Al-Sahih Al-Musbur Min Al-Tafsir Bil-Ma’thur
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
प्रकाशक
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
प्रकाशक स्थान
المدينة النبوية
शैलियों
ـ[موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور]ـ
المؤلف: أ. د. حكمت بن بشير بن ياسين
الناشر: دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
الطبعة: الأولى، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
عدد الأجزاء: ٤
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي، وضمن خدمة مقارنة التفاسير]
अज्ञात पृष्ठ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الطبري مصنف "جامع البيان":
إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته؟.
انظر معجم الأدباء ١٨/٦٣
وقال ابن أبي حاتم الرازي مصنف "تفسير القرآن العظيم مسندًا عن الرسول ﷺ والصحابة والتابعين":
فلما لم نجد سبيلًا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله ﷺ إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
وقال أيضًا:
فإن قيل كيف السبيل إلى معرفة ما ذكرت من معاني كتاب الله ﷿ ومعالم دينه؟ قيل: بالآثار الصحيحة عن رسول الله ﷺ وعن أصحابه النجباء الألباء الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل ﵃. فإن قيل فبماذا تعرف الآثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله ﷿ بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة، في كل دهر وزمان.
تقدمة الجرح والتعديل ص ٢، ٥
1 / 4
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
[[أهمية علم التفسير بالمأثور]]
أما بعد: فإن علم التفسير من أجلِّ العلوم وأفضلها وأشرفها باعتبار أساسه وتاريخه وموضوعه وغايته، فأساسه: القرآن الكريم والحديث الشريف، وتاريخه: أول العلوم الإسلامية. وموضوعه: كلام الله تعالى. وغايته: معرفة معانيه وإدراك مراميه. وسنام هذه المعرفة: التفسير بالمأثور لأهميته الكبرى في فهم القرآن العظيم، لأنه تفسير من رب العالمين، أو من رسوله الأمين، أو تفسير صحابي شهد التنزيل وعرف التأويل، (١) أو تفسير تابعي نهل من مدرسة النبوة عن الصحابة المفسرين النابغين.
فلابد من التفسير بالمأثور لمن أراد أن يستجيب لله تعالى فيتدبر كلام الله، وكذا لمن أراد أن يفسر بالرأي يتحتم عليه أن يطلع على معرفة: أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، والغريب، والمشكل، والوقف والابتداء، والقراءات وأوجهها، والقراءات الشاذة التفسيرية، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، والأحاديث المخصصة للعام، والمقيدة للمطلق ... وهذه العلوم لا تؤخذ إلا بالنقل الصحيح ولا تنفك عن التفسير بالمأثور بل هي نابعة منه
ولما أوجب الله ﷿ علينا أن نعمل بهذا القرآن بالاستجابة لأوامره والازدجار عن نواهيه والاعتبار بقصص الأمم السالفة ... فقد كان لزامًا أن نتدبر معاني هذا القرآن وأن ندرك مراميه لنعمل به ونتحرى ما ثبت في تفسيره لنستقيم على نهجه.
_________
(١) المراد بالتأويل: التفسير. وما ذكر اقتباس من الحديث الثابت في دعاء الرسول ﷺ لابن عباس ﵄: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". رواه أحمد في المسند ١/٣٢٨.
1 / 5
ولهذه الأمة تجربة خالدة حينما تدبرت هذا القرآن وأخذته بقوة، حيث أسعفها في طفرتها الكبرى حينما انتشلها من دياجير الجاهلية إلى مشاعل النور (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (١) فلما التزمت بهدية هداها، ولما تركته تركها كما نرى الحال في هذا الزمان.
وبما أن العلماء هم الذين ينصحون الأمة ويحذرونها من مغبَّة البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ فقد صدرت نداءاتهم المتكررة في كل زمان وحثهم الأمة على العودة إلى القرآن والسنة وغالبًا ما يواكب هذه النداءات الدعوة لتنقية التفسير من الدخيل بأنواعه أو تصنيف تفسير نقلي بعدما ثبت فشل المدرسة العقلية -عندما زهدت بالأحاديث والآثار الصحيحة إذ لابد من الاستفادة منها- (٢)، وذلك من خلال نصائح العلماء وطلاب العلم والمثقفين، وهو مطلب مهم لأن التفسير علم جامع للقرآن والسنة.
وإن جنديًا من جنود القرآن والسنة ليدرك من غير شك أهمية هذا المطلب الإسلامي والمسؤولية التي تناط به وخصوصًا في عصرنا الحاضر، وآمل ساعيًا أن أحقق أملًا من الآمال التي تعقد على طلاب العلم.
من أجل هذا المنطلق جاءت فكرة تصنيف هذا الكتاب حيث قررت أن أجمع كل ما صح إسناده من التفسير بالمأثور؛ لأن الرواية التفسيرية الصحيحة تتقبلها النفوس -إن كانت صادقة- بكل اطمئنان وتأخذها بقوة وجدية، وخصوصًا إذا كانت الرواية من الصحيحين أو على شرطهما أو على شرط
_________
(١) الإِسراء ٩.
