ٦/ ٨٩.
(٧) أخرجه مسلم برقم/ ١٣٣٧ - بَاب فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ.
(٨) أنظر: تفسير القرطبي: ٤/ ٣.
(٩) ورد في خصوص " اسم الله الأعظم " عدة أحاديث، أشهرها:
١ - عن أبي أمامة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ: فِي " البَقَرَةِ " وَ" آلِ عِمرَانَ " وَ" طَهَ). رواه ابن ماجه (٣٨٥٦) وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه".
٢ - عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ "، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى).رواه الترمذي (٣٥٤٤) وأبو داود (١٤٩٥) والنسائي (١٣٠٠) وابن ماجه (٣٨٥٨)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ").
٣ - عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "، فَقَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ).رواه الترمذي (٣٤٧٥) وأبو داود (١٤٩٣) وابن ماجه (٣٨٥٧)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ". قال الحافظ ابن حجر ﵀: وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك. (فتح الباري: ١١/ ٢٢٥).
٤ - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ (الم. اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ).رواه الترمذي (٣٤٧٨) وأبو داود (١٤٩٦) وابن ماجه (٣٨٥٥).
والحديث ضعيف، فيه عبيد الله بن أبي زياد وشهر بن حوشب، وكلاهما ضعيف.
ثانيًا: قد اختلف أهل العلم في " اسم الله الأعظم " من حيث وجوده على أقوال:
القول الأول: إنكار وجوده أصلًا! لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه:
الوجه الأول: من قال بأن معنى " الأعظم " هو " العظيم " وأنه لا تفاضل بين أسماء الله تعالى.
قال الحافظ ابن حجر ﵀: وقد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني فقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، ونسب ذلك بعضُهم لمالك؛ لكراهيته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يُظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم: العظيم، وأن أسماء الله كلها عظيمة، وعبارة أبي جعفر الطبري: " اختلفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم والذي عندي: أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم، ولا شيء أعظم منه "، فكأنه يقول: كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم، فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم.
الوجه الثاني: أن المراد بالأحاديث السابقة بيان مزيد ثواب من دعا بذلك الاسم.
قال الحافظ ابن حجر ﵀: وقال ابن حبان: الأعظمية الواردة في الأخبار: إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك، كما أطلق ذلك في القرآن، والمراد به: مزيد ثواب القارئ.
الوجه الثالث: أن المراد بالاسم الأعظم حالة يكون عليها الداعي، وهي تشمل كل من دعا الله تعالى بأي اسم من أسمائه، إن كان على تلك الحال.
قال الحافظ ابن حجر ﵀: وقيل: المراد بالاسم الأعظم: كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقًا بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى، فإن من تأتَّى له ذلك: استجيب له، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق، وعن الجنيد، وعن غيرهما.
القول الثاني: قول من قال بأن الله تعالى قد استأثر بعلم تحديد اسمه الأعظم، وأنه لم يُطلع عليه أحدًا من خلقه، قال الحافظ ابن حجر ﵀: وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه. ينظر: " فتح الباري "، للحافظ ابن حجر (١١/ ٢٢٤).
القول الثالث: قول من أثبت وجود اسم الله الأعظم وعيَّنه، وقد اختلف هؤلاء المعينون في الاسم الأعظم على أربعة عشر قولًا! وقد ساقها الحافظ ابن حجر ﵀ في كتابه " فتح الباري " (١١/ ٢٢٤، ٢٢٥) وهي:
١. هو! ٢. الله ٣. الله الرحمن الرحيم ٤. الرحمن الرحيم الحي القيوم ٥. الحي القيوم ٦. الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام الحي القيوم ٧. بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام ٨. ذو الجلال والإكرام ٩. الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ١٠. رب رب ١١. دعوة ذي النون في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " ١٢. هو الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم ١٣. هو مخفي في الأسماء الحسنى ١٤. كلمة التوحيد " لا إله إلا الله ".
