Al-Mawsu'ah Al-'Aqidiya - Al-Durar Al-Sunniyah
الموسوعة العقدية - الدرر السنية
प्रकाशक
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
शैलियों
وقال اللالكائي ﵀: سياق ما يدل من كتاب الله ﷿، وما روي عن رسول الله ﷺ، على أن وجوب معرفة الله تعالى وصفاته بالسمع لا بالعقل، قال الله تعالى يخاطب نبيه ﷺ بلفظ خاص والمراد به العام: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد: ١٩]، وقال ﵎: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: ٢٥]، فأخبر الله نبيه ﷺ في هذه الآية أن بالسمع والوحي عرف الأنبياء قبله التوحيد ...
وكذلك وجوب معرفة الرسل بالسمع، قال الله ﵎: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: ١٥٨] .. فدلّ على أن معرفة الله والرسل بالسمع كما أخبر الله ﷿، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة (١).
ثم إن كثيرًا من مسائل الاعتقاد بعد معرفتها والعلم بها لا تدرك العقول حقيقتها وكيفيتها، وذلك كصفات الله تعالى وأفعاله، وحقائق ما ورد من أمور اليوم الآخر من الغيبيات التي لا يحيلها أو يردها العقل، ولا يوجبها أو يطلبها.
(ولهذا ضرب الله تعالى الأمثال في القرآن الكريم لتقرير مسائل الغيب، تنبيهًا للعقول على إمكان وجودها، فاستدل على النشأة الآخرة بالنشأة الأولى، وعلى خلق الإنسان بخلق السماوات والأرض وهي أعظم وأبلغ في القدرة، وعلى البعث بعد الموت بإحياء الأرض الميتة بعد إنزال الماء عليها) (٢).
قال السفاريني ﵀: لو كانت العقول مستقلة بمعرفة الحق وأحكامه، لكانت الحجة قائمة على الناس قبل بعث الرسل وإنزال الكتب، واللازم باطل بالنص: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: ١٥]، فكذا الملزوم (٣).
وأخيرًا: فإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح؛ فالأول خلق الله تعالى والثاني أمره، ولا يتخالفان؛ لأن مصدرهما واحد وهو الحق سبحانه: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: ٥٤].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: (وليس في الكتاب والسنة وإجماع الأمة شيء يخالف العقل الصريح؛ لأن ما خالف العقل الصريح باطل، وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلًا، فالآفة منهم لا من الكتاب والسنة) (٤).
ولذا قال الإمام محمد بن شهاب الزهري ﵀: (من الله ﷿ العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم) (٥)، (وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو أن العقل مع النقل كالعامي المقلد مع العالم المجتهد؛ بل هو دون ذلك بكثير، فإن العامي يمكنه أن يصير عالمًا، ولا يمكن للعالم أن يصير نبيا رسولًا (٦). علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري - ص١٩٣
(١) «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (٢/ ١٩٣– ١٩٦). (٢) «منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة» لعثمان حسن (١/ ١٧٨). (٣) «لوامع الأنوار» للسفاريني (١/ ١٠٥). (٤) «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام ابن تيمية (١١/ ٤٩٠). (٥) «السنة» للخلال (٣/ ٥٧٩)، و«فتح الباري» لابن حجر (١٣/ ٥٠٤). (٦) «شرح الطحاوية» لابن أبي العز (١/ ٢٣١).
1 / 64