الاستغراب
الاستغراب
शैलियों
وتأتي أهمية دراسة الغرب لمواجهة حالة الانبهار التي أصابت كثيرًا من أبناء الأمة الإسلامية، حيث ظهر من أبناء المسلمين من درس في الغرب ورجع إلينا متشبعًا بالروح الغربية حريصًا على تقليد الغرب في كل شيء، فقد علّمتنا التجارب ومواضي الحوادث بأن المقلدين من كل أمة المنتحلين أطوار غيرها يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء عليها، ... ويصير أولئك المقلدون طلائع لجيوش الغالبين وأرباب الغارات يمهدون لهم السبيل يفتحون الأبواب ثم يثبتون أقدامهم ويمكنون سلطانهم.
فكان لابد من معرفة الغرب معرفة حقيقية: " ففي مثل هذه الأجواء يجب الاستمرار في دراسة الغرب والاطلاع على عوراته وعيوبه وتبصير الأمة بها ولا بد كذلك من دراسة إيجابيات الغرب فإن للسلف أقوالًا في وصف أعدائهم لم يمنعهم الإسلام من ذكر محاسنهم وهذا ما جاء في قوله تعالى ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٨] [المائدة: ٨.]، ... إننا بحاجة لدراسة الغرب كيف نهض نهضته الصناعية المدنية، وكيف بنى مؤسساته ثم كيف بدأ الانهيار حتى نأخذ بأسباب الانطلاق ونتجنب أسباب الانهيار" (^١).
وحين نريد دراسة الغرب ومؤسساته وهيئاته لأمرين، فالأول: أمر له أهميته الخاصة وهو أن هذه الأمة هي أمة الدعوة والشهادة؛ فإن الأنبياء ﵈ قبل نبينا محمد ﷺ كانوا يُكَلّفون بدعوة أقوامهم بينما الدعوة الإسلامية موجهة إلى العالم أجمع، وقد كلّف المسلمون جميعًا بحمل هذه الأمانة قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)﴾ [يوسف: ١٠٨]، وجاء من حديث سهل بن سعد ﵁ عن النبي ﷺ قال: (والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم) (^٢).
والثاني: نحن بحاجة للأخذ بأسباب القوة المادية التي وصلوا إليها، والله ﷾ يقول: ﴿يُعْجِزُونَ (٥٩) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ﴾ [الأنفال: ٦٠].
(^١) مازن مطبقاني." بل لابد من دراسة الغرب ونقده." في المدينة المنورة، عدد ١١٢٥٦، ١٣ شعبان ١٤١٤ (٢٤ يناير ١٩٩٤). (^٢) صحيح البخاري رقم ٣٠٠٩.
1 / 12