(٢) وقد صنف فضيلة د. فهد الرومي في هذا الموضوع كتابًا بعنوان: منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير.
1 / 6
أحدهما، أو صحح تلك الرواية بعض النقاد المعتمدين. ويكفينا تجربة تقبل الصحيحين (١) . وهذا التقبل والأخذ يقوي صلة المسلم بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم، وفي الوقت نفسه إن جمع الروايات التفسيرية الصحيحة يؤدي إلى تنقية التفسير من الدخيل بأنواعه، وفي هذا الجمع غربلة لجميع الروايات التفسيرية الثابتة الموجودة في كتب التفسير المسندة المطبوعة والمخطوطة، والموجودة في الكتب المسندة في العلوم الأخرى والتي سيأتي ذكرها في الحواشي والمصادر، وطريقة هذه الغربلة بنقد جميع الأسانيد لتلك الروايات وخصوصًا للأسانيد المتكررة كثيرًا، فقد أفردت لها دراسة نقدية خاصة بها كما سيأتي في آخر هذه الديباجة.
هذا ومن فضل الله تعالى ومَنِّه أن هيأ الأسباب لهذا العمل حيث قيض لهذه الأمة في كل عصر ومصر من يقوم بنشر هذا العلم والعناية به، فخلفوا لنا تركة من كتب التفسير المسندة التي خزنت وحفظت كتب السابقين، وهذه من خصائص هذه الأمة.
وإن تكفلَ الله تعالى القرآن بالحفظ والبيان لمن أعظم ما خص الله تعالى هذه الأمة من الفضيلة والشرف حيث قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٢) وقال أيضًا: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) . (٣) وَعَدَ سبحانه -ووعده حق-، فبَيّن وفصّل بأدق أساليب الفصاحة والبلاغة، قال تعالى (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٤) .
_________
(١) ولا أدعي أن هذه الروايات وصلت مرتبة الصحيحين إلا أن جزءًا كبيرًا مأخوذ من الصحيحين أو من كتب أسانيدها على شرطهما أو على شرط أحدهما وذلك في مجال التفسير النبوي.
(٢) سورة الحجر ٩.
(٣) سورة القيامة ١٧-١٩.
(٤) سورة فصلت ٣.
1 / 7
وقال ﷿ أيضًا: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (١) .
[[نبذة عن نشأة التفسير بالمأثور]]
كما جعل الله تعالى سنة رسوله ﷺ بيانًا للقرآن وتطبيقًا له في أقواله ﷺ وأفعاله، ليكون الرسول ﷺ الأسوة الحسنة كما قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) (٢) .
وأوحى الله تعالى إلى رسوله ﷺ أن يبين للأمة ما تحتاج إلى بيانه فقال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٣) . وقد قام الصادق المصدوق ﷺ بأداء الأمانة فبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الغمة. (فكان رسول الله ﷺ هو المبيِّن عن الله ﷿ أمره، وعن كتابه معاني ما خوطب به الناس، وما أراد الله ﷿ به وعنى فيه، وما شرع من معاني دينه وأحكامه وفرائضه وموجباته وآدابه ومندوبه وسننه التي سنَّها، وأحكامه التي حكم بها وآثاره التي بثها. فلبث ﷺ بمكة والمدينة ثلاثًا وعشرين سنة، يقيم للناس معالم الدين، يفرض الفرائض، ويسن السنن، ويمضي الأحكام ويحرم الحرام ويحل الحلال، ويقيم الناس على منهاج الحق بالقول والفعل. فلم يزل على ذلك حتى توفاه الله ﷿ وقبضه إليه ﷺ وعلى آله أفضل صلاة وأزكاها، وأكملها وأذكاها، وأتمها وأوفاها فثبت ﵇ حجة الله ﷿ على خلقه بما أدى عنه وبين، وما دل عليه من محكم كتابه ومتشابهه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما بشر وأنذر.
_________
(١) سورة البقرة ٢١٩ وقال الطبري عند هذه الآية: أي كما بينت لكم أعلامي وحججي وهي (آياته) في هذه السورة، وعرفتكم فيها ما فيه خلاصكم من عقابي، وبينت لكم حدودي وفرائضي، ونبهتكم فيها على الأدلة على وحدانيتي، ثم على حجج رسولي إليكم، فأرشدتكم إلى ظهور الهدي فكذلك أبين لكم في سائر كتابي الذي أنزلته على نبيي محمد ﷺ آياتي وحججي وأوضحها لكم لتتفكروا في وعدي ووعيدي وثوابي وعقابي ... (التفسير ١/٣٤٧-٣٤٨) .
(٢) سورة الأحزاب ٢١.
(٣) سورة النحل ٤٤.
