88

المدخل

المدخل

प्रकाशक

دار التراث

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशक स्थान

القاهرة

مَا حَصَلَ مِنْ الْمُبَاهَاةِ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا تَذَاكَرُوا ذَلِكَ فِيهِ يَعْرِفُونَ قَدْرَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا بِقُدْرَتِهِمْ فَتَعْظُمُ نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَنْ هَدَاهُمْ وَأَنْقَذَهُمْ وَأَضَلَّ غَيْرَهُمْ وَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَاهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ كَمَا جَاءَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الذِّكْرَ الْخَفِيَّ يَفْضُلُ الْجَلِيَّ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَمُحَالٌ فِي حَقِّهِمْ أَنْ يَتْرُكُوا مَا هُوَ أَفْضَلُ وَيَفْعَلُونَ الْمَفْضُولَ وَمُحَالٌ فِي حَقِّهِ ﵊ أَنْ يَرَاهُمْ يَفْعَلُونَ الْمَفْضُولَ وَلَا يُرْشِدُهُمْ إلَى الْأَفْضَلِ وَلَا يُنَبِّهُهُمْ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ «أَنَّهُ ﵊ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَى مَجْلِسَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَدْعُونَ اللَّهَ ﷿ وَيَرْغَبُونَ إلَيْهِ. وَالثَّانِي: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَسْأَلُونَ اللَّهَ ﷿ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ. أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيُعَلِّمُونَ النَّاسَ، وَإِنَّمَا بُعِثْت مُعَلِّمًا ثُمَّ عَدَلَ إلَيْهِمْ وَجَلَسَ مَعَهُمْ» انْتَهَى. فَقَدْ فَسَّرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الذِّكْرَ الَّذِي كَانَ بِالْحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ الدُّعَاءُ، وَالدُّعَاءُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا جَهْرًا إذْ أَنَّهُمْ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَاءِ الدَّاعِي وَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ كَيْفِيَّةَ الدُّعَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَحَادِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا نَصٌّ عَلَى الْمُرَادِ الَّذِي تَرْجَمَ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُمْ وَتَقَرَّرَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ﵃ تَرْكُ ذَلِكَ الْمُحْتَمَلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيْنَ فِعْلُ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. رَوَى الدَّارِمِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَنْ اسْتَمَعَ إلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا) . فَانْظُرْ إنْ كَانَ فِي هَذَا شَيْءٌ يَمَسُّ مُرَادَهُ إذْ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ اسْتَمَعَ إلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَصْوَاتٍ جُمْلَةٍ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ بَلْ ذَلِكَ أَعَمُّ، وَإِذَا كَانَ أَعَمَّ فَيُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِمْ وَعَادَتِهِمْ وَلَا سَبِيلَ إلَى عُرْفِ غَيْرِهِمْ وَعَادَتِهِمْ. ثُمَّ قَالَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ كَانَ يُدَرِّسُ الْقُرْآنَ مَعَهُ نَفَرٌ يَقْرَءُونَ جَمِيعًا، فَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي أَرَادَ فِي تَرْجَمَتِهِ إذْ التَّدْرِيسُ

1 / 93