Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
प्रकाशक
دار الفكر العربي
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1398 अ.ह.
بالجدل وأساليبه، وقد بهت أهل الرأي في أول التقائه بهم في بغداد سنة ١٨٤. ويقول الرازي في ذلك: الناس كانوا قبل زمان الشافعي فريقين، أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، أما أصحاب الحديث فكانوا حافظين لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم كانوا عاجزين عن النظر والجدل، وكلما أورده عليهم أحد من أصحاب الرأي سؤالًا أو إشكالًا سقطوا في أيديهم عاجزين متحيرين، وأما أصحاب الرأي فكانوا أصحاب النظر والجدل، إلا أنهم كانوا عاجزين عن الآثار والسنن، وأما الشافعي رضي الله عنه، فكان عارفًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم محيطًا بقوانينها، وكان عارفًا بآداب النظر والجدل قويًا فيه، وكان فصيح الكلام، قادرًا على قهر الخصوم بالحجة الظاهرة، وآخذًا في نصرة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من أورد عليه سؤالًا أو إشكالًا أجاب عنه بأجوبة شافية كافية، فانقطع بسببه استيلاء أهل الرأي على أصحاب الحديث.
ولما أصل الأصول ووضع القواعد، وجد أن بعض الفقهاء من أهل الحجاز يخرج على هذه الأصول، ولا يتقيد بها، ومنهم شيخه، فوجده يأخذ بالأصل، ويترك الفرع، ويأخذ الفرع، ويترك الأصل، فجادل أهل الحجاز أيضًا، وبذلك قضى حياته كلها في نضال لأجل فقه هذه الشريعة، وفي سبيلها ولأجل الحق، وفي سبيل الحق، حتى لقد زعم بعض المؤرخين أنه مات في سبيل ذلك(١) فكان بحق إمام الشريعة في عصره.
(١) جاء في معجم ياقوت: (كان بمصر رجل من أصحاب مالك بن أنس يقال له فتيان فيه حدة وطيش وكان يناظر الشافعي كثيرًا، ويجتمع الناس عليهما فتناظر يومًا في مسألة بيع الحر وهو العبد المرهون إذا أعتقه الراهن، ولا مال له غيره فأجاب الشافعي، بجواز بيعه على أحد أقواله، ومنع فتيان منه، لأنه يمضي عتقه بكل وجه، وهو أحد أقوال الشافعي، فظهر عليه الشافعي في الحجاج، فضاق فتيان لذلك ذرعًا، فشتم الشافعي شتمًا قبيحًا، فلم يرد عليه الشافعي حرفًا، ومضى في كلامه في المسألة، فرفع ذلك رافع إلى السري (الوالي) فدعا الشافعي، وسأله عن ذلك، وعزم عليه فأخبره بما جرى، وشهد الشهود على فتيان بذلك، فقال السري: لو شهد آخر مثل الشافعي على فتيان لضربت عنقه، وأمر بفتيان فضرب بالسياط وطيف به على جمل وبين =
32