1 / 8
قال الله ﷿ (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» (١) (٢) .
[[نبذة عن مراحل التفسير بالمأثور ومنهج الصحابة والتابعين فيه]]
وما أن فاضت روحه ﷺ لتلحق بالرفيق الأعلى إلا ومدرسة النبوة قد بدأت تتحمل هذه المسؤولية من خلال تلك الصفوة التي تهذبت وتربت ونهلت من ذلك البيان، واشتهر منهم في علم التفسير جماعة كالخلفاء الراشدين وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت وأُبي بن كعب وأبي موسى الأشعري وعبد الله ابن الزبير (٣)، ومنهم المكثرون كابن عباس وابن مسعود، ومنهم من لم يكثر وذلك بسبب تقدم وفاتهم أو انشغالهم في الإعداد والإدارة والجهاد، وقد نالوا -رضوان الله عليهم- الحظ الأوفر من ذلك الهدي والبيان النبوي، فتلقوه بكل همة وحفظوه وطبقوه بدقة وأمانة، ثم قدموه إلى من بعدهم من التابعين فنشروا ما علموه بحكمة وصيانة مع التحري والتدقيق.
(وتلقى التابعون التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة) (٤)، وقد قام التابعون الذين تحملوا هذا العلم بواجبهم تجاه هذا القرآن العظيم، فكرسوا اهتمامهم وبذلوا جهودهم لتلقي ما ورد من آثار لبيان معاني ومرامي هذا القرآن الكريم، فعرفوا تفسيره وأسباب نزوله، وفضائله وأمثاله، وأحكامه وأقسامه، وغريبه ومعربه، وبينوا المحكم من المتشابه، والناسخ والمنسوخ، والعموم من الخصوص، والمفصل من المجمل، والمقدم من المؤخر، والمطلق من المقيد.
_________
(١) سورة النساء١٦٥.
(٢) قاله أبن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل ص ٢.
(٣) انظر مقدمة في أصول التفسير ص ٤٠، ٤١ والإتقان ٢/٢٣٩.
(٤) انظر مقدمة في أصول التفسير ص ١٠.
1 / 9
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان من أعظم ما أنعم الله عليهم اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم: فيه نبأ من قبلهم، وخبر ما بعدهم، وحكم ما بينهم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، فلا يستطيع أن يزيغه إلى هواه، ولا يحرف به لسانه، ولا يخلق عن كثرة الترداد، فإذا ردد مرة بعد مرة لم يخلق ولم يمل كغيره من الكلام، ولا تنقضي عجائبه، ولا تشبع عنه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعي إليه هدي إلى صراط مستقيم. فكان القرآن هو الإمام الذي يقتدى به، ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق ووجد ومكاشفة، ولا قال قط قد تعارض في العقل والنقل، فضلًا عن أن يقول: فيجب تقديم العقل. والنقل -يعني القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين- إما أن يفوض وإما أن يؤول. ولا فيهم من يقول: إن له ذوقًا أو وجدًا أو مخاطبة أو مكاشفة، تخالف القرآن والحديث ... (١) .
وهذا أنموذج من النماذج الدقيقة التي تدل على رصانة المنهج المتبع عند الصحابة والتابعين في تفسير القرآن الكريم والعمل به، وقد نشروا منهجهم في أصقاع الخلافة آنذاك فحينما بدأت الفتوح على أيديهم في الجزيرة العربية وما جاورها انتشر الصحابة للدعوة إلى الله وتوحيده يفقهون الناس بما أنزل
_________
(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٣/٢٨، ٢٩.
1 / 10
إليهم، فكان ابن عباس في مكة والبصرة، وابن مسعود في الكوفة، والخلفاء الأربعة وزيد بن ثابت وأبي بن كعب في المدينة، وأبو موسى الأشعري باليمن، وعمرو بن العاص بمصر، وكان من منهجهم في التعليم: الفهم والتطبيق العملي لما قرأوا وتعلموا من القرآن الكريم.
أخرج الطبري بسند صحيح عن ابن مسعود ﵁ قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن (١) .
وكان بعضهم إذا أشكل عليه مسألة سأل من هو أعلم منه في تلك المسألة، ويتكاتبون فيما بينهم إذا كانوا متباعدين.
فقد كتب ابن عباس ﵁ إلى علي بن أبي طالب ﵁ يسأله عن ستة إخوة وجد فكتب إليه أن اجعله كأحدهم وامح كتابي ... أخرجه ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر بسند صحيح عن الشعبي. قاله الحافظ ابن حجر ثم قال: وأخرج الدارمي بسند قوي عن الشعبي قال: كتب ابن عباس إلى علي -وابن عباس بالبصرة- أني أتيت بجد وستة إخوة، فكتب إليه أن أعط الجد سدسًا (٢) ولا تعطه أحدًا بعده (٣) .
