وهكذا تعددتْ جوانبُ نبوغ القرافي في المجال الشرعي الذي ظهرت له فيه مصنفاتٌ حسنةٌ مفيدةٌ تناولها الطلبة بالدرس عبر العصور، واستمدّ منها المدرِّسون والباحثون مادةً ثريةً غزيرةً، ونقل منها المؤلِّفون، واعتمدوا نصوصها، أذكر منهم في المذهب المالكي الأئمة: ابن راشد القفصي، والمقّري الجد، والشاطبي، والمؤَّاق، والونشريسي، والحطاب، وابن غازي، والمنجور، وسائر من ضرب بسهم في التأصيل والتقعيد وتجلية المقاصد وأدلة الأصول ومسائله.

وأذكر من المعاصرين الذين تناولوا جوانب نبوغه في المجال الشرعي في نطاق رسائل جامعية وخارج هذا النطاق، أذكر الدكتور عبد الله إبراهيم صلاح، والأستاذ الصغير عبد السلام الوكيلي المغربي، والدكتور عياضة بن نامي السلمي، والدكتور طه محسن، والدكتور محمد السويسي التونسي، والأستاذ المفضل المومني المغربي، والدكتور مساعد بن قاسم الفالح.

وكدتُ أن أنضم إلى لائحة أسماء هؤلاء الباحثين عندما رشَّح لي شيخي الفاضل محمد الشاذلي النيفر موضوع دراسة الفروق القرافية لنيل دكتوراه الحلقة الثالثة في الفقه والسياسة الشرعية بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين (تونس)، وقطعتُ الخطوات الأولى في البحث، وقد شجَّعني قولُه: إنَّ هذه الدراسة يكون لها أثرٌ في تكوين الطالب، واستدلّ على ذلك بأن خيرة مشيخة الزيتونة إنما نضجتْ ملكتُهم الفقهية بدراسة الفروق، وسمّى لي طائفة منهم، ولكنه بعد ذلك رجّح دراسة كليات الإِمام ابن غازي المكناسي هادفاً إلى شرحها شرحاً كافياً ملائماً بما ينمّي الزاد الفقهي بصفةٍ أكمل - حسب قصده - فانصرفتُ إليها، ونلتُ بها هذه الشهادة شاكراً له حسن توجيهه، مقدراً سموّ قصده وحرصه على نفع أبنائه، يرحمه الله.

هذا وقد كان لقسم الدراسات العليا الشرعية بكلية الشريعة في جامعة