Al-Kashf 'An Sahib Al-Basit Fi Al-Nahw (The Unveiling about the Author of Al-Basit in Syntax)
الكشف عن صاحب البسيط في النحو
प्रकाशक
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
संस्करण संख्या
السنة ٢٠-العددان ٧٧-٧٨ محرم
प्रकाशन वर्ष
جمادى الآخرة ١٤٠٨هـ/١٩٨٨م
शैलियों
مدخل
...
الكشف عن صاحب "البسيط " في النحو
للدكتور حسن موسى الشاعر
أستاذ مشارك بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية
يتردد كثيرًا في مصنفات أبي حيان الأندلسي، ومن جاء بعده من النحاة ذكر "صاحب البسيط" في النحو، والنقل عن كتاب "البسيط". فتراهم يقولون: "قال صاحب البسيط" أو "وفي البسيط"، من غير أن يبينّ كثير من هؤلاء المصنفين من هو صاحب البسيط، أو يكشف النقاب عن مؤلف كتاب البسيط هذا، مما أوقع عددًا من المحققين المعاصرين في الوهم والخطأ.
فرأيت أن أعدّ بحثًا مفصّلًا عن صاحب البسيط، لعلّي بذلك أميط اللثام عن هذا الغموض الذي اكتنفه.
الكتب المصنفة في النحو بعنوان "البسيط": ١- البسيط في شرح جمل الزجاجي، تأليف: ابن أبي الرّبيع عُبيد الله بن أحمد بن عبيد الله القرشي الإِشبيلي (٥٩٩- ٦٨٨ هـ) . وقد قام بتحقيق السفر الأول منه الأخ الدكتور عياد الثبيتي، ونال به درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى عام ١٤٠٢ هـ. وليس هذا الكتاب هو كتاب البسيط المراد بهذا البحث، فالآراء فيه تختلف عن النقول الواردة في كتاب البسيط مجال البحث، بل لم يذكر أحد من المحققين أنه هو المقصود بكتاب البسيط، أو أن مؤلفه هو صاحب البسيط. ٢- البسيط في شرح الكافية لابن الحاجب: قال حاجي خليفة في كشف الظنون١: وصنف السيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي الحسيني ثلاثة شروح على الكافية؛ كبير وهو المسمىّ بالبسيط، ومتوسط وهو المسمى بالوافيه وهو المتداولة، وصغير. توفي سنة ٧١٧ هـ. _________ ١ كشف الظنون ٢/ ١٣٧٥.
الكتب المصنفة في النحو بعنوان "البسيط": ١- البسيط في شرح جمل الزجاجي، تأليف: ابن أبي الرّبيع عُبيد الله بن أحمد بن عبيد الله القرشي الإِشبيلي (٥٩٩- ٦٨٨ هـ) . وقد قام بتحقيق السفر الأول منه الأخ الدكتور عياد الثبيتي، ونال به درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى عام ١٤٠٢ هـ. وليس هذا الكتاب هو كتاب البسيط المراد بهذا البحث، فالآراء فيه تختلف عن النقول الواردة في كتاب البسيط مجال البحث، بل لم يذكر أحد من المحققين أنه هو المقصود بكتاب البسيط، أو أن مؤلفه هو صاحب البسيط. ٢- البسيط في شرح الكافية لابن الحاجب: قال حاجي خليفة في كشف الظنون١: وصنف السيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي الحسيني ثلاثة شروح على الكافية؛ كبير وهو المسمىّ بالبسيط، ومتوسط وهو المسمى بالوافيه وهو المتداولة، وصغير. توفي سنة ٧١٧ هـ. _________ ١ كشف الظنون ٢/ ١٣٧٥.
1 / 145
وهذا الكتاب هو الذي وهم فيه كثير من المحققين المعاصرين، فظنوا- خطأ- كتاب البسيط المشار إليه آنفا، وجعلوا مصنفه وهو ركن الدين الاستراباذي، صاحب البسيط في النحو. ومما يدفع هذا الوهم أن كتاب البسيط لركن الدين الاستراباذي معروف، والحصول عليه متيسّر، وقد سجّل رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر١.
ومن هذا الشرح نسخ خطية في عدد من المكتبات، ومنه نسخة خطية في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة في مجلد كتب عليه: الشرح الكبير على الكافية لصاحب الوافية السيد ركن الدين. برقم ١٣٤/ ٤١٥ كتبت عام ٧١٨ هـ.
ومن الشرح نشخ خطية في عدد من المكتبات، ومنه نسخة خطية في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة في مجلد كُتبَ عليه: (الشرح الكبير على الكافية لصاحب الوافية السيد ركن الدين)، برقم ١٣٤/٤١٥، كتبت عام ٧١٨هـ.
فكتاب البسيط في شرح الكافية، أو الشرح الكبير للكافية للاستراباذي يختلف ما فيه عمّا نقل عن كتاب البسيط، أو عن صاحب البسيط في النحو، فهو غيره قطعًا.
٣- البسيط في النحو، تأليف: ضياء الدين بن العِلْج. وقد ذكر المحققون القدامى أنه هو صاحب البسيط المذكور. وسيأتي له مزيد من التفصيل.
_________
١ الكافية في النحو: د طارق نجم ص ٣٥.
أوهام المحققين المعاصرين في نسبة "البسيط " إلى ركن الدين الاستراباذي: ا- أوّل من رأيته وقع في هذا الوهم الأستاذ الفاضل محمد أبو الفضل إبراهيم في تحقيقه لكتاب "البرهان في علوم القرآن" للإمام الزركشي المتوفى سنة ٧٩٤ هـ. فقد نقل الإمام الزركشي عن كتاب البسيط في سبعة مواضع من كتابه٢. ولم يبينّ من صاحب البسيط!؟. قال الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم معرّفًا بصاحب البسيط٣: هو السيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي المتوفى سنة ٧١٧ هـ، والبسيط أحد شروحه الثلاثة على كتاب الكافية في النحو للشيخ جمال الدين عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب، والمتوفى سنة ٦٤٦ هـ. وأحال الأستاذ المحقق في ذلك على كشف الظنون، وكرّر هذا الكلام مختصرًا في موضعين آخرين من التحقيق٤ _________ ٢ البرهان للزركشي ٢/ ٣٦٤، ٤/١١٩، ٢١١، ٢٥١، ٢٥٩، ٢٩٦، ٤٤٣. ٣ البرهان للرزكشي ٢/ ٣٦٤ (الحاشية) . ٤ البرهان للزركشي ٤/ ١١٩، ٢١١ (الحاشية) .