وقد أثَّر هؤلاء الصحابة -رضوان الله عليهم- في تلاميذهم من التابعين ﵏ حيث اجتمع في كل بلد لفيف من التابعين (٤) حول هؤلاء الصحابة
_________
(١) أخرجه من طريق محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال: سمعت أبي يقول: حدثنا الحسين بن واقد، قال: حدثنا الأعمش عن شقيق، عن ابن مسعود به (التفسير رقم ٨١)، وأخرجه البيهقي (شعب الإيمان ٤/٥١٠ رقم ١٨٠١) والحاكم من طريق أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود بنحوه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ١/٥٥٧) .
(٢) قوله سدسًا: صحفت في فتح الباري إلى سبعًا وانظر فتح الباري ١٢/٢١ وقارن مع الدارمي ٢/٣٥٤.
(٣) فتح الباري ١٢/٢١ وسنن الدارمي كتاب الفرائض - باب قول علي في الجد ٢/٣٥٤.
(٤) ذكر ابن حبان مشاهير التابعين في مكة والمدينة والبصرة والكوفة ومصر واليمن (انظر مشاهير علماء الأمصار ص ٦٢، ٨١، ٨٧، ٩٩، ١١٩، ١٢٢) .
1 / 11
فكان من أصحاب ابن عباس الذين يقولون بقوله ويفتون ويذهبون مذهبه: سعيد بن جبير وجابر بن زيد وطاووس ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة (١) .
ومن أصحاب ابن مسعود الذين يفتون بفتواه ويقرأون بقراءته علقمة ابن قيس والأسود ابن يزيد ومسروق وعبيد السلماني والحارث بن قيس وعمرو بن شرحبيل (٢) .
هذا بالنسبة لابن عباس وابن مسعود وهما مكثران، وهكذا الحال بالنسبة للآخرين من الصحابة المذكورين فلهم تلاميذ سطرت أسمائهم في تراجم الصحابة ومسانيدهم، وقد تتلمذ هؤلاء التابعون على الصحابة المفسرين قراءة وحفظًا وتفسيرًا وعملًا.
وكان من منهج الصحابة الدقيق في تعليم التابعين العرض والتفسير والكتابة.
أخرج الطبري بسند صحيح عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباس في تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: أكتب. قال: حتى سأله عن التفسير كله (٣) .
وقال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها (٤) . وأخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق معنعنًا به (٥)، وإسناده حسن لأنه ثبت تصريح محمد بن إسحاق بالسماع. فقد أخرجه الحاكم
_________
(١) ذكره علي بن المديني عن يحيى بن سعيد (علل الحديث ومعرفة الرجال ص ٤٥، ٤٨، ٤٩) .
(٢) ذكره علي بن المديني (المصدر السابق ص ٤٤) .
(٣) أخرجه عن أبي كريب قال حدثنا طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة به (التفسير رقم ١٠٧) .
(٤) انظر مقدمة في أصول التفسير ص ٤٤.
(٥) التفسير رقم ١٠٨.
1 / 12
من طريق محمد بن إسحاق سمع أبان بن صالح يحدث عن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أوقفه على كل آية أسأله فيما نزلت وكيف كانت ... (١) .
وكذا كان سعيد بن جبير حريصًا على الكتابة عن ابن عباس. قال الدارمي: أخبرنا مالك بن إسماعيل، ثنا مندل بن علي العنزي، حدثني جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: كنت أجلس إلى ابن عباس فأكتب في الصحيفة حتى تمتلئ ثم أقلب نعلي فأكتب في ظهورها (٢) . وأخرجه بن سعد والدارمي أيضًا من طريق يعقوب القمي عن جعفر به مختصرًا (٣)، وأخرجه الرامهرمزي من طريق مندل به (٤) .
وأخرجه الخطيب البغدادي من طريق حبان عن جعفر بن أبي المغيرة به (٥) .
وأخرج الدارمي أيضًا عن أبي النعمان، ثنا عبد الواحد، ثنا عثمان بن حكيم قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: كنت أسير مع ابن عباس في طريق مكة ليلًا، وكان يحدثني بالحديث في واسطة الرحل حتى أصبح فأكتبه (٦)، أخرجه الخطيب البغدادي من طريق طارق عن سعيد بن جبير بنحوه (٧) .
وكان عبد الله بن عمر ﵄ يعرض المصحف على بعض تلاميذه ويبين سبب نزول بعض الآيات فقد روى النسائي بسند صحيح عن كعب بن علقمة عن أبي النضر عن نافع مولى ابن عمر قال: أن ابن عمر كان عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
_________
(١) المستدرك ٢/٢٧٩.
(٢) السنن - باب من رخص في كتابة العلم ١/١٢٨.
(٣) المصدر السابق والطبقات الكبرى ٦/٢٥٧.
(٤) المحدث الفاصل ص٣٧١.
(٥) تقييد العلم ص ١٠٢.
