وإنما معنى الكلام: ولا تمسك يا محمد يدك بخلا عن النفقة في حقوق الله، فلا تنفق فيها شيئًا، إمساك المغلولة يده إلى عنقه، الذي لا يستطيع بسطها. ﴿وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ (الإسراء: من الآية ٢٩) يقول: ولا تبسطها بالعطية كل البسط، فتبقى لا شيء عندك، ولا تجد إذا سئلت شيئًا تعطيه سائلك. ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ (الإسراء: من الآية ٢٩) يقول: فتقعد يلومك سائلوك إذا لم تعطهم حين سألوك، وتلوم نفسك على الإسراع في مالك وذهابه (١) .
ومما يدل على الوسطية في النفقة قوله - تعالى -: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ (الطلاق: من الآية ٧) . وهذا من الوسطية النسبية التي يراعى فيها حال المنفق، وما جرت العادة به ونحو ذلك.
(١) - انظر: تفسير الطبري (١٥ / ٧٦) .