وفي إطار تقرير منهج الوسطيَّة في العقيدة يأتي قوله - تعالى - ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ (البقرة: من الآية ١٣٠) . وملّة إبراهيم، ﵇، هي الملة الحنيفيَّة السمحة لا إفراط فيها ولا تفريط.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طرق الضلالة والغي فأيّ سفه أعظم من هذا؟! قال أبو العالية وقتادة: نزلت هذه الآية في اليهود، أحدثوا طريقًا ليست من عند الله، وخالفوا ملة إبراهيم فيما أحدثوه، ويشهد لصحة هذا القول قوله - تعالى -: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (آل عمران:٦٧) (١) .
وفي سورة يونس ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ (يونس: من الآية ١٠٥) . قال ابن كثير: أي أخلص العبادة لله وحده، ﴿حَنِيفًا﴾ (يونس: من الآية ١٠٥) أي منحرفًا عن الشرك، ولهذا قال: ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (يونس: من الآية ١٠٥) (٢) .