(٦) السنن ١/١٢٨.
(٧) تقييد العلم ص ١٠٢، ١٠٣.
1 / 13
شِئْتُم) فقال: يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا. قال: إنا كنا معشر قريش نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد، فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم) (١) . وذكره ابن كثير ثم قال: وهذا إسناد صحيح، وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني عن الحسين ابن إسحاق عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري عن مفضل بن فضالة عن عبد الله بن عياش عن كعب ابن علقمة فذكره (٢) .
وأما ابن مسعود ﵁ فقد كان يقرأ على تلاميذه السورة ثم يفسرها في وقت كاف. فقد أخرج الطبري بسنده عن مسروق قال: كان عبد الله يقرأ علينا السورة ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار (٣) . ولهذا نرى التابعين الذين تحملوا هذا العلم من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرحلون من بلد إلى بلد في طلب تفسير آية واحدة، فهذا سعيد بن جبير يرى أهل الكوفة قد اختلفوا في قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) (٤) . فيرحل إلى ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ﵄ فيسأله عنها فيجيبه بقوله: نزلت هذه الآية (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) وهي أخر ما نزل وما نسخها شيء.
أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري (٥) .
_________
(١) البقرة ٢٢٣.
(٢) التفسير ١/٤٦٥.
(٣) أخرجه عن يحيى بن إبراهيم المسعودي عن أبيه، عن أبيه عن جده عن الأعمش عن مسلم عن مسروق به. (التفسير رقم ٨٤) .
(٤) النساء ٩٣.
(٥) صحيح البخاري - التفسير - سورة النساء، ب (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) رقم ٤٥٩٠ وصحيح مسلم. التفسير رقم ٣٠٢٣.
1 / 14
وهذا مسروق رحل إلى البصرة في طلب تفسير آية فقيل له: الذي يفسرها رجع إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها (١) .
وأما زر بن حبيش فيقول: وفدت في خلافة عثمان بن عفان وإنما حملني على الوفادة لقي أبي بن كعب وأصحاب رسول الله ﷺ. رواه الخطيب البغدادي بسنده عن زر (٢) .
وكان من منهجهم الرائع التورع في التحمل والرواية فيبحثون عن علو الإسناد وعمن هو أهل للرواية، فهذا أبو العالية يقول: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه فأول ما أتفقد صلاته فإن أجده يقيمها أقمت وسمعت منه، وإن أجده يضيعها رجعت ولم أسمع منه، وقلت: هو لغير الصلاة أضيع".
رواه الخطيب البغدادي بسنده عن أبي العالية (٣) . وهو القائل أيضًا: كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله ﷺ، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم. رواه ابن سعد (٤) والبغدادي (٥) بسنديهما عنه واللفظ لابن سعد.
وقد ظفر أبو العالية بعَرضه القرآن على أُبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن عباس، وصح أنه عرض على عمر رضي الله عن الجميع (٦)، كما حظي برواية نسخة أُبي بن كعب في التفسير كما سيأتي في عرض أشهر الأسانيد في التفسير.
_________
(١) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ١/١٣ وروى ابن عبد البر نحوه في جامع بيان العلم وفضله - ب ذكر الرحلة في طلب العلم ١/٩٤.
(٢) الرحلة في طلب الحديث ص ٩٢.
(٣) المصدر السابق ص ٩٣ وأخرجه أبو نعيم بنحوه (حلية الأولياء ٢/٢٢٠) .
(٤) الطبقات الكبرى ٧/١١٣.
(٥) الرحلة في طلب الحديث ص ٣٩.
(٦) ذكره ابن الجزري في غاية النهاية ١/٢٨٤ وذكره أبو عمرو الداني فيما نقله عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٤/٢٠٨.
1 / 15
وأما مسروق فيحذر من التساهل في التفسير فروى أبو عبيد القاسم بن سلام عن هشيم أنبأنا عمرو بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله (١) .
وفي هذه الفترة برزت جماعة من التابعين اشتهروا بمعرفة التفسير فبرعوا ونبغوا فيه ومنهم سعيد بن جبير ت ٩٥ هـ وعكرمة ت ١٠٧ هـ ومجاهد ت ١٠١ أو ١٠٢ أو ١٠٣ أو ١٠٤ هـ وأبو العالية ت ٩٠ هـ وقتادة ت ١١٠هـ وعامر الشعبي ت ١٠٥هـ ومسروق ت ٦٣ هـ والحسن البصري ت ١١٠ هـ والضحاك بن مزاحم ت ١٠٥ أو ١٠٦هـ وغيرهم.
وقد استفادوا من تلك المنهجية العلمية الدقيقة التي بوأتهم مكانة مرموقة، فتصدروا مجالس العلم وبدأ بعضهم بتدوين التفسير فكانوا طليعة الفرسان في هذا الميدان، ففي عصرهم بدأ تدوين التفسير، وأول من قام بذلك سعيد ابن جبير الأسدي ت ٩٥ هـ عندما كتب الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يسأل سعيد ابن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن وقد استجاب له فصنف التفسير وقد وجد عطاء بن دينار هذا التفسير في الديوان، فرواه عن سعيد وجادة (٢) .
