Al-Qisas Al-Qurani - Yasser Burhami

Yasser Borhami d. Unknown
63

Al-Qisas Al-Qurani - Yasser Burhami

القصص القرآني - ياسر برهامي

शैलियों

الصفة المشتركة بين إبليس وكثير من بني آدم قال الله ﷾: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف:١٢]، وهنا ظهرت عدة أمراض من إبليس اللعين والعياذ بالله، وما أكثر انتشارها في بني البشر من حيث لا يشعرون! أولًا: رد أمر الله ﷾، فهو لم يكن ناسيًا، ولا متكاسلًا، ولم يذكر شيئًا من ذلك، فلم يقل: يا رب! أنا أخطأت، ولم يقل: يا رب! أنا نسيت، ولم يقل: يا رب! أنا لست من الملائكة مثلًا، أو: أنا خلقتي غير خلقتهم والأمر لم يشملني، فإبليس يعلم تمامًا أنه مأمور ضمن الأمر للملائكة، لكنه رد الأمر على الله ﷿، والرد من أخطر أنواع الكفر، فهو كفر الإباء والاستكبار، ولم يقل: هذا الأمر ليس من أمرك يا رب! وكثير من الناس يظن أن استحلال المعصية معناه فقط: أن يقول: إن الله لم يحرم هذا الأمر، كمن يقول مثلًا في الزنا: الزنا معصية من المعاصي وفعل الزنا ليس مخرجًا من الملة، ولكن استحلال الزنا مخرج من الملة، لكن هناك أمرًا أخطر وأكثر وقوعًا وهو: أنه يعلم أن الزنا حرام لكنه يقول: لا يلزمنا هذا الأمر، فيرد الأمر على الله ﷿، فهذا كفر الإباء ومنبعه من الكبر، كما قال ﷿: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٣٤] فهذا كفر مثل كفر الاستحلال أو هو في الحقيقة يمكن أن يعد نوعًا من الاستحلال، بأن يرد أمر الله كمن يقول: الزنا حرية شخصية مثلًا، فهذا إباء ورد لشرع الله لا يستطيع أن يجزم ولا أن يدعي أن الله لم يحرم الزنا، ولكنه يقول: ماذا في الزنا إذا كان برضا الطرفين؟! كقصة قرأتها اليوم في الجرائد: أن فتاة بلغ أبوها الشرطة أنها اغتصبت، فاتهم طالبًا -زميلًا لها وجارًا لها- بذلك؛ فقبض عليه فجيء بالفتاة فقالت: لا، أنا ذهبت بإرادتي إلى شقته وبت معه، فأطلق صراح الطالب مباشرة، فهذا أمر عجيب! فالأمر عند القوم مبني على الإكراه، أما إذا كان بالتراضي بينهما فلا بأس ولا حرج، ولا شك أن الذي وضع هذا الأمر وشرعه أصلًا يرد شرع الله عز وحل، فيمكن أن تثبت واقعة الزنا، ولكن إذا ثبت أن هذا الأمر وقع بالتراضي والاختيار فلا يكون هناك ثم جريمة والعياذ بالله! فالإباء موجود بكثرة، فعندما تدعو أحدًا إلى أن يصلي يقول لك: أنا حر! أصلي إن شئت ولا أصلي إن لم أشأ والعياذ بالله! فهل هذا أمر مني أنا عندما أقول لك: صل، أقم الصلاة؟ إنه أمر الله ﷿، فالذي يرى نفسه حرًا مع أمر الله كافر وخارج عن ملة الإسلام! والذي يرى نفسه حرًا مع أمر الله يفعله إن شاء ويتركه إن شاء ولا يرى لزوم الأمر عليه إبليسي المذهب، وإبليسي الطريقة! والذي يقول: أنا حر، أنا لا أسجد والعياذ بالله، فهو كمن قال الله عنه: ﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ﴾ [الحجر:٣٣] فرد الأمر على الله من أعظم أنواع الكفر، فكفر إبليس لم يكن عن طريق اتخاذ وسطاء يدعوهم مثلًا من دون الله كشرك المشركين الذين عبدوا الأوثان وقالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر:٣] وكمن يعبد الملائكة مثلًا أو يعبد المسيح أو يعبد الأولياء والصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى، فيدعوهم، ويتوكل عليهم، ويذبح وينذر لهم، وهذا نوع من الشرك، فكفر إبليس لم يكن بذلك ولم يقل: هناك وسائط بيني وبين الله أدعوهم وأعبدهم، وإنما كان كفره كفر رد وإباء. وهذا كفر يجهله كثير من الناس، ولا يعرف خطره، ونراه كثيرًا واقعًا في مئات وآلاف وملايين من الناس وهم لا يعرفون أنه كفر والعياذ بالله!

4 / 7