अल्बर्ट कैमू: एक बहुत छोटा परिचय
ألبير كامو: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
ألبير كامو (1913-1960) مواطن فرنسي ولد في الجزائر. وكان من المفترض أن يعيش هناك منذ مولده وحتى منتصف الحرب العالمية الثانية. عمل والده واسمه لوسيان كامو مراقب عمال في كرمة في مقاطعة موندوفي، التي تبعد حوالي 100 ميل إلى الشرق من الجزائر العاصمة. في الثالث عشر من نوفمبر عام 1910، تزوج لوسيان بكاثرين هيلين سينتس، وهي ربة منزل، وبعد ثلاثة أشهر ولد أخو ألبير الأكبر، الذي سمي لوسيان أيضا. ولد ألبير في موندوفي بعد حوالي ثلاث سنوات، في السابع من نوفمبر عام 1913.
يرتبط سلف عائلة كامو ارتباطا وثيقا بالوجود الفرنسي في الجزائر. تبين السجلات أن جده الأكبر لوالده، كلود كامو، جاء إلى الجزائر عام 1834، بعد الغزو الفرنسي بفترة قصيرة. أما جده لوالدته واسمه إتيان سينتس، فقد ولد في الجزائر العاصمة عام 1850، لكن زوجته كاثرين ماري كاردونا ولدت في إسبانيا. كان نسب كامو نموذجا للمواطنين الفرنسيين المولودين في الجزائر والقاطنين فيها، الذين كان يطلق عليهم بالفرنسية ما يترجم حرفيا إلى «الأقدام السوداء». في بدايات القرن العشرين، كان هذا المصطلح يطلق عادة على البحارة العرب الذين كانوا يعملون حفاة الأقدام في مستودعات الفحم الموجودة في السفن. خلال حرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962)، تحول هذا المصطلح ليرمز إلى المواطنين الفرنسيين المولودين بالجزائر والقاطنين فيها. (وسوف أشير إلى المستوطنين الفرنسيين بهذا المصطلح في بقية الكتاب.)
في الوقت الذي ولد فيه كامو، وهو عشية الحرب العالمية الأولى، كانت الجزائر إقليما فرنسيا رسميا مقسما إلى ثلاث مقاطعات (وهران، والجزائر، وقسنطينة) وثلاث مناطق عسكرية كلها تحت سلطة حاكم عام. ومع ذلك، كانت الجزائر مقسمة فعليا إلى قسمين. أحدهما كان منطقة فرنسية يقطنها 750 ألفا من «البيد نوار»، يتمتعون بكل الحقوق والحماية التي تقدمها الجمهورية الفرنسية. كانوا مواطنين فرنسيين، متساوين تحت مظلة نظام قانوني واحد؛ فكان لهم الحق في التصويت، ويعيشون تبعا لشعار الثورة الفرنسية الشهير: الحرية، والمساواة، والإخاء. أما القسم الآخر، فهو إقليم محتل، يسكنه 4,7 ملايين «مسلم» كما كان يطلق عليهم رسميا في التعداد الفرنسي. لم يكن هؤلاء الرجال والنساء مواطنين فرنسيين (رغم أن كل واجبات الرعايا الفرنسيين كانت مفروضة عليهم)، وكانوا يعيشون تحت وطأة مجموعة من قوانين العقوبات التي جعلت من الصعب عليهم تلقي التعليم، أو كسب العيش، أو التحدث بلغتهم، أو ممارسة شعائرهم الدينية، أو تملك أرض. (لأغراض هذا الكتاب، سنطلق عليهم اسم الجزائريين (الذين يتضمنون العرب والبربر)، لكن السلطات الفرنسية كانت عادة ما تشير إليهم ب «السكان الأصليين» أو المسلمين.)
كان تاريخ التدخل الفرنسي في شئون الجزائر قد مضى عليه 100 عام تقريبا في الوقت الذي ولد فيه كامو. فقد اجتيحت الجزائر عام 1830 على يد جيش الملك شارل العاشر، وكان ذلك في الأصل محاولة للإلهاء عن الاعتراضات الداخلية على مشروعية حكمه. بعد الغزو تنامى الوجود الفرنسي تدريجيا. وحتى عام 1870 كانت الجزائر تحت سيطرة الجيش الفرنسي، يتتابع الجنرالات على حكمها. كان غزو فرنسا للجزائر طويلا وممتدا، ويقدر بعض المؤرخين أن ما يربو على 6 ملايين جزائري ماتوا خلال المائة عام التي دام فيها الاحتلال.
خلال الغزو، استولى الفرنسيون على ملايين الأفدنة من أراضي الجزائريين، واقتلعوا منها المحاصيل بالكامل. (كالعادة، استبدلوا بأشجار الزيتون الكروم لإنتاج النبيذ لفرنسا.) خلال تلك الفترة وسعيا لإحكام السيطرة على الأقاليم، لجأ الفرنسيون إلى تدمير قرى بأكملها وقتل الكثيرين من قاطنيها (في ممارسة يطلق عليها «الغارة»)، وأجبروا المقاتلين على اللجوء إلى الكهوف، التي أشعلوا النار في مداخلها، فقتلوا من بداخلها خنقا (بالدخان). كانت السلطات تجيز تلك الممارسات رسميا، ويثني عليها أعلام الثقافة في تلك الفترة، ومن بينهم ألكسيس دي توكفيل، الذي كتب في تقرير له عن الجزائر: «أرى أن قوانين الحرب تتيح لنا نهب البلاد، وينبغي لهذا أن يحدث إما عن طريق تدمير المحاصيل ... وإما بتلك التوغلات السريعة التي نطلق عليها «غارات» ...»