أوهام المحققين المعاصرين في نسبة "البسيط " إلى ركن الدين الاستراباذي: ا- أوّل من رأيته وقع في هذا الوهم الأستاذ الفاضل محمد أبو الفضل إبراهيم في تحقيقه لكتاب "البرهان في علوم القرآن" للإمام الزركشي المتوفى سنة ٧٩٤ هـ. فقد نقل الإمام الزركشي عن كتاب البسيط في سبعة مواضع من كتابه٢. ولم يبينّ من صاحب البسيط!؟. قال الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم معرّفًا بصاحب البسيط٣: هو السيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي المتوفى سنة ٧١٧ هـ، والبسيط أحد شروحه الثلاثة على كتاب الكافية في النحو للشيخ جمال الدين عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب، والمتوفى سنة ٦٤٦ هـ. وأحال الأستاذ المحقق في ذلك على كشف الظنون، وكرّر هذا الكلام مختصرًا في موضعين آخرين من التحقيق٤ _________ ٢ البرهان للزركشي ٢/ ٣٦٤، ٤/١١٩، ٢١١، ٢٥١، ٢٥٩، ٢٩٦، ٤٤٣. ٣ البرهان للرزكشي ٢/ ٣٦٤ (الحاشية) . ٤ البرهان للزركشي ٤/ ١١٩، ٢١١ (الحاشية) .
1 / 146
٢- الدكتور عبد العال سالم مكرّم في تحقيقه لكتاب "همع الهوامع" للسيوطي (المتوفى سنة ٩١١ هـ) . والإمام السيوطي ينقل عن كتاب البسيط في أكثر من خمسين موضعًا من كتابه "همع الهوامع"١، ولم يذكر من هو صاحب البسيط.
وقد وهم الدكتور عبد العال سالم في تحقيقه إذ قال٢: البسيط لركن الدين حسن ابن محمد الاستراباذي (المتوفى سنة ٧١٧ هـ) .
٣- الأستاذ عبد السلام هارون في تحقيقه لكتاب "خزانة الأدب" لعبد القادر البغدادي المتوفى سنة (١٠٩٣ هـ) . والبغدادي نقل عن البسيط في ثلاثة مواضع من الخزانة٣.
وقد سكت الأستاذ عبد السلام هارون عن بيان الموضع الأوّل ولم يعلّق عليه بشيء، ولكنه في الموضعين الآخرين نسب الكتاب إلى ركن الدين الاستراباذي، فقال٤: البسيط هو الشرح الكبير للكافية، لركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي الحسني المتوفى سنة ٧١٧ هـ.
٤- الأستاذ عبد العزيز رباح وزميله الأستاذ أحمد يوسف دقّاق محّققا كتاب "شرح أبيات مغني اللبيب" لعبد القادر البغدادي. وقد ورد ذكر صاحب البسيط في موضع واحد من هذا الكتاب٥، ولم يعلق عليه المحققان. ولكنهما أشارا في الفهارس، في فهرس أسماء الكتب التي ذكرها المصنف، عند ذكر شروح الكافية٦: البسيط لركن الدين حسن ابن محمد الاسزاباذي، كما في الكشف.
٥- الدكتور عباس مصطفى الصالحي محقق كتاب "تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد" لابن هشام الأنصاري (المتوفى سنة ٧٦١ هـ) . وقد ورد ذكر البسيط مرة واحدة في الكتاب، فعلّق عليه المحقق في الحاشية بقوله٧: لعل المقصود بالبسيط أحد شروح الكافية، فقد ورد في كشف الظنون (٢/ ١٣٧٠) ما نصّه: وصنّف السيد ركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي ثلاثة شروح على الكافية، كبير وهو المسمى بالبسيط.
_________
١ همع الهوامع للسيوطي- الجزء الخاص بالفهارس ٧/٣٤٣.
٢ همع الهوامع ١/٨٢ (الحاشية) .
٣ خزانة الأدب للبغدادي، تحقيق هارون ٢/ ٢٢، ٩/ ٤١٦، ١٠/ ١٩٨.
٤ خزانة الأدب ٩/ ٤١٦، ١٠/١٩٨ الحاشية.
٥ شرح أبيات مغني اللبيب ا/٣٩٤.
٦ شرح أبيات مغني اللبيب ٨/٤٣٢.
٧ تخليص الشواهد ص ٧٥.
1 / 147
٦- الدكتور عبد العال سالم مكرّم في تحقيقه لكتاب "الأشباه والنظائر" للسيوطي، وقف موقفًا عجيبا في نسبة كتاب البسيط، ففي فهرس المصادر التي اعتمد عليها السيوطي جعل المحقق كتاب البسيط كتابين١، فقال: البسيط لركن الدين حسن بن محمد الاستراباذي، وأحال إليه في أكثر من ثمانين موضعًا، وذلك في الأجزاء الثلاثة الأولى من التحقيق. ثم قال: البسيط لضياء الدين بن العلج، وأحال إليه في نحو خمسة وعشرين موضعًا، وذلك في الجزء الرابع من الكتاب.
والصحيح أن كتاب "البسيط" المذكور في الأشباه والنظائر كتاب واحد، ولكن سبب هذا الخلط، أن الأستاذ المحقق كان يظن كما ظن في تحقيقه لكتاب همع الهوامع، أن صاحب البسيط هو ركن الدين الاستراباذي، واستمر لديه هذا الظن في الأجزاء الثلاثة الأولى من تحقيقه لكتاب الأشباه والنظائر، حتى فوجئ في بداية الجزء الرابع بقول السيوطي٢: وممّن ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج، صاحب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات.
فماذا يصنع الأستاذ المحقق أمام هذا النصّ؟ لعله رأى أن من الأسلم له أن يجعل كتاب البسيط كتابين، والمصنّف مصنّفين، دفعًا للتعارض القائم في نظره!! وإن كان الأوْلى به أن يصحح معلوماته، ويرجع إلى الحق، ويلتزم بما قاله السيوطي.
هذا.. وهناك كتاب كبير في التفسير اسمه "البسيط" للإمام عليّ بن أحمد الواحدي (المتوفى سنة ٤٦٨ هـ) . قال في ترجمته القفطي٣: وصنّف التفسير الكبير وسماه "البسيط" وأكثر فيه من الإعراب والشواهد واللغة، ومن رآه علم مقدار مَا عنده من علم العربية.
ولم أجد أحدًا خلط بين كتاب "البسيط" في النحو، وكتاب "البسيط" في التفسير للواحدي، خلافًا لما ذكره الدكتور النماس محقق كتاب الارتشاف، إذ قال٤: والكثير يخلط بين كتاب البسيط في النحو السابق الذكر، وكتاب البسيط في التفسير لعليّ بن أحمد الواحدي. ولم يُقدّم لنا الأستاذ المحقق مثالًا واحدًا على هذا الخلط.
_________
١ الأشباه والنظائر- الفهارس ٩/ ١٨٣.
٢ الأشباه والنظائر بتحقيق د عبد العال سالم ٤/٧.
٣ إنباء الرواة ٢/ ٢٢٣.
٤ ١رتشاف الضرب٣/ ٦٨٦.
1 / 148
صاحب "البسيط" في النحو:
لا تسعفنا المصادر التي بين أيدينا إلا بنتف يسيرة، أو شذرات متناثرة عن صاحب البسيط في النحو، على الرغم من الآراء الكثيرة التي، نقلت عنه. وهذا من الأسباب التي أدت بعدد من المحققين المعاصرين إلى الخلط في الكشف عن شخصيته.
ولعل أبا حيان النحوي هو المصدر الأساسي للتعريف بصاحب البسيط وآرائه النحوية، فلا نكاد نجد أثرًا لصاحب البسيط فيما قبل مصنفات أبي حيان.
