فضيلة، وأقربهم إلى الله وسيلة، وأتبعهم لرسول الله ﷺ وأعلمهم به، وأزهدهم في الدنيا وأطوعهم لربه، فلذلك وقع اختيارنا على مذهبه».
ولكن الْمُوَفَّق ﵀ كان مجتهدًا فلم يقتصر على ترجيح المذهب، ولم يتعصب له إذا ظهر أن الحق خلافه، ومن تتبع كتابه المغني الزاخر بأقوال الأئمة، والأصحاب، وجد أن الْمُوَفَّق اجتهد في مسائل، وخالف ظاهر مذهب الإمام أحمد، فمثلا في مسألة تحديد مسافة القصر في الصلاة، يرى الْمُوَفَّق عدم التحديد بمسافة معينة، مخالفا بذلك المذهب وغيره فقال (^١): «ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة، لأن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، وقد روي عن ابن عباس، وابن عمر، خلاف ما احتج به أصحابنا، ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي ﷺ وفعله، وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه …» وكذلك مسألة تغريب المرأة الزانية البكر، ومسألة حكم السعي، وغيرها كثير (^٢).