وفي هذا العصر انتشرت كتابة التفسير، روى الدارمي عن عمرو بن عون، أنا فضيل، عن عبيد المكتب قال: رأيتهم يكتبون التفسير عن مجاهد. (٣)
وأخرجه الخطيب البغدادي من طريق وكيع بن فضيل ابن عياض به (٤) .
وأخرج الخطيب البغدادي بسنده عن أبي يحيى الكناسي قال: كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إليّ كتبه فأنسخ منها (٥) .
_________
(١) انظر المقدمة ص ٥٠ ومجموع الفتاوى ١٣/٣٧٤. كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(٢) رواه ابن أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل ٦/٣٣٢.
(٣) السنن - باب من رخص في كتابة العلم ١/١٢٨.
(٤) تقييد العلم ص ١٠٥.
(٥) تقييد العلم ص ١٠٥.
1 / 16
[[أشهر تفاسير أتباع التابعين وما بعدهم]]
وقد واكب هذا التدوينُ الفتحَ الإسلامي الذي امتدت أطرافه شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا مما أدى إلى اتساع انتشار هذا العلم إضافة إلى ذلك ازدياد الرحلات العلمية، وكان لتدوينه أيضًا أثر كبير في انتشاره وتداوله عند أهل العلم من صغار التابعين وأتباع التابعين مثل:
الضحاك بن مزاحم الهلالي ت ١٠٥ هـ أو ١٠٦ هـ.
ومقاتل بن سليمان البلخي ت ١٠٥هـ وقد طبع تفسيره (١) .
وطاوس بن كيسان اليماني ت ١٠٦هـ.
وقتادة بن دعامة السدوسي ت ١١٠هـ.
ومحمد بن كعب القرظي ت ١١٨هـ.
والسدي الكبير ١٢٧هـ.
وعبد الله بن يسار المعروف بابن أبي نجيح ت ١٣١ هـ.
وعطاء الخراساني ت ١٣٥ هـ وقد حققتُ قطعة من تفسيره (٢) .
وزيد بن أسلم العدوي ت ١٣٦هـ.
والربيع بن أنس البكري ت ١٤٠هـ.
وعلي بن أبي طلحة ت ١٤٣هـ استخرج السيوطي أغلب صحيفة علي بن أبي طلحة من تفسيري الطبري وابن أبي حاتم (٣) .
وكل هذه التفاسير قد أفرد لكل تفسير مؤلف جمعت في مرويات كل مفسر، وأغلبها رسائل جامعية.
_________
(١) حققه د. عبد الله محمود شحاتة وطبعته الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة.
(٢) نشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
(٣) انظر الإتقان ٢/ ٦- ٤٦.
1 / 17
والأعمش سليمان بن مهران ت ١٤٧هـ أو ١٤٨هـ (١) .
وغيرهم من المفسرين المتقدمين فقام هؤلاء بجمع نسخ وروايات وصحف كبار التابعين وتدوينها فسطع قبس التفسير في أرجاء العالم الإسلامي آنذاك ثم أزداد تألقًا في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري حيث استنار العلماء الذين تلقوا هذا العلم من شيوخهم واعتنوا به فحفظوه أو كتبوه ثم رووه لتلاميذهم فتوسعت حركة تدوين التفسير وظهرت تفاسير مشابهة للتفاسير المتقدمة وقد تكون أوسع منها مثل: تفسير سفيان الثوري ت ١٦١هـ (٢) .
وتفسير معاوية بن صالح ت ١٥٨ هـ أو ت ١٧٢هـ وهو الراوي لصحيفة علي بن أبي طلحة.
وتفسير شيبان بن عبد الرحمن النحوي ت ١٦٤ هـ وهو راوي التفسير عن قتادة.
وتفسير نافع بن أبي نعيم القارئ ت ١٦٧هـ أو ١٦٩هـ وقد حققتُ قطعة من تفسيره (٣) .
وتفسير أسباط بن نصر الهمداني ت ١٧٠ هـ وهو الراوي لتفسير السدي.
وتفسير مالك بن أنس إمام دار الهجرة ت ١٧٩ هـ.
وتفسير مسلم بن خالد الزنجي ت ١٧٩ هـ وقد حققتُ قطعة من تفسيره (٤) .
وتفسير عبد الله بن المبارك المروزي ت ١٨١هـ.