وقد ظفرت بنصّ مهم يعدّ أوفى ما وجدته في التعريف بصاحب البسيط، وذلك في تفسير البحر المحيط لأبي حيان، عند قوله تعالى: ﴿سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ ١.
قال أبو حيان٢: وقال بعض أصحابنا، وهو الإِمام العالم ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عليّ الإشبيلي، ويعرف بابن العلْج، وكان ممنّ أقام باليمن، وصنّف بها، قال في كتابه البسيط في النحو ... وتبينّ من كلام هذا الإمام أنه لا يجوز أن تكون الجملة بدلا من المفرد.
كما وجدت ترجمة موجزة لصاحب البسيط في طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (المتوفى سنة ٨٥١ هـ) إذ قال٣: "محمد أبو عبد الله ضياء الدين بن العلْج، بكسر العين المهملة وسكون اللام، ثم جيم، مؤلف كتاب البسيط في النحو، ذكره الشيخ أثير الدين أبو حيان في شرح التسهيل، ونقل عنه في كتاب البسيط كثيرًا. قال: كان قد سكن اليمن، وصنّفَ بها. ومما حكى عنه منع إبدال الجملة من المفرد، وقد جوّزه ابن جنى وأجازه ابن مالك ﵀".
ويبدو أن الإمام السيوطي (المتوفى سنة ٩١١ هـ) لم يطَّلع على النصّ السابق من البحر المحيط، أو على هذه الترجمة لصاحب البسيط، وقد صرّح بذلك في بغية الوعاة إذ قال٤: صاحب البسيط ضياء الدين بن العلج، أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه، ولم أقف له على ترجمة.
وأشار إليه السيوطي أيضًا في الأشباه والنظائر بقوله٥: وممنّ ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج، صاحب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات.
_________
١ سورة الجاثية: آية ٢١.
٢ البحر المحيط ٨/٤٧.
٣ طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة٢٩٨.
٤ الأشباه والنظائر ٤/ ٧.
٥ بغية الوعاة ٢/ ٣٧٠.
1 / 149
موطن صاحب البسيط وعصره:
عرفنا أن صاحب البسيط هو محمد بن عليّ الإشبيلي، المعروف بابن العلْج. ويفهم من ذلك أن موطنه الأصلى مدينة إشبيلية في الأندلس، وأنه ولد ونشأ بها، وتلقى فيها العلم على علماء عصره..
وقد وصف ياقوت مدينة إشبيلية بأنها مدينة كبيرة عظيمة، تقع غربي قرطبة، بينهما ثلاثون فرسخًا، يطلّ عليها جبل الشرف، وهو جبل كثير الشجر والزيتون وسائر الفواكه.. وهي على شاطىء نهر عظيم، قريب في العظم من دجلة أو النيل، تسير فيه المراكب المثقلة، يقال له وادي الكبير، وينسب إليها خلق كثير من أهل العلم١.
وقد سقطت مدينة إشبيلية بيد النصارى عام ٦٤٦ هـ بعد أعمال حربية لعدة سنوات، وحصار طويل، استمر نحو سنة ونصف، فاضطرت المدينة إلى التسليم بالشروط ورحيل المسلمين عنها، فغادرها من أهلها ما يقدّر بأربعمائة ألف، قصدوا مدن الأندلس الأخرى والمغرب..٢.
هذا عن موطنه الأصلي، ولكن ما العصر الذي عاش فيه صاحب البسيط؟ لم أجد إشارة ممنّ كتب عن صاحب البسيط تذكر سنة ولادته أو وفاته، إلا خبرًا مهمّا ينصّ على أن صاحب البسيط كان من تلاميذ الأستاذ أبي عليّ الشلوبين (المتوفى سنة ٦٤٥ هـ) . قال ابن مكتوم٣ (المتوفى سنة ٧٤٩ هـ): "وقد تخرج بالأستاذ أبي عليّ الشلوبين ﵀، ومهر بين يديه نحو أربعين رجلًا كأبي الحسن بن عصفور، وأبي الحسن بن أبي الربيع، وأبي عبيد الله بن أبي الفضل، وأبي عبد الله بن العلج، وأبي الحسن بن الضَّائع، وأبي الحسن الأبذي، وأبي عليّ بن أبي الأحوص، وأبي جعفر اللبلي، وابن يللجنت، وأبي القاسم الصفار، وأبي العباس بن الحاج، وغيرهم. وكلّهم أئمة كبار مصنفون في علم العربية وغيره، قد طبقوا بعلمه الآفاق، وملأوا بفوائده وفرائده الأوراق ... "
فهذا النصّ إشارة واضحة إلى أن ابن العلْج كان من طبقة بن عصفور (المتوفى سنة ٦٦٩ هـ) وغيره من تلامذة الأستاذ أبي عليّ الشلوبين.
_________
١ معجم البلدان ١/١٩٥.
٢ التاريخ الأندلسي. د. عبد الرحمنِ الحجي ٤٨٢.
٣ إنباه الرواة ٢/ ٣٣٤ الحاشية نقلاَ عن كتاب تلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم/ مخطوط.
1 / 150
قال الغبريني١: كان الشلوبين أستاذًا بارعًا تخرَّج على يديه جماعة كثيرة من أهل العلم، قيل: وكل من قرأ على أبي عليّ الشلوبين ببلده نجب.
وقد توفى الشلوبين ببلده إشبيلية في سنة ٦٤٦ هـ، قبل استيلاء العدوّ عليها بقليل٢.
فابن العلج إذًا من نحاة الأندلسي في القرن السابع الهجري، ولكن يبدو أنه غادر موطنه بسبب حملات النصارى على الأندلس، ولا ندري متى غادر الأندلس، ولا المدن التي مرّ بها، حتى وصل اليمن وسكن بها، وصنف.
وأقدّر أن صاحب البسيط توفى باليمن في الثلث الأخير من القرن السابع الهجري، وهو الزمن الذي توفى فيه كثير من تلامذة الشلوبين.
_________
١ عنوان الدراية ٣١٨.
٢ اختصار القدح المعلّى ١٥٤.
تعريف موجز بصاحب البسيط: ومما سبق يمكن استخلاص المعلومات التالية عن صاحب البسيط في النحو: اسمه: محمد بن عليّ الإِشبيلي، ويعرف بابن العِلْج. كنيته: أبو عبد الله. لقبه: ضياء الدين. موطنه: مدينة إشبيلية في الأندلس، ولد ونشأ بها، وتلقى العلم على أبي عليّ الشلوبين. لكنه غادر الأندلس متوجهًا إلى المشرق حتى وصل اليمن، وسكن بها وصنّف. عصره: هو من نحاة القرن السابع الهجري، لأنه من طبقة ابن عصفور وغيره من تلاميذ الشلوبين. أشهر مصنفاته: كتاب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات. شهرته: لماذا عرُف صاحب البسيط بابن العِلجْ؟ لم أجد أحدًا ذكر سببًا لذلك. فما معنى العِلجْ؟ قال في القاموس مادة علج: العِلْج بالكسر العيَرْ، وحمار الوحش السمين القوي، والرغيف الغليظ الحرف، والرجل من كفار العجم.
