ऐतिहासिक पहेलियाँ
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
शैलियों
أدى زواج ماري من بوثويل إلى نهاية حكمها، ربما أكثر من جريمة قتل هنري. ورغم أن بوثويل كان لوردا صاحب نفوذ، فإنه لم يكن يملك شبكة تحالفات مع النبلاء الآخرين، والتي كانت في غاية الأهمية لملك اسكتلندي في القرن السادس عشر. أما بالنسبة إلى ماري، فقد تبخر تماما بعد الزواج ما كانت تحظى به من دعم - قوي دائما - بين اللوردات البروتستانت. ومما اعتبره كثيرون محاولة يائسة لاستعادة سمعتها، أن ماري زعمت أنها تزوجت من بوثويل لأنه اختطفها واعتدى عليها، وهي القصة التي لم يصدقها سوى قليلين.
كانت ماري في أعين المدافعين عنها في براءة مريم العذراء ... وهذا ما جعل من الصعب تفسير زواجها من الرجل المتهم بقتل زوجها. وفي الصورة المبينة هنا لوحة معاصرة تصور مشهد الاغتيال. (مكتب السجلات العامة.)
وفي يونيو عام 1567، وبدعم قطاع كبير من عامة الاسكتلنديين، هزمت مجموعة من النبلاء الغاضبين قوات ماري وبوثويل، وقاموا بسجن الملكة في قلعة لوكليفن. وبعد شهر، وافقت على التنازل عن العرش تحت وطأة عجزها عن مقاومة تهديداتهم. فتنازلت عن العرش إلى ابنها الطفل جيمس، الذي ترأس حكومته أخو ماري غير الشقيق جيمس ستيوارت، إيرل موراي. وبعد عام، فرت ماري من لوكليفن وحاولت استعادة عرشها، ولكن قوات موراي هزمت قواتها مجددا، في هذه المرة في معركة حاسمة بالقرب من جلاسجو في 13 مايو 1568. وبعد ثلاثة أيام، هربت ماري إلى إنجلترا على أمل إقناع إليزابيث بمساعدتها في إعادتها للعرش.
غير أن وجود ماري أدى إلى ارتباك المشهد بالنسبة إلى إليزابيث. فمن ناحية، كانت رؤية ملكة أطيح بها من على عرشها كفيلة بأن تجعل ملكة إنجلترا تشعر بالقلق والانزعاج. ومن ناحية أخرى، كانت إعادة ماري إلى العرش ستتطلب هزيمة الحزب الموالي للبروتستانت والإنجليز في اسكتلندا، وهو الأمر الذي كانت إليزابيث تمقت حدوثه. فقررت تعيين لجنة للتحقيق في القضية بأسرها، على أن يفيدوها بتقريرهم بعد ذلك.
كانت اللجنة هي الفرصة الأولى التي حظي بها كلا الطرفين لعرض حججهما. (فقد ألقت محاكمة بوثويل في جريمة الاغتيال - في أبريل 1567 - قليلا من الضوء على الجريمة؛ في ظل حصار المحكمة بقرابة مائتين من أنصاره المسلحين؛ ما جعل براءته مضمونة وغير منطقية.) واجتمع أعضاء اللجنة الإنجليز على مدار عامي 1568 و1569 في يورك في البداية، ثم في ويستمينستر، وأخيرا في محكمة هامبتون.
وصل موراي نفسه إلى ويستمينستر في ديسمبر عام 1568 ليرفع دعواه ضد ماري. ولكن لم تكن حججه هي ما ألهبت وقائع المحاكمة بقدر ما جلبه من أدلة. فقد أحضر موراي معه ما كان حتى وقتذاك مجرد شائعة؛ أحضر مجموعة من الخطابات والقصائد، التي زعم أن ماري كتبتها لبوثويل، وعبرت فيها عن حبها العميق له وكراهيتها الشديدة لهنري.
كان من بين ما اقتطف من الخطابات ما كتبته ماري لبوثويل عن أنها لا تريد سوى أن تكون «بين أحضانك يا حبيب العمر» (وكان ذلك بينما كان هنري على قيد الحياة). كانت على استعداد لأن تفعل أي شيء يطلبه منها؛ كل ما كان عليه فقط هو - حسب ما ورد - أن «ترسل لي أوامر بما ينبغي أن أفعل.» أما بالنسبة إلى هنري، فكانت مشاعرها التي عبرت عنها في الخطاب تجاهه واضحة؛ إذ قالت: «تبا لهذا المريض الذي يسبب لي كل هذا الإزعاج.»
كانت الخطابات تحمل إدانة بالغة؛ إذ بينت أن ماري قاتلة وعاهرة على حد سواء. ولكن ماري أنكرت أن الخطابات تخصها، وبادر المدافعون عنها في وصفها بأنها مزيفة. والحق أنه كان هناك قدر كبير من الشك بشأن هذه الخطابات. فطالب أنصار ماري بمعرفة لماذا ظلت الخطابات مختفية حتى اجتماع أعضاء اللجنة.
بحسب موراي، كانت الخطابات بحوزة حكومته منذ يونيو 1567، حين قاموا بالقبض على خادم بوثويل، جورج دالجيش، الذي قادهم بدوره إلى «صندوق مجوهرات» فضي كان يحوي الوثائق. ولكن كما أشار أنصار ماري، فقد انتظر موراي أكثر من عام قبل أن يعلن هذا الدليل الدامغ؛ الأمر الذي كان سيمنحهم قدرا وافرا من الوقت لتزوير الوثائق، ثم تقديمها لأعضاء اللجنة في اللحظة المناسبة تماما. علاوة على ذلك، ففي الوقت الذي وصل فيه موراي إلى ويستمينستر، كان دالجيش - الشخص الوحيد الذي كان بوسعه دحض هذه القصة - قد أعدم بالفعل لمعاونة بوثويل في قتل هنري.
كان محتوى الخطابات أيضا محل شك. فلم يكن أي منها يحوي تاريخا أو توقيعا؛ ومن ثم لم يكن هنالك طريقة للتأكد من أن ماري هي من كتبت الخطابات، وليس عشيقة أخرى لبوثويل. أما قصائد الحب، فكانت مكتوبة بأسلوب مختلف تماما عن شعر ماري المعروف، ويبدو أن الشاعرة، أيا كانت هويتها، كانت معجبة بثراء بوثويل، وهي عاطفة من غير المحتمل أن تراود الملكة التي كانت تفوق بوثويل ثراء إلى حد بعيد. كل ذلك أقنع العديد من أنصار ماري بأن خطابات الصندوق كانت مزيجا من وثائق مزورة بشكل صريح وأخرى حقيقية تم التلاعب فيها لتبدو خاصة بماري.
अज्ञात पृष्ठ