وكادت تفر دمعة من عين قريبه وهو يقول: أنا حرامي يا محمد؟ الله يسامحك يا محمد يا ابن أمي وأبويا، تقول عليا حرامي يا محمد وأنا أخوك؟!
وسألت المريض: عارف بلدكو اسمها إيه يا عم محمد؟ - عايزين ياكلونا بالحيا. بلدنا بلد الفقر والعنطزة هناك ع الترعة، وعندها محطة وسبيل. والعمارات 4 في باب الحديد و3 في ستنا نفيسة، وعقد البيع جاهز على الإمضا، ومش ممكن أقل من خمسة صاغ الواحدة.
وسألته: إنت متجوز يا عم؟
واستمر: ويجيني المشتري لحد عندي. كتفوني امبارح وحطوني في شوال، وقالوا تجوز أمك يا تتنازل عن العمارات.
وتدخل قريبه: عيب كله إلا أمك يا محمد.
ثم التفت إلي وأكمل: ده مجوز ومخلف رجالة وسيبينه كده، وأنا اللي بصرف عليه وحياة الحسين.
وعدت أسأله: لك أولاد، صحيح يا عم محمد؟
واستمر يهمهم: أتنازل ازاي؟ ما اتنازلش. أنا مليش أولاد، أنا ليا عمارات بس، ولازم أبيع النهاردة وأقبض التلاتة صاغ كاش!
وأخرجت الاستمارة من درج المكتب استعدادا لملئها.
وفي العادة كنت إذا وصلت إلى هذا الحد وتأكدت من المرض، تنتابني موجة من اليأس، فأهاود المريض على عقله، وأمزح معه، وأحدثه بأي كلام قد يخطر لي على بال، وكأني أعتذر له سرا؛ لأني سأثبت في الاستمارة حالا أنه مجنون.
अज्ञात पृष्ठ