تعريف موجز بصاحب البسيط: ومما سبق يمكن استخلاص المعلومات التالية عن صاحب البسيط في النحو: اسمه: محمد بن عليّ الإِشبيلي، ويعرف بابن العِلْج. كنيته: أبو عبد الله. لقبه: ضياء الدين. موطنه: مدينة إشبيلية في الأندلس، ولد ونشأ بها، وتلقى العلم على أبي عليّ الشلوبين. لكنه غادر الأندلس متوجهًا إلى المشرق حتى وصل اليمن، وسكن بها وصنّف. عصره: هو من نحاة القرن السابع الهجري، لأنه من طبقة ابن عصفور وغيره من تلاميذ الشلوبين. أشهر مصنفاته: كتاب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات. شهرته: لماذا عرُف صاحب البسيط بابن العِلجْ؟ لم أجد أحدًا ذكر سببًا لذلك. فما معنى العِلجْ؟ قال في القاموس مادة علج: العِلْج بالكسر العيَرْ، وحمار الوحش السمين القوي، والرغيف الغليظ الحرف، والرجل من كفار العجم.
1 / 151
وفي المصباح المنير: العِلجْ: "حمار الوحش الغليظ، ورجل عِلْج شديد والرجل الضخم من كفار العجم ... " قال أبو زيد: "يقال استعلج الرجل إذا خرجت لحيته، وكل ذي لحية عِلْج، ولا يقال للأمرد عِلْج".
أقول: ولعلّه عرف بابن العِلْج لأن والده كان غليظًا شديدًا.
وهم في كنية صاحب البسيط:
عرفنا أن صاحب البسيط يكنى أبا عبد الله، وقد عجبت للدكتور النماس كيف جعل كنية صاحب البسيط أبا البقاء، وذلك في تحقيقه "ارتشاف الضرَّب" لأبي حيان، عند قول أبي حيان: "وقال أبو البقاء وصاحب البسيط ... " فجعل المحقق النصّ هكذا "وقال أبو البقاء صاحب البسيط"١ ثم أكدّ ذلك في الحاشية معرّفا بصاحب البسيط فقال: "هو أبو البقاء ضياء الدين بن العلج". فوقع الشكّ في نفسي، وفزعت إلى النسخة المخطوطة التي لدي من ارتشاف الضرَّب، وهي النسخة التي جعلها المحقق أصلًا في تحقيقه للكتاب فوجدت النصّ واضحًا في المخطوطة، والتحريف بيّنًا في التحقيق، وذلك أن الناسخ كتب النص هكذا "وقال أبو البقا وصاحب البسيط"، فجاء الأستاذ المحقق وجعل الواو همزة، ثم أكدّ هذا الخطأ في التعليق عليه في الحاشية.
والحق أن الأستاذ المحقّق عاد وصحّح هذه الكنية في قسم الفهارس آخر الكتاب، حيث قال٢: ابن العلج أبو عبد الله محمد ضياء الدين بن العلج. ولكنه لم ينبّه على التحريف المذكور.
منزلته العلمية:
صاحب البسيط في النحو عالم كبير، وإمام متبحّر في علم النحو، وهذه النقول الكثيرة عن كتابه "البسيط" تدل على علوّ كعبه في هذا الفن، وشدّة تمكنه من هذا العلم. ويكفى للدلالة على ذلك أنه من تلاميذ الأستاذ أبي عليّ الشلوبين، وقد قيل: كل من قرأ على أبي الشلوبين ببلده نجب٣
_________
١ ارتشاف الضرب ٢/ ٢٣٩.
٢ ارتشاف الضرب ٣/ ٦٧١.
٣ عنوان الدراية ٣١٨.
1 / 152
وقال ابن مكتوم القيسى: "وقد تخرج بالأستاذ أبي عليّ الشلوبين ﵀، ومهر بين يديه نحو أربعين رجلًا كأبي الحسن بن عصفور وأبي الحسين بن أبي الربيع وأبي عبد الله بن العلج ... وغيرهم".
ثم قال: "وكلهم أئمة كبار مصنفون في علم العربية وغيره، قد طبقوا بعلمه الآفاق، وملأوا بفوائده وفرائده الأوراق ... "١.
وقد وصفه أبو حيان بالإمامة والعلم فقال: "وقال بعض أصحابنا، وهو الإمام العالم ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عليّ الأشبيلي ويعرف بابن العلج ... "٢
وهذه شهادة تقدير واعتراف من أبي حيان لهذا العالم الكبير. ووصف السيوطي كتاب "البسيط" في النحو بأنه كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات٣.
وقد أشار إلى كتاب البسيط هذا، ونقل عنه عدد كبير من العلماء بدءًا بأبي حيان، حتى قال السيوطي عن صاحب البسيط: "أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه"٤.
_________
١ إنباء الرواة ٢/ ٣٣٤ الحاشية.
٢ الأشباه والنظائر ٤/ ٧.
٣ بغية الوعاة ٢/٣٧.
٤ ارتشاف الضرب ٢/١٣، ١٤، ٦٦١.
أشهر المصنفين الذين نقلوا عن صاحب البسيط: ١- أبو حيان النحوي الأندلسي (المتوفى سنة ٧٤٥ هـ): تعدّ مصنفات أبي حيان المصادر الأساسية للتعريف بصاحب البسيط وآرائه النحوية. قال السيوطي٥: صاحب البسيط ضياء الدين بن العلْج، أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه. ويبدو لي أن صاحب البسيط لم يكن من شيوخ أبي حيان، إذ لم يذكر ضمن شيوخه فضلًا عن أن أبا حيان كان كثيرًا ما ينصّ على شيوخه في مصنفاته، ومن ذلك قوله: "وزعم ابن عصفور وشيخنا أبو الحسن الأبذي"٦، وقوله: "وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الضائع"٧. وانظر إليه كيف يميز بين شيوخه وغيرهم إذ يقول: "هكذا قال أصحابنا ابن عصفور وشيخانا الأبذي وابن الضائع"٨. وقد لاحظت أن أبا حيان عندما يقول "وقال أصحابنا" فإنما يقصد بهم الأندلسيين، وقد تكرّر ذلك في مصنفاته، وهذا منه دقة في التعبير. _________ ٥ البحر المحيط ٨/٤٧. ٦ بغية الوعاة ٢/ ٣٧٠. ٧ ارتشاف الضرب ٢/ ١٤، ٥٦٥. ٨ ارتشاف الضرب ٢/ ١٤.