_________
(١) كل هؤلاء المفسرين لهم تفاسير ذكرت في كتب طبقات المفسرين للسيوطي والداوودي وعمر نزيه التركي -باللغة التركية- ومعجم المفسرين لعادل نوهيض، وكتب فهارس التراث مثل كشف الظنون وفهرست ابن النديم وتاريخ التراث لسزكين وكتب الإجازات مثل المعجم المفهرس لابن حجر (مخطوط طبع مؤخرا) وللمزيد عن هذه التفاسير وطريقتي في استخراجها من مظانها. انظر مقدمتي لتفسير ابن أبي حاتم -المجلد الثاني- والقواعد المنهجية في التنقيب عن المفقود من الأجزاء والكتب التراثية.
(٢) مطبوع في جزء واحد.
(٣) نشرت مكتبة الدار بالمدينة المنورة هذه القطع ضمن جزء في التفسير.
(٤) نشرت مكتبة الدار بالمدينة المنورة هذه القطع ضمن جزء في التفسير.
1 / 18
وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ت ١٨٢ هـ.
وتفسير هشيم بن بشير السلمي ت ١٨٣ هـ.
وتفسير يحيى بن يمان العجلي ت ١٨٩ هـ، وقد حققتُ قطعة من تفسيره (١) .
وتفسير إسماعيل بن علية ت ١٩٣ هـ.
وتفسير يحيى بن سلام البصري ت ٢٠٠ هـ (٢) .
وفي هذا العصر ازدادت كتب التفسير وبقيت على هيئة أجزاء ونسخ كتفسير الإمام مالك بن أنس فقد وصفه ابن كثير (٣) والذهبي (٤) وابن حجر (٥) والروداني (٦) بأنه جزء وكذلك التفاسير التي تقدمت في القائمة السابقة حيث ذكرت الموجودة منها وكلها على هيئة أجزاء ونسخ.
[[أشهر تفاسير القرن الثالث والرابع]]
وفي القرن الثالث والرابع الهجري دخل التفسير في مرحلة جديدة وهي مرحلة الموسوعات الجامعة في التفسير، فظهرت تفاسير ضخمة مروية ومستوعبة لكثير من الأجزاء والنسخ المبثوثة في رحاب العالم الإسلامي آنذاك ذلك العالم الذي استطاعت حضارته أن تجمع وتؤلف بين العرب والعجم والبربر تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولهذا جاءت بعض تفاسير العلماء حافلة بتفاسير السابقين وشاملة للقرآن كله وذلك بسبب انتشار العجمى ومن هذه التفاسير:
_________
(١) نشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
(٢) توجد منه أجزاء مخطوطة في المغرب وقد حققتْ في تونس، وهذه التفاسير المتقدمة ذكرت في المصادر السابقة في حاشية القائمة السابقة ويضاف إليها الرسالة المستطرفة ومفتاح السعادة ومصباح السعادة.
(٣) انظر التفسير ٢/١٩٢.
(٤) انظر سير أعلام النبلاء ٨/٨٠.
(٥) المعجم المفهرس ل ٤٤ ب.
(٦) صلة الخلف بموصول السلف ص ٤٣، ٤٤.
1 / 19
تفسير عبد بن حميد الكشي ت ٢٤٠ هـ (١) .
تفسير ابن جرير الطبري ت ٣١٠ هـ.
تفسير ابن المنذر النيسابوري ت ٣١٨ هـ (٢) [[وقد اتحفني الشيخ عاصم قارئ بوريقات منه]] (*) .
تفسير ابن أبي حاتم الرازي ت ٣٢٧ هـ (٣) .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذه التفاسير عند كلامه عن الذين اعتنوا بجمع التفسير المسند من طبقة الأئمة الستة فساق أسماءهم -وذكر أولهم بأنه من طبقة شيوخهم- ثم قال: فهذه التفاسير الأربعة قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين، وقد أضاف الطبري إلى النقل المستوعب أشياء لم يشاركوه فيها ... (٤) .
وكذلك ابن أبي حاتم فقد حاول أن يفسر كل آية بل كل كلمة وحرف وقد يسوق أكثر من عشرة أوجه في الكلمة الواحدة (٥) .
ومن هذه التفاسير الموسوعية أيضًا:
١ - تفسير الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ت ٢٤١هـ.
وتفسيره ضخم حافل بمائة وعشرين ألف رواية، صرح بهذا الرقم أبو الحسين بن المنادي في تأريخه فيما رواه عنه القاضي أبو الحسين أبو يعلى حيث ذكر عبد الله وصالح ابني الإمام أحمد فقال: كان صالح قليل الكتاب عن أبيه، فأما عبد الله فلم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه أكثر منه لأنه سمع المسند
_________
(١) توجد منه قطعة في حواشي تفسير ابن أبي حاتم في المجلد الثاني.
(٢) توجد منه قطعة في ألمانيا الشرقية - مكتبة جوتا.
(٣) يوجد نصفه تقريبًا وقد حقق في جامعة أم القرى.
(٤) العجاب في بيان الأسباب د-٣.
