189

المدخل

المدخل

प्रकाशक

دار التراث

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशक स्थान

القاهرة

تُؤَدِّي حَقَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا، وَأَمَّا هَذَا فَلَا أَرَى أَنْ تَفْعَلَهُ، إنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَبَابِرَةِ، وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ الْوُلَاةِ يَكُونُ النَّاسُ جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَهُ فَإِذَا طَلَعَ عَلَيْهِمْ قَامُوا لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا، وَلَا أُحِبُّهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ، فَأَرَى أَنْ تَدَعَ هَذَا وَتُؤَدِّيَ حَقَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل: ٤٠] قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلدَّابَّةِ الَّتِي رَكِبَ مَا نَزَلْتُ عَنْهَا حَتَّى تَغَيَّرْت قَالَ: قَالَ مَالِكٌ وَلِعُمَرَ فَضْلُهُ. فَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ تَعَالَى بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ ﵀ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ قَالَ: «لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا بِالسُّجُودِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» فَانْظُرْ مَعَ هَذِهِ الْحُرْمَةِ وَالْحَقِّ الَّذِي لِلزَّوْجِ بِنَصِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ ﷺ كَرِهَ لَهَا مَالِكٌ الْقِيَامَ لَهُ لِفَهْمِهِ مَنْعَ الْقِيَامِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقِيَامِ لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذَا نَصُّ الْإِمَامِ. وَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ وَإِيَّانَا إلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الْعُظْمَى الَّتِي وَقَعَتْ بِسَبَبِ جَوَازِ هَذَا الْقِيَامِ كَيْفَ وَقَعَ بِسَبَبِهِ ارْتِكَابُ مَا نَهَيْنَا عَنْهُ، وَهُوَ هَذَا الْقِيَامُ الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْقِيَامِ إذْلَالًا لِلْقَائِمِ، وَقَدْ قَالَ ﵊: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» انْتَهَى، وَقَدْ عَلَا هَذَا الْعَدُوُّ الْكَافِرُ عَلَى هَذَا الْمُسْلِمِ فِي هَذَا الْحَالِ بِسَبَبِ مَا أُجِيزَ مِنْ الْقِيَامِ، وَقَدْ قَالَ ﵊: «الْمُؤْمِنُ لَا يَذِلَّ نَفْسَهُ» أَوْ كَمَا قَالَ فَهُوَ قَدْ نَهَى أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَ مُسْلِمٍ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ مَعَ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُنَافِقٍ عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَاءِ رَسُولِهِ ﷺ فَكَيْفَ يَكُونُ الْقِيَامُ إلَيْهِ وَكَيْفَ يَكُونُ الذُّلُّ لَهُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى عَدَمِ الْحَيَاءِ مِنْ الِارْتِكَابِ لِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا أَجَازُوا ذَلِكَ إذَا خَافُوا الْفِتْنَةَ مِنْهُ. فَالْجَوَابُ أَنَّ خِيفَةَ الْفِتْنَةِ إنَّمَا سَبَبُهَا اسْتِعْمَالُنَا نَحْنُ الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلْنَاهُ بَيْنَنَا شَعِيرَةً مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ وَاحِدٌ مِنَّا لَوَجَدْنَا عَلَيْهِ الْوَجْدَ الشَّدِيدَ، فَلَمَّا أَنْ ارْتَكَبْنَا هَذَا

1 / 194