أشهر المصنفين الذين نقلوا عن صاحب البسيط: ١- أبو حيان النحوي الأندلسي (المتوفى سنة ٧٤٥ هـ): تعدّ مصنفات أبي حيان المصادر الأساسية للتعريف بصاحب البسيط وآرائه النحوية. قال السيوطي٥: صاحب البسيط ضياء الدين بن العلْج، أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه. ويبدو لي أن صاحب البسيط لم يكن من شيوخ أبي حيان، إذ لم يذكر ضمن شيوخه فضلًا عن أن أبا حيان كان كثيرًا ما ينصّ على شيوخه في مصنفاته، ومن ذلك قوله: "وزعم ابن عصفور وشيخنا أبو الحسن الأبذي"٦، وقوله: "وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الضائع"٧. وانظر إليه كيف يميز بين شيوخه وغيرهم إذ يقول: "هكذا قال أصحابنا ابن عصفور وشيخانا الأبذي وابن الضائع"٨. وقد لاحظت أن أبا حيان عندما يقول "وقال أصحابنا" فإنما يقصد بهم الأندلسيين، وقد تكرّر ذلك في مصنفاته، وهذا منه دقة في التعبير. _________ ٥ البحر المحيط ٨/٤٧. ٦ بغية الوعاة ٢/ ٣٧٠. ٧ ارتشاف الضرب ٢/ ١٤، ٥٦٥. ٨ ارتشاف الضرب ٢/ ١٤.
1 / 153
ومن ذلك قوله: "ولم ينازع في هذا من متأخري أصحابنا إلا أبو العباس بن الحاج، وهو من تلاميذ الأستاذ أبي عليّ الشلوبين ونبهائهم ... "١.
وقوله: "ذهب ابن عصفور وابن مالك من أصحابنا ... "٢.
وقال في البحر المحيط عن صاحب البسيط: "وقال بعض أصحابنا، وهو الإمام العالم ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عليّ الأشبيلي، ويعرف بابن العلج ... "٣.
وفي شرح التسهيل المسمى التذييل والتكميل ينقل أبو حيان كثيرًا عن صاحب البسيط، فيقول: وفي البسيط٤... وأحيانا يذكر اسم مصنفه، كقوله: وقال ضياء الدين أبو عبد الله ابن العلج ... ٥.
وفي ارتشاف الضرَّب نقل أبو حيان عن صاحب البسيط في أكثر من تسعين موضعًا بأشكال مختلفة: فالأكثر أن يقول: "وفي البسيط ... "٦.
وكثيرًا ما يذكره بقوله: "صاحب البسيط ... "٧.
ويقرنه أحيانًا بغيره من العلماء، كقوله: "ابن عصفور وصاحب البسيط "٨. أو "قال ابن مالك وصاحب البسيط"٩. أو "ووهم ابن مالك وصاحب البسيط "١٠. أو "وهو اختيار صاحب البسيط وابن مالك"١١. أو قوله: "وهو قول الأستاذ أبي عليّ الشلوبين وتبعه صاحب البسيط"١٢.
ومن ذلك أيضًا قوله: "وذهب الأعلم وابن خروف وصاحب البسيط"١٣.
_________
١ البحر المحيط ٦/ ٣٠١.
٢ ارتشاف الضرب ٢/٣٧٨، ٤٥٥، ٤٩٥.
٣ البحر المحيط ٨/ ٤٧.
٤ التذييل والتكميل ج٣ لوحة ١٥٣ مصور بالجامعة الإسلامية برقم ١٤١٦.
٥ التذييل والتكميل ج ٣ لوحة ١٥٤.
٦ ارتشاف الضرب ا/٢٢٥، ٢٥٥، ٢٦٩، ٣٦٦، ٤٢٠، ٤٤٠ ومواضع كثيرة.
٧ ارتشاف الضرب ١/ ٣٨٠، ٣٨٧، ٤١٦، ٢/ ٤٦، ١٣٨، ١٥٧، ٥٦٦.
٨ ارتشاف الضرب ١/ ٣٧٧.
٩ ارتشاف الضرب ٢/ ٣٢٠.
١٠ ارتشاف الضرب ٣/ ٥١.
١١ ارتشاف الضرب ٣/ ٨٥.
١٢ ارتشاف الضرب ٣/٨٥.
١٣ ارتشاف الضرب ٣/ ٨٠.
1 / 154
وقوله: "وزعم الأستاذ أبو عليّ وابن عصفور وصاحب البسيط وابن مالك"١.
ولم أجد أبا حيان في الارتشاف ذكر "ابن العلْج" باللفظ إلا مرة واحدة، بقوله "نصّ على ذلك الفارسي والزجاجي وابن خروف وابن العلْج وابن مالك وابن أبي الربيع وابن عصفور"٢.
وقد لاحظت أن أبا حيّان ينقل كلام صاحب البسيط بنصّه غالبًا، ثم يتبعه بقوله "انتهى".
ولكن كان أبو حيان يذكر أحيانًا كلام صاحب البسيط باختصار، كقوله: "وهذا مختصر من البسيط"٣. وقوله: "وفي البسيط ما ملخصه.."٤. أو قوله: "وفي البسيط ... " انتهى ملخّصًا٥.
وأبو حيان في الغالب ينقل كلام صاحب البسيط من غير أن يعلّق عليه، ولكنه أحيانًا يصفه بالوهم كقوله: "ووهم صاحب البسيط"٦، وقوله: "ووهم ابن مالك وصاحب البسيط"٧.
بل قد يخطئه ويردّ عليه، ومن ذلك قوله: "وفي البسيط: إن توسعت في الظرف لم تجز إضافته، لأنه اسم حينئذٍ، والأسماء لا تضاف إلى الجمل. انتهى. وليس بصحيح، بل قد اتسع فيها، وأضيفت ... "٨.
٢- ابن أُم قاسم المرادي المتوفى سنة ٧٤٩ هـ:
أشار المرادي إلى صاحب البسيط خمس مرات في كتابه الجنى الداني: من غير أن يذكر اسمه. فأحيانًا يقول: "ذكر في البسيط"٩. أو "حكاه في البسيط"١٠. وأحيانًا أخرى يقول: "صاحب البسيط"١١.
_________
١ ارتشاف الضرب ٣/١٤٩.
٢ ارتشاف الضرب ١/ ٣٩٠.
٣ ارتشاف الضرب ٢/٢٣٢.
٤ ارتشاف الضرب ٣/٧٠،١١٦.
٥ ارتشاف الضرب ٣/٦١.
٦ ارتشاف الضرب ٢ /١٣٨.
٧ ارتشاف الضرب ٣/٥١.
٨ ارتشاف الضرب ٢/٥٢٠-٥٢١.
٩ الجني الداني ٢٥ ٤. بتحقيق طه محسن.
١٠ الجني الداني ٥٠٦
١١ الجني الداني ٤١٧، ٤٣٦،٤٥٤.
1 / 155
قال في مبحث رُبّ١: اختلف النحويون في معنى ربّ على أقوال: الأول أنها للتقليل، وهو مذهب أكثر النحويين، ونسبه صاحب البسيط إلى سيبويه.
وفي شرح الألفية المسمى "توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك" ذكر المرادي صاحب البسيط في نحو عشرة مواضع٢، ولم يعرّف به ولا مرة، وكذلك سكت المحقق عن التعريف به.
وقد ذكر المرادي ابن العلْج غير مقرون بكتابه البسيط حيث قال٣: "قال ابن العلج: وأما الرفع بعد "كذا" فخطأ لأَنه لم يسمع".
٣- ابن هشام الأنصاري المتوفى سنة ٧٦١ هـ:
ذكر ابن هشام صاحب البسيط مرة في المغني في مبحث "لكنّ "٤، ومرّة في كتابه تخليص الشواهد٥. من غير أن يعرّف به.
