التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
100

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

प्रकाशक

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

संस्करण संख्या

١٣٧٧ هـ

प्रकाशन वर्ष

١٩٥٧ م

प्रकाशक स्थान

مصر

وقَوْله تَعَالَى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] إلَّا أَنْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ نَحْوُ أَكَلْت الْخُبْزَ، وَشَرِبْت الْمَاءَ)، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ تَعْرِيفُ الْمَاهِيَّةِ إلَى الْقَرِينَةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي اللَّامِ الْعَهْدُ ثُمَّ الِاسْتِغْرَاقُ ثُمَّ تَعْرِيفُ الْمَاهِيَّةِ. (وَمِنْهَا النَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى﴾ [الأنعام: ٩١] فِي جَوَابِ ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] وَجْهُ التَّمَسُّكِ أَنَّهُمْ قَالُوا ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِلسَّلْبِ الْكُلِّيِّ لَمْ يَسْتَقِمْ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ الْإِيجَابُ الْجُزْئِيُّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى﴾ [الأنعام: ٩١] . (وَلِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَالنَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ إذَا كَانَ) أَيْ الشَّرْطُ (مُثْبَتًا عَامًّا فِي طَرَفِ النَّفْيِ فَإِنْ قَالَ: إنْ ضَرَبْت رَجُلًا فَكَذَا مَعْنَاهُ لَا أَضْرِبُ رَجُلًا لِأَنَّ الْيَمِينَ لِلْمَنْعِ هُنَا) اعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ إمَّا لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْمَنْعِ فَفِي قَوْلِهِ إنْ ضَرَبْت رَجُلًا فَعَبْدِي حُرٌّ الْيَمِينُ لِلْمَنْعِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ لَا أَضَرِبُ رَجُلًا فَشَرْطُ الْبِرِّ أَنْ لَا يَضْرِبَ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ فَيَكُونُ لِلسَّلْبِ الْكُلِّيِّ فَيَكُونُ عَامًّا فِي طَرَفِ النَّفْيِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ ــ [التلويح] مَرْتَبَةٍ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ قَوْلٌ بِعَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ [مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ الْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ] (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ فَهُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَّا أَنْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِنَا الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ أَوْ لِلْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ كَمَا فِي أَكَلْت الْخُبْزَ، وَشَرِبْت الْمَاءَ فَإِنَّهُ لِلْبَعْضِ الْخَارِجِيِّ الْمُطَابِقِ لِلْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ، وَهُوَ الْخُبْزُ، وَالْمَاءُ الْمُقَدَّرُ فِي الذِّهْنِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ، وَيُشْرَبُ، وَهُوَ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ كَذَا ذَكَرَ الْمُحَقِّقُونَ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ مَا لَمْ يُسْبَقْ ذِكْرُهُ كَقَوْلِك لِلْغُلَامِ قَدْ دَخَلْت الْبَلَدَ، وَتَعْلَمُ أَنَّ فِيهِ سُوقًا أَدْخُلُ السُّوقَ إشَارَةً إلَى سُوقِ الْبَلَدِ، وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مَعْهُودٌ خَارِجِيٌّ لِكَوْنِهِ إشَارَةً إلَى مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [العصر: ٢ - ٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] أَيْ الَّذِي سَرَقَ، وَاَلَّتِي سَرَقَتْ نَبَّهَ بِالْمِثَالَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّامِ هَاهُنَا أَعَمُّ مِنْ حَرْفِ التَّعْرِيفِ، وَاسْمُ الْمَوْصُولِ مَعَ مَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الصِّيغَةِ لِلْعُمُومِ [مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ النَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ] (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ، وَمِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ النَّكِرَةُ الْوَاقِعَةُ فِي مَوْضِعٍ، وَرَدَ فِيهِ النَّفْيُ بِأَنْ يَنْسَحِبَ عَلَيْهَا حُكْمُ النَّفْيِ فَيَلْزَمُهَا الْعُمُومُ ضَرُورَةَ أَنَّ انْتِفَاءَ فَرْدٍ مُبْهَمٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِانْتِفَاءِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِالنَّكِرَةِ الْوَاحِدُ بِصِفَةِ الْوَاحِدَةِ فَيَرْجِعُ النَّفْيُ إلَى الْوَصْفِ فَلَا تَعُمُّ مِثْلُ مَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ بَلْ رَجُلَانِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَعَ مِنْ ظَاهِرَةٍ أَوْ مُقَدَّرَةٍ كَمَا فِي مَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ فَهُوَ لِلْعُمُومِ قَطْعًا، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ إنَّ قِرَاءَةَ ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] بِالْفَتْحِ تُوجِبُ الِاسْتِغْرَاقَ، وَبِالرَّفْعِ تُجَوِّزُهُ، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى عُمُومِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى﴾ [الأنعام: ٩١]

1 / 101