324

============================================================

مقالات البلى قالوا: فإن قال خصومنا: فهل يجوز أن يريد الحكيم صلاح أعدائه وأن يفعل بهم ما هو خيو لهم وأصلح بهم؟ قلنا: ما دام داعيا لهم إلى قبول أمره، ناهيا لهم عن معصيته، مريدا لإقبالهم إلى طاعته، فلن يجوز أن يفعل بهم إلا أدعى الأشياء لهم إلى قبول أمره وإلى ما يكلفهم؛ عقوبة كان ذلك أو عطية أو شتما أو زجرا أو تليينا في القول والمخاطبة أو شدة، وهكذا قال الله عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أويخشى) (طه:44)، ثم قال في موضع آخر: فأخد نهم بألبأسله والضرله لعلهم بتضرهون (الانعام:42)، وقال: قالت وسلهتر أفى الله شلك فاطر السملوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم} (ايراهيم:10)، وهذه المخاطبة للمشركين، وهم أعداء الله.

وأما إذا زال عنهم الأمر والنهي وصار الأمر إلى العقوبة، وبلغ الأجل منتهاه، فليس يفعل بهم إلا أشد الأشياء عليهم وأضرها بهم في أبدانهم، وهذا معقول واضخ موجود في معاملات الحكماء لا يجوز غيره.

قالوا: وإن قال خصومنا: إذا كان يقدر من أمثال الأصلح على ما لا غاية له أفليس إذا ضم إلى الأصلح مثله كان جميعا أصلح من أحدهما إذا انفرد؟

قلنا: لا يجوز ذلك في كل شيء؛ لأنه قد يكون للدواء مقدار ينفع، فلو ضم اليه مثله عاد ضررا، وكذلك يكون للطعام مقدار ينفغ ويقوي لو ضم إليه مثله من جنسه عاد مضرة وبلية.

قالوا: فإن قال خصومنا: أليس إذا فعل بعدؤه أصلح الأشياء له، وفعل بوليه أصلح الأشياء له، فقد سوى بين عدؤه ووليه؟ قلنا: لا يجب ذلك، والوجود يشهذ بخلافه؛ لأن سيدا لو كان له عبدان، أطاعة أحذهما، وعصاء الآخر، وكان مريدا استصلاحهما، فأثاب المطيع ليزداد في طاعته رغبة، وأدب

पृष्ठ 324