٤- ابن عقيل المتوفى سنة ٧٦٩ هـ:
صرّح ابن عقيل في شرح الألفية مرتين بذكر البسيط وصاحبه ضياء الدين بن العلج، في المرّة الأولى عند قول الناظم:
وفعل أمرٍ ومضيٍّ بُنيا
قال ابن عقيل٦: ونقل ضياء الدين بن العلج في البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل في الأفعال فرع في الأسماء.
وفي المرة الثانية في باب إعمال المصدر٧.
أما في كتابه المساعد على تسهيل الفوائد فقد أكثر ابن عقيل من النقل عن البسيط وصاحبه في أكثر من ستين موضعًا بأشكال مختلفة.
فأحيانًا يقول٨: "في البسيط" وأحيانًا يقول٩: "ونقل ابن العلج". أو "وحكى
_________
١ الجني الداني. تحقيق طه محسن ص ٤١٧.
٢ توضيح المقاصد ١/ ٢١٠، ٣٠١، ٢/١١٨، ٢٦٥، ٢٧٩، ٣/٦، ٢٦٢، ٤/٨، ٣٣٨.
٣ توضيح المقاصد ٤/ ٣٣٦.
٤ مغني اللبيب ٣٢٢.
٥ تخليص الشواهد ٧٥.
٦ شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك ١/٣٧. وانظر شرح التسهيل لابن عقيل ١/ ٢٠.
٧ شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك ٢/ ١٠١.
٨ المساعد على تسهيل الفوائد ١/ ٢٠، ٩٨، ١٧١، ٣٢٠، ٤٣٠، ٤٩٢، ٢/٤٢، ٤٣، ٧٣، ١٠٦، وغيرها.
٩ المساعد ١/٢٢٧، ٣٠٥، ٤١٨، ٤٦٥، ٢/١٣١ وغيرها.
1 / 156
ابن العلج".
وأحيانًا يقول١: "ابن العلج في البسيط" أو "الضياء في البسيط".
٥- جمال الدين الأسنوي (المتوفى سنة ٧٧٣ هـ):
الإمام الأسنوي في كتابه "الكوكب الدرّي" قال٢: "ونقل صاحب البسيط عن سيبويه أن "ما" في قول القائل: كلما تأتيني أكرمتك، مصدرية ظرفية.."
٦- بدر الدين الزركشي (المتوفى سنة ٧٩٤ هـ):
الإمام الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن" نقل عن صاحب البسيط في ثمانية مواضع٣، من غير أن يذكر اسمه.
٧- الشيخ خالد الأزهري (المتوفى سنة ٩٠٥ هـ):
الشيخ خالد الأزهري في كتابه "التصريح على التوضيح" نقل في عدد من المواضع عن صاحب البسيط، أحيانًا يقول "وفي البسيط "٤، وأحيانًا يذكر "ابن العلج"٥ أو "ابن العلج في البسيط"٦.
٨ جلال الدين السيوطي (المتوفى سنة ٩١١ هـ):
أكثر الإِمام السيوطِي من النقل عن صاحب البسيط. ففي كتابه "همع الهوامع" نقل عنه في نحو ستين موضعا٧، من غير أن يعرّف به.
وفي "الأشباه والنظائر" نقل السيوطي عن البسيط في أكثر من مائة موضع٨. وعرّف بصاحبه مرة واحدة بقوله٩: وممنّ ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج، صاحب البسيط في النحو، وهو كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات.
_________
١ المساعد ١/ ٤٠٥، ٥٦٩، ٢/ ١٤٤، ٢٨٦ وغيرها.
٢ الكوكب الدري ٤١٧
٣ البرهان في علوم القرآن ٢/٣٦٤، ٤/١١٩، ٢١١، ٢٥١، ٢٥٩، ٢٩٦، ٣٩٠، ٤٤٣.
٤ التصريح ١/ ٢٤٤، ٢٦٤، ٢٧٤، ٢/ ١٦٩، ١٩٥، ٢٠١.
٥ التصريح ١/٣١٣، ٣١٧، ٢/ ١٠٠، ١٧٩، ٣٢٧.
٦ التصريح ١/ ٣٢٠، ٢/٩٥.
٧ همع الهوامع. بتحقيق د. عبد العال سالم ١/٨٢، ١٦٠، ١٧٦، ٢٢٦، وأنظر الجزء الخاص بالفهارس ٧/٣٤٣ وقد نسبه المحقق خطأ لركن الدين الاستراباذي.
٨ الأشباه والنظائر- قسم الفهارس ٩/١٨٣.
٩ الأشباه والنظائر ٤/ ٧.
1 / 157
٩- عبد القادر البغدادي (المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ):
نقل البغدادي عن صاحب البسيط في ثلاثة مواضع من خزانة الأدب١، وفي موضع واحد من كتابه شرح أبيات مغني اللبيب٢. ولم يبين البغدادي من صاحب البسيط!؟.
١٠ الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة المتوفى (سنة ١٤٠٤ هـ):
ذكر أستاذنا المرحوم الشيخ عضيمة في ثلاثة مواضع من كتابه دراسات لأسلوب القرآن الكريم٣ عن ضياء الدين بن العلج أنه لا يجوز أن تكون الجملة بدلا من المفرد، وذلك نقلًا عن البحر المحيط لأبي حيان. وقد تقدمت المسألة.
_________
١ خزانة الأدب بتحقيق هارون ٢/ ٢٢، ٩/ ٤١٦، ١٠/١٩٨.
٢ شرح أبيات مغني اللبيب ١/٣٩٤.
٣ دراسات لأسلوب القرآن الكريم/ القسم الثالث ٤/ ٧٦، ٧٧، ١٦٤
المنهج النحوي لصاحب البسيط: إن الباحث المدقق في هذه النقول الكثيرة عن صاحب البسيط يجد نفسه أمام عِلْم ناضج وفكِر عميق، استوعب أراء السابقين من النحاة، ووازن بينها، ثم أخذ يرجّح ويختار، ويقوّي رأياَ ويردّ آخر، من غير تعصب لمذهب أو لعالم. وليس صاحب البسيط بدْعًا في ذلك، بل هذه هي سمة النحو في الأندلس بعامة، وهذا منهج طبقه ابن عصفور وابن الحاج وابن أبي الربيع من تلاميذ الشلوبين بخاصة. وصاحب البسيط ينقل عن البصريين والكوفيين ومن جاء بعدهم، وينسب الآراء إلى أصحابها في الغالب، يفصل ويرجّح ويجتهد. ففي معنى "ربّ" نقل في البسيط عن كبار البصريين والكوفيين أنها للتقليل٤. وصاحب البسيط له عناية واضحة بآراء سيبويه، ففي حديثه عن "عسى" من أفعال المقاربة، إذا قلت: عسى أن يذهب زيد، قال في البسيط: ظاهر كلام سيبويه أنها هاهنا تامة لا خبر لها، وفاعلها ما بعدها على تقدير المصدر، ومعناها دنا وقرب ولا يجوز صريح المصدر٥. وفي باب البدل، قال صاحب البسيط: "وأما بدل الغلط فجوّزه سيبويه وجماعة، والقياس يقتضيه"٦. _________ ٤ ارتشاف الضرب ٢/ ٤٥٥. همع الهوامع ٤/ ١٧٤. ٥ ارتشاف الضرب ٢/ ٢٢١. ٦ همع الهوامع ٥/ ٢٢١.