(٥) انظر تفسير سورة آل عمران رقم ١٨١-١٩٨ عند قوله تعالى (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَة) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذه الزيادة نقلا عن الجزء الذي نشره المؤلف - حفظه الله - في مجلة الجامعة الإسلامية. أقول: وقد طُبعت القطعة (التي أشار إليها المؤلف) بتحقيق الدكتور سعد بن محمد السعد، وهي ضمن كتب هذا البرنامج (المكتبة الشاملة)
1 / 20
وهو ثلاثون ألفًا، والتفسير وهو مئة ألف وعشرون ألفًا سمع منها ثمانين ألفًا والباقي وجادة ... (١) ونقله أيضًا الخطيب البغدادي (٢) والذهبي (٣)، وأبو موسى المديني في خصائص المسند (٤)، وصرح بهذا الرقم ابن الجوزي (٥) .
وقد ذكر هذا التفسير ابن النديم (٦)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٧)، والداوودي (٨)، ومحمد السعدي الحنبلي ت٩٠٠ هـ (٩)، وحصل الروداني المغربي على إجازة روايته فذكره في ثبته ثم ساق إسناده إلى الإمام أحمد بن جعفر القطيعي عن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه (١٠) .
ولكن الإمام الذهبي أنكر وجود هذا التفسير، فبعد أن ذكر قول ابن المنادي قال: لكن ما رأينا أحدا أخبرنا عن وجود هذا التفسير ولا بعضه ولا كراسة منه ولو كان له وجود أو لشيء منه لنسخوه ... (١١) .
ويبدو أن الإمام الذهبي لم يحظ بجزء أو كراسة من تفسير الإمام أحمد علما بأن جزءا من تفسير أحمد كان موجودا في زمنه حيث نقله بنصه وفصه الإمام ابن قيم الجوزية -وهو معاصر للذهبي وتوفي ابن القيم سنة٧٥١ هـ أي بعد وفاة الذهبي بثلاث سنوات- فقال ابن القيم في بدائع الفوائد: ومن خط
_________
(١) طبقات الحنابلة ١/١٨٣.
(٢) تاريخ بغداد ٩/٣٧٥.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٣/٣٢٨، ٣٢٩.
(٤) ص ٢٣ من مقدمة أحمد شاكر لمسند أحمد
(٥) مناقب الإمام أحمد ص ٢٤٨.
(٦) الفهرست ص ٢٨٥.
(٧) الفتاوي ٦/٣٨٩، ١٣/٣٥٥ ودرء تعارض العقل والنقل ٤/٢٢٨.
(٨) طبقات المفسرين ٢/٢٢.
(٩) الجوهر المحصل في مناقب الإمام أحمد في بداية عرضه لمؤلفات الإمام أحمد.
(١٠) صلة الخلف ص ٣٩
(١١) سير أعلام النبلاء ١٣/٥٢٢ وانظر ١١/٣٢٨، ٣٢٩.
1 / 21
القاضي من جزء فيه تفسير آيات من القرآن عن الإمام أحمد. ثم ساقه بأكمله في تسع صفحات (١) إضافة إلى ذلك أن الحافظ ابن حجر أفاد من تفسير أحمد وصرح بنقله منه (٢) .
والحق أن تفسير الإمام أحمد لم يشتهر كشهرة مسنده الذي ذاع صيته في الآفاق وكثر قصاده إلى العراق.
٢- التفسير الكبير لأمير المؤمنين محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح ت ٢٥٦ هـ.
ذكر بروكلمان نسخة منه في باريس -المكتبة الوطنية- وقطعة منه في الجزائر في المكتبة الوطنية أيضًا (٣) . ولعلها من صحيح البخاري.
وقد سألت عن هاتين النسختين فلم أجد أحدا رآهما!! ويبدو من عنوانه أنه تفسير كبير.
٣- تفسير أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازى ت ٢٥٨ هـ.
قال إبراهيم بن محمد الطيان: سمعت أبا مسعود يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة وخمسين رجلا أدخلت في تصنيفي ثلاث مئة وعشرة وعطلت سائر ذلك وكتبت ألف ألف حديث وخمس مئة ألف حديث فأخذت من ذلك ثلاث مئة ألف في التفسير والأحكام والفوائد وغيره (٤) .
٤- تفسير القرآن الكريم لابن ماجة القزويني ت ٢٧٣ هـ.
وصفه ابن كثير بالحافل فقال: ولابن ماجة تفسير حافل (٥) .
_________
(١) ٣/١٠٨-١١٦
(٢) انظر مثلا تغليق التعليق ٤/٢٢٨ ومن أراد الاستزادة في إثبات وجود تفسير أحمد فليراجع مقدمتي لمرويات أحمد في التفسير ص ٤-١١.
(٣) تاريخ الأدب العربي ٣/١٧٩.
(٤) انظر تهذيب الكمال ١/٤٢٥.
(٥) البداية والنهاية ١١/٥٢.
1 / 22