نتيجة لذلك، اندلع العديد من الانتفاضات والثورات ضد الحكم الفرنسي، أكبرها هي التي استمرت ست سنوات وقادها عبد القادر، الذي هزم الحاكم العام توماس-روبير بيجو، قبل أن ينتهي به الأمر أسيرا لدى الفرنسيين عام 1847. وبحلول عام 1871، فشلت آخر الانتفاضات الكبرى. وقد حكمت حكومات مدنية فرنسية الجزائر طيلة ثلاثة وثمانين عاما تالية، وذلك حتى السنة الأولى من حرب الاستقلال الجزائرية عام 1954.
ربما لم يعرف كامو بوصفه طفلا التاريخ الحقيقي لغزو الجزائر واحتلالها. فقد قدم النظام التعليمي الفرنسي مجموعة من الحقائق «الرسمية» البديلة؛ «السكان الأصليون هم من أشعلوا فتيل الهجمات الفرنسية عليهم»، وهي عبارة معتادة في كتب التاريخ الفرنسية في عشرينيات القرن العشرين، الكتب التي تمسكت بالثناء على «الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية المهيبة»، وأغفلت أي ذكر ل «الغارات» و«التسميم بالدخان» ومصادرة الأراضي. دامت حالة الإنكار تلك سنوات عديدة، ولم تعترف فرنسا بحرب الاستقلال الجزائرية رسميا إلا عام 2002.
ما لم يستطع كامو اليافع تجاهله وشرع في التصدي له في منتصف العشرينيات من عمره هو كون الجزائريين مواطنين من الدرجة الثانية. فبعد قمع الانتفاضة الأخيرة عام 1871، وبعد سقوط نابليون الثالث، شهدت الجزائر المحتلة تغييرا جذريا. ففي ظل حكم الجمهورية الثالثة، أهملت تماما السياسة العسكرية التي تنتهج التعاون مع زعماء قبائل العرب والبربر، ومارست القيادة المدنية الجديدة سلطتها المباشرة على العرب والبربر من خلال قوانين السكان الأصليين. على النقيض من القانون المدني الذي كان وما زال ممثلا للسيادة القانونية على المواطنين الفرنسيين، عرض قانون السكان الأصليين - الذي وضع حيز التنفيذ عام 1881، وأبطله الرئيس شارل ديجول جزئيا عام 1944 - قوانين تأديبية وأحكاما خاصة بالعرب والبربر. وعلى غرار العبيد المحررين في جزر الكاريبي الفرنسية، كان على الجزائريين أن يحصلوا على إذن للسفر خارج قراهم. كما كانت الممارسات الدينية الإسلامية تدخل باطراد تحت سيطرة الدولة الفرنسية (على سبيل المثال، أغلق العديد من الكتاتيب، ونادرا ما كان يسمح بالحج إلى مكة)، ولم تدعم محاكم المسلمين - التي يترأسها قضاة فرنسيون - حق الاستئناف قط. وكان على غير الأوروبيين دفع «ضريبة عربية» إضافية خاصة، ولم يسمح للجزائريين بالتصويت في أي انتخابات.
في الدليل الإرشادي المعياري للقوى الاستعمارية، تمثلت إحدى الإجراءات التقليدية في تجنيد أقلية عرقية أو جماعة دينية عن طريق منحهم وضعا اجتماعيا يتمتع بامتيازات للمساعدة في حكم الأرض المستولى عليها. جربت فرنسا هذا الإجراء مع اليهود الجزائريين، رغم أنها فشلت فشلا ذريعا في البداية. كان لليهود الذين يعيشون في الجزائر (أطلقت عليهم الحكومة الفرنسية السكان الأصليين الإسرائيليين) الوضع القانوني نفسه الخاص بالعرب والبربر، ولم يعتبروا مواطنين فرنسيين. عام 1869، منحوا الجنسية الفرنسية لكن جميعهم تقريبا رفضوها؛ فمعظمهم كان يتحدث العربية، ولم تكن لديهم روابط تجمعهم بفرنسا أكثر من أي شعوب أصلية أخرى تقطن الجزائر؛ كانوا ينتمون إلى العرب ثقافيا وعرقيا ولغويا.
نظرا لعدم الاكتراث الذي واجهته من جانب اليهود الجزائريين والذي اعتبرته رفضا، أعلنت الحكومة الفرنسية منفردة أن جميع اليهود الجزائريين مواطنون فرنسيون في أكتوبر عام 1870. أطلق مرسوم كريميو الشهير الخاص بالتجنيس الجماعي العنان لسيل من معاداة السامية من الأقدام السوداء نحو اليهود الجزائريين. كانت الأقدام السوداء من جميع الأحزاب السياسية خائفة حقا من كون تجنيس اليهود الجزائريين نذيرا لأمور أخرى؛ باختصار، أنه قد ينتهي الحال بتجنيس العرب والبربر أيضا، وحينها سيكون وضعهم المتميز في الجزائر الفرنسية مهددا.
अज्ञात पृष्ठ