المنهج النحوي لصاحب البسيط: إن الباحث المدقق في هذه النقول الكثيرة عن صاحب البسيط يجد نفسه أمام عِلْم ناضج وفكِر عميق، استوعب أراء السابقين من النحاة، ووازن بينها، ثم أخذ يرجّح ويختار، ويقوّي رأياَ ويردّ آخر، من غير تعصب لمذهب أو لعالم. وليس صاحب البسيط بدْعًا في ذلك، بل هذه هي سمة النحو في الأندلس بعامة، وهذا منهج طبقه ابن عصفور وابن الحاج وابن أبي الربيع من تلاميذ الشلوبين بخاصة. وصاحب البسيط ينقل عن البصريين والكوفيين ومن جاء بعدهم، وينسب الآراء إلى أصحابها في الغالب، يفصل ويرجّح ويجتهد. ففي معنى "ربّ" نقل في البسيط عن كبار البصريين والكوفيين أنها للتقليل٤. وصاحب البسيط له عناية واضحة بآراء سيبويه، ففي حديثه عن "عسى" من أفعال المقاربة، إذا قلت: عسى أن يذهب زيد، قال في البسيط: ظاهر كلام سيبويه أنها هاهنا تامة لا خبر لها، وفاعلها ما بعدها على تقدير المصدر، ومعناها دنا وقرب ولا يجوز صريح المصدر٥. وفي باب البدل، قال صاحب البسيط: "وأما بدل الغلط فجوّزه سيبويه وجماعة، والقياس يقتضيه"٦. _________ ٤ ارتشاف الضرب ٢/ ٤٥٥. همع الهوامع ٤/ ١٧٤. ٥ ارتشاف الضرب ٢/ ٢٢١. ٦ همع الهوامع ٥/ ٢٢١.
1 / 158
وفي حرف التعريف قال في البسيط: "ذهب سيبويه إلى أن حرف التعريف اللام وحده"١.
وقد يختار رأي سيبويه، كما في الوصف بإلاّ، قال السيوطي: "وجوّز سيبويه أن يوصف بها كل نكرة ولو مفردًا، ومثل بـ "لو كان معنا رجلٌ إلا زيدٌ " واختاره صاحب البسيط"٢.
وقد يعترض على سيبويه، كما في الفرق بين الحال والصفة الجامدة، قال فيِ البسيط:
"لم يستضعف سيبويه: مررت برجل أسدًا، بنصب "أسدًا" على الحال، أي جريئًا أو شديدًا قويًا. واستضعف: مررت برجلٍ أسدٍ، على الوصف. والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الوصف أدخل في الاشتقاق من الحال.
والثاني: أن الحال تجرى مجرى الخبر، وقد يكون خبرًا ما لا يكون صفة.
قال: والقياس التسوية بينهما، لأنه يرجع بالتأويل إلى معنى الوصف، أو بحذف مضاف، أي مثل أسد"٣.
وينقل صاحب البسيط عن الأخفش أن حتى العاطفة، تعطف الفعل إذا كانت سببًا كالفاء نحو: ما تأتينا حتى تحدثُنا٤.
وينقل عن المبرد، قال في البسيط: "ذكر المبرّد في كتابه المسمى بالشافي: إن حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها، وضمّ إليها اللام لئلا يشتبه التعريف بالاستفهام"٥.
وينقل عن السيرافي، ومن ذلك أنهم اختلفوا في "لات" هل لها عمل أولا، على أقوال:
أحدها: وهو مذهب سيبويه والجمهور أنها تعمل عمل ليس، ولكن في لفظ الحين خاصة.
والثاني: أنها لا تعمل شيئًا، بل الاسم الذي بعدها إن كان مرفوعًا فمبتدأ أو منصوبًا
فعلى إضمار فعل، أي ولات أرى حين مناص، نقله ابن عصفور عن الأخفش، وصاحب البسيط عن السيرافي٦.
_________
١ الأشباه والنظائر ٢/١١٧.
٢ همع الهوامع ٣/٢٧٢.
٣ الأشباه والنظائر ٤/ ١٤٨-١٤٩.
٤ همع الهوامع ٥/ ٢٥٩.
٥ الأشباه والنظائر ٥/ ٩.
٦ همع الهوامع ٢/١٢٢-١٢٣.
1 / 159
وينقل عن الفارسي، ويصحح مذهبه في مسألة العدد المضاف من ثلاثة إلى عشرة، هل يجوز إضافته إلى اسم الجمع نحو: ثلاثة القوم، أو اسم الجنس نحو ثلاث نحل؟ أقوال:
أحدها: نعم ويقاس إن كان قليلا، وعليه الفارسي وصححّه صاحب البسيط لشبهه بالجمع، ولو روده١، قال:
ثلاثة أنفسً وثلاث ذودٍ٢.
وقال تعالى: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ ٣.
ويصرّح صاحب البسيط أحيانًا بصحّة مذهب البصريين، ومن ذلك قول البصريين إن "هلم" مركبة من "ها" التنبيه، ومن "لُمّ" التي هي فعل أمر من قولهم: لم الله شعثه، أي جمعه.
قال في البسيط: "ويدل على صحة مذهب البصريين أنهم نطقوا به فقالوا: ها لُمّ"٤.
وذكر صاحب البسيط أنه لا يجوز الفصل بين الموصوف وصفته بإلا، فلا يقال: جاءني رجل إلا راكب، لأنهما كشيء واحد.
ورد على الزمخشري حيث جوّز ذلك في المفرد، نحو: ما مررت برجل إلا صالحٍ. وفي الجملة نحو: ما مررتُ بأحدٍ إلا زيدٌ خيرٌ منه، ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ ٥ بأنه مذهب لا يعرف، لا بصري ولا كوفي. وقال: "الصواب أن الجملة في الآية والمثال حالية"٦.
وينقل صاحب البسيط عن الكوفيين، فالخبر الجامد لا يتحمّل ضميرًا نحو: زيدٌ أسدٌ. وزعم الكسائي أنه يتحمّله، ونسبه صاحب البسيط وغيره إلى الكوفيين والرماني٧. ومن ذلك أن (لعلّ) بسيطة، ولامها أصل، حكاه في البسيط عن الكوفيين وأكثر النحويين٨.
_________
١ همع الهوامع ٤/٧٥.
٢ صدر بيت من الشعر للحطيئة، وهو من شواهد سيبويه ٣/٥٦٥ وعجزه (لقد جار الزمان على عيالي) .
٣ سورة النمل: آية ٤٨.
٤ همع الهوامع ٥/١٢٦.
٥ سورة الحجر: آية/٤.
٦ همع الهوامع ٢/١٥٣.
٧ همع الهوامع ٢/١٠، ارتشاف الضرب ٢/٤٦.
٨ همع الهوامع ٢/١٥٣.