قال الشيخ الألباني ﵀: واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولًا، ساقها الحافظ في " الفتح "، وذكر لكل قول دليله، وأكثرها أدلتها من الأحاديث، وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه، مثل القول الثاني عشر؛ فإن دليله: أن فلانًا سأل الله أن يعلِّمه الاسم الأعظم، فرأى في النوم؛ هو الله، الله، الله، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم! ! .
وتلك الأحاديث منها الصحيح، ولكنه ليس صريح الدلالة، ومنها الموقوف كهذا، ومنها الصريح الدلالة؛ وهو قسمان:
قسم صحيح صريح، وهو حديث بريدة: (الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ...) إلخ، وقال الحافظ: " وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك "، وهو كما قال ﵀، وأقره الشوكاني في " تحفة الذاكرين " (ص ٥٢)، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (١٣٤١).
والقسم الآخر: صريح غير صحيح، بعضه مما صرح الحافظ بضعفه؛ كحديث القول الثالث عن عائشة في ابن ماجه (٣٨٥٩)، وهو في " ضعيف ابن ماجه " رقم (٨٤١)، وبعضه مما سكت عنه فلم يحسن! كحديث القول الثامن من حديث معاذ بن جبل في الترمذي، وهو مخرج في " الضعيفة " برقم (٤٥٢٠).
وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها، ولكنها واهية، وهي مخرجة هناك برقم (٢٧٧٢ و٢٧٧٣ و٢٧٧٥).سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (١٣/ ٢٧٩).
ثالثًا: لعل ألأقرب من تلك الأقوال أن الاسم الأعظم هو " الله "؛ فهو الاسم الجامع لله تعالى الذي يدل على جميع أسمائه وصفاته تعالى، وهو اسم لم يُطلق على أحد غير الله تعالى، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
١ - قال ابن القيم ﵀: اسم " الله " دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث ... . (مدارج السالكين: ١/ ٣٢). والدلالات الثلاث هي: المطابقة والتضمن واللزوم.
٢ - وقال ابن أمير حاج الحنفي ﵀: عن محمد بن الحسن قال: سمعتُ أبا حنيفة ﵀ يقول: اسم الله الأعظم هو " الله "، وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء، وأكثر العارفين. " التقرير والتحبير " (١/ ٥)
٣ - وقال أبو البقاء الفتوحي الحنبلي ﵀: فائدتان:
الأولى: أن اسم " الله " علم للذات، ومختص به، فيعم جميع أسمائه الحسنى.
الثانية: أنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم الذي هو متصف بجميع المحامد. (شرح الكوكب المنير: ٤)
٤ - وقال الشربيني الشافعي ﵀: وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم، وقد ذكر في القرآن العزيز في ألفين وثلثمائة وستين موضعًا. "مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج " (١/ ٨٨، ٨٩).
٥ - وقال الشيخ عمر الأشقر ﵀: والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه: (الله)، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول ﷺ إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها.
ومما يُرجِّح أن (الله) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم (٢٦٩٧) سبعًا وتسعين وستمائة وألفين - حسب إحصاء المعجم المفهرس - وورد بلفظ (اللهم) خمس مرات، في حين أنّ اسمًا آخر مما يختص بالله تعالى وهو (الرحمن) لم يرد ذكره إلا سبعًا وخمسين مرة، ويرجحه أيضًا: ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة." العقيدة في الله " (ص ٢١٣).
ويأتي في الدرجة الثانية من القوة في كونه اسم الله الأعظم " الحي القيوم "، وهو قول طائفة من العلماء، ومنهم النووي، ورجحه الشيخ العثيمين ﵀. والله أعلم
(١٠) تفسير القرطبي: ٣/ ٤.
(١١) رواه الترمذي (٣٤٧٨) وأبو داود (١٤٩٦) وابن ماجه (٣٨٥٥)

2 / 5