مَحَلِّ المَشَقَّةِ، فتُعْتَبَرُ مَظِنَّةُ المَشَقَّةِ دون حَقِيقَتِها، كما جاز الاسْتِجْمارُ علَى نَهْرٍ جارٍ، وأمَّا المَذْىُ فمُعْتادٌ كثيرٌ، وربما كان في بعضِ الناسِ أكثَر مِن البَوْلِ، قال عِليُّ بن أبي طالب (١١)، رَضِىَ اللَّه عنه: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فقال النبيُّ ﷺ: "ذاك ماءُ الفَحْلِ، ولِكُلِّ فَحْلٍ ماءٌ". وقال سَهْلُ بن حُنَيْف (١١): كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً فكنتُ أُكْثِر منه الاغْتِسال. ولهذا أوْجَبَ مالكٌ منه الوُضُوءَ، وهو لا يُوجِبُه من النَّادِر، فليس هو من مَسْألتِنا، ويجبُ غَسْلُ الذَّكَر منه والأُنْثَيَينِ في إحْدَى الرِّوَايَتيْن تَعَبُّدًا. والأُخْرَى أنَّه لا يَجِبُ، وأمْرُه ﷺ بغَسْلِه للاسْتِحْبابِ، قِياسًا علَى سائرِ ما يخرُجُ. واللهُ أعلمُ.

فصل: ولا يَسْتَجْمِرُ بيَمينهِ؛ لقول سَلْمَان في حَدِيثهِ: إنَّه لَيَنْهانَا أن يَسْتَنْجِىَ أحَدُنا بيَمِينهِ. رَوَاهُ مُسْلِم (١٢)، ورَوَى أبو قَتَادَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: "لا يُمْسِكَنَّ أحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بَيمِينِهِ، ولا يتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بيَمِينِهِ". مُتَّفَقٌ عليه (١٣). فإنْ كان يَسْتَنْجِى من غائطٍ أخذَ الحجرَ بشِمَالِه فمَسَحَ به. وإن كان يَسْتَنْجِى من البَوْلِ، وكان الحجرُ كبيرا، أخذَ ذَكَرَهُ بشِمَالِه فمَسَحَ به. وإن كان صَغِيرًا فأمكَنَهُ أن

(١١) يأتى حديث على بن أبي طالب، وحديث سهل بن حنيف، رضى اللَّه عنهما في باب ما ينقض الطهارة، مسألة ٤٢.

(١٢) في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة صحيح مسلم ١/ ٢٢٤.

وعن غير سلمان، أخرجه النسائي، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. المجتبى من السنن ١/ ٤٠. والدارمى، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٧٢. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٠٠، ٣١٠، ٤٣٧.

(١٣) أخرجه البخاري، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري ١/ ٥٠. ومسلم، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم ١/ ٢٢٥. وأبو داود، في: باب كراهية مسّ الذكر باليمين، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨. والترمذي، في: باب في الاستنجاء باليمين، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٣٢. والنسائي، في: باب النهى عن مسّ الذكر باليمين عند الحاجة، وباب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٢٦، ٣٩، ٤٠. وابن ماجه، في: باب كراهية مسّ الذكر باليمين والاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١١٣. والدارمى، في: باب النهى عن الاستنجاء باليمين، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٧٢. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢٩٥، ٢٩٦، ٣٠٠، ٣١٠، ٣١١.