Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
शैलियों
موقف الصديق يوم صلح الحديبية
وهذا موقف عجيب من مواقف السيرة موقف لـ أبي بكر الصديق ﵁ بعد صلح الحديبية، والموقف في صلح الحديبية كان شديد الصعوبة، والرسول ﷺ كان قد رأى أنه يدخل المسجد الحرام ويعتمر، ثم لم يحدث هذا في ذلك العام، ثم بعد ذلك عقدت معاهدة كانت بنودها في الظاهر مجحفة وظالمة للمسلمين، ثم طبقت المعاهدة على أبي جندل ﵁ ابن سهيل بن عمرو الذي عقد المباحثات مع رسول الله ﷺ، وطبقت المعاهدة عليه مباشرة بعد إتمام المعاهدة فرده رسول الله ﷺ إلى المشركين لما جاءه مسلمًا، وكان المشهد مشهدًا مؤثرًا جدًا في منتهى المأساة، كل هذه الأمور وغيرها أثرت كثيرًا في نفسية الصحابة فأصابتهم بهم عظيم وغم لا يوصف، وكان من أشدهم همًا وغمًا عمر بن الخطاب ﵁.
فانظر ماذا فعل عمر على عظم قدره وفقهه، وانظر ماذا فعل الصديق ﵄.
أما عمر بن الخطاب ﵁ فقد ذهب إلى رسول الله ﷺ والغيظ يملأ قلبه، يقول: عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه: أتيت النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله! ألست نبي الله حقًا؟ سبحان الله! سؤال شديد.
وطبعًا عمر بن الخطاب لا يشك في كونه رسول من عند الله ﷺ، ولكنه يبدي استعجابه واستغرابه، لماذا هذا التنازل الشديد من صف المسلمين؟ قال: (يا رسول الله! ألست نبي الله حقًا؟ قال ﷺ: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ فقال ﷺ: بلى، قلت: علام نعطي الدنية في ديننا؟) وعمر هنا ليس قليل الإيمان، ولو استمع رسول الله ﷺ لكلامه ولرأيه فستكون الحرب، فـ عمر يريد ما هو أشق على النفس ولا يسأل التخفيف أو التقاعس، بل على العكس يلمح ويقول: (قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار).
ورسول الله ﷺ كان من عادته أن يوضح ويبين للصحابة، لكن هنا الرسول ﷺ يربي الناس على الاستسلام الكامل دون معرفة الأسباب، فما دام الله قد أمر فليس من الضرورة الاطلاع على الحكمة.
قال ﷺ: (إني رسول الله وهو ناصري ولست أعصيه) يفهم أن هذا الأمر وحي من الله ﷿، أمره الله ﷿ بذلك فأطاعه رسول الله ﷺ، ومع ذلك زاد عمر وقال: (قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ فقال ﷺ: بلى، فأخبرتك أنك تأتيه العام؟) يعني: هل قلت لكم: إنك ستطوفون السنة هذه؟ قال: (قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به) هكذا في يقين: (فإنك آتيه ومطوف به).
والرسول ﷺ يصابر جدًا عمر؛ لأنه يعلم ما به من الغم، ويعذره، وهذه الدرجة من الإيمان عند عمر هي درجة عالية جدًا من درجات الإيمان، أسميها: درجة غليان القلب حمية للدين، وفعلًا قلبه يغلي حمية لهذا الدين حتى وإن ذهبت حياته وذهبت نفسه، لكن تعال على الجانب الآخر وانظر إلى الدرجة الأعلى من الإيمان.
وانظر إلى درجة الصديق ﵁ وأرضاه، انظر إلى درجة اليقين الكامل فيما قاله ﷺ والاتباع الكامل لما فعله ﷺ.
يقول عمر بن الخطاب: (فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟) لم يقدر أن مش قادر يستحمل ﵁ وأرضاه، فرد الصديق وقال: (أيها الرجل! إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره) سبحان الله! إنها نفس كلمات الرسول ﷺ: (إنه لرسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله! إنه لعلى الحق).
وهنا يغضب الرجل الرقيق أبو بكر الصديق ﵁ وأرضاه؛ لأنه شعر أن في هذه التلميحات إشارة ولو من بعيد إلى شك في وعد رسول الله ﷺ، هنا رفع صوته وتحدث بحمية: (أيها الرجل! إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره) ولم يسكت عمر بعد ذلك، بل قال: (قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، فأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال الصديق: فإنك آتيه ومطوف به).
سبحان الله! إنه يقين ليس فيه قدر أنملة من الشك، فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ؛ مخافة كلامي الذي تكلمت به.
2 / 4