1 / 160
وفِي "سِوى" ذهب جماعة منهم الرماني والعكبري إلى أنها ظرف متمكن، أي يستعمل ظرفًا كثيرا وغير ظرف قليلا، قال ابن هشام في التوضيح١: وإليه أذهب. ونقله في البسيط عن الكوفيين٢.
ونقل في البسيط عن الفرَّاء أنه جوّز إضافة اسم الفاعل المعرّف بـ"أل" إذا كان للحال أو الاستقبال، نحو: الضارب زيد الآن أو غدا٣.
وصاحب البسيط ممَّن يهتم بالقياس ويعدّه من أصول النحو، فيقبل حكمًا لموافقة القياس، ويردّ آخر لبعده عن القياس. فيقول مثلًا. في بدل الغلط: جوّزه سيبويه وجماعة، والقياس يقتضيه٤.
ويقول في حروف المعاني: القياس يقتضي عدم حذف حروف المعاني وعدم زيادتها٥.
وفي باب "سنين" من الملحق بجمع المذكر السالم، قال السيوطي: "ومن العرب من يلزمه الواو وفتح النون، ومن العرب من يلزمه الواو ويعربه على النون كزيتون". قال في البسيط: "وهو بعيد من جهة القياس"٦.
وصرّح صاحب البسيط بأن الضرورة لا يقاس عليها٧.
وفي "لا" العاملة عمل ليس، قال في البسيط: "القياس عند بني تميم عدم إعمالها، ويحتمل أن يكونوا وافقوا أهل الحجاز على إعمالها"٨.
وفي بحث "لات " العاملة عمل ليس، قال في البسيط: "يحتمل أن تكون التاء بدلا من "سين" ليس، كما في ست، وانقلبت الياء ألفًا على القياس"٩.
ولكن صاحب البسيط يصرّح بتقديم السّماع على القياس. ومن ذلك: ذهب الكوفيون إلى أن أمثلة المبالغة لا تعمل، لأن اسم الفاعل إنما عمل لجريانه على الفعل في
_________
١ أوضح المسالك لابن هشام ٢/ ٢٨٢٠.
٢ همع الهوامع ٣/ ١٦١.
٣ الأشباه والنظائر ٢/ ٤٣٨.
٤ همع الهوامع ٥/ ٢٢١.
٥ الأشباه والنظائر ١/ ٨٠.
٦ همع الهوامع ١/ ١٦٠.
٧ همع الهوامع ١/٢٢٦.
٨ همع الهوامع ٢/ ١٢٠.
٩ همع الهوامع ٢/ ١٢٢.
1 / 161
حركاته وسكناته، وهذه غير جارية، فوجب امتناع عملها، والمنصوب بعدها محمول على فعل تفسّره الصفة.
قال صاحب البسيط: "وهذا ضعيف لأن النصّ مقدّم على القياس ... "١.
وقال "في البسيط: باب فَعْلان فَعْلى كسكران وسكرى وغضبان وغضبى وعطشان وعطشى إنما يعرف بالسمّاع دون القياس"٢.
ويهتم صاحب البسيط في كتابه بالتعليل، ففي باب مالا ينصرف اختلف في "رحمن" هل يصرف لأنه ليس له فَعْلى، أو لا؛ لأنه ليس له فعلانة؟ على قولين:
أحدهما: نعم لأن الأصل في الأسماء الصرّف، ولم يتحقق شرط المنع وهو وجود فَعْلى.
والثاني: لا، قال في البسيط: وعليه الأكثرون، لأن الغالب في باب فَعْلان عدم الصرف، فالحمل عليه أولى من الحمل على الأقلّ ٣.
وفي البسيط في عِلَّة بناء "أمس" أقوال: قول الجمهور أنه بني لتضمنه لام التعريف لوجهين:
أحدهما: أنه معرفة في المعنى لدلالته على وقت مخصوص، وليس هو أحد المعارف، فدلّ ذلك على تضمنه لام التعريف.
والثاني: أنه يوصف به بما فيه اللام، كقولهم: لقيته أمس الأحدث، وأمس الدابر، ولولا أنه معرفة بتقدير اللام لما وصف بالمعرفة، لأنه ليس أحد المعارف، وهذا مما وقعت معرفته قبل نكرته٤.
وفي سبب تسمية عطف البيان، قال أبو حيان: وسميّ به لأنه تكرار الأول لزيادة بيان فكأنك رددته على نفسه، بخلاف النعت والتأكيد والبدل.
وقيل: لأن أصله العطف، فأصل جاء أخوك زيد: وهو زيدٌ، حذف الحرف والضمير وأقيم زيد مقامه، ولذلك لا يكون في غير الأسماء الظاهرة، ذكره صاحب البسيط٥.
_________
١ الأشباه والنظائر ٢/ ٢٥٦- ٢٥٧.
٢ الأشباه والنظائر ٣/ ٦٤.
٣ الأشباه والنظائر ١/ ٢٥٦، ٢/٩٥١.
٤ الأشباه والنظائر ١/ ٢٥٢.
٥ همع الهوامع ٥/ ١٩٠.
1 / 162
ومن ذلك أيضًا، قوله في البسيط: "فتحت همزة الوصل في أداة التعريف لكثرة الاستعمال، وفرقًا بينها وبين الداخلة على الاسم والفعل، فإنها مع الاسم مكسورة، ومع الفعل مكسورة ومضمومة"١.
ويبدو لي أن صاحب البسيط كان ملمًا بعلوم الشريعة أيضًا، بدليل أنه يستعين بالمصطلحات الشرعية في توضيح القواعد النحوية. ومن ذلك، قال السيوطي: الأصل في الأسماء الصرف ولذا لم يمنع السبب الواحد اتفاقًا، ما لم يعتضد بآخر يجذبه عن الأصالة إلى الفرعية.
قال في البسيط: "ونظيره في الشرعيات أن الأصل براعة الذمة، فلا يقوى الشاهد على شغل الذمة ما لم يعتضد بآخر"٢.
وقال في البسيط أيضًا: "التنوين زيادة على الكلمة، كما أن النّفل زيادة عن الفرض"٣.
وقد لاحظت أن صاحب البسيط استشهد بالحديث "أو مُخرجىَّ هُم"٤. ولكن يبدو أن ذلك قليل.
_________
١ الأشباه والنظائر ٢/ ٢٨٥.
٢ الأشباه والنظائر٣/ ٦٢.
٣ الأشباه والنظائر ٣/ ٢٣٩.
من الآراء النحوية لصاحب البسيط: ١- قال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب٥: وفي البسيط: قَدَم (اسم امرأة)، وسَقَر ممنوعا الصرف باتفاق للتأنيث المعنوي والعلمية. ٢- وقال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب في باب المفعول المطلق، عند ذكر المصادر المثناة، مثل لبيك وحنانيك وسعديك، قال٦: "وعدّ في البسيط في هذه المصادر المثناة حواليك، قال بمعنى الإقامة والقرب كأنه أراد الإحاطة من كل جهة، لأنه يقال: أحوالك، ويحتمل أن يريد إطافة بك بعد إطافة، وليس له فعل من لفظه، ويجوز نصبه على الظرف وعلى الحال". انتهى. _________ ٤ ارتشاف الضرب ٣/ ١٨١. ٥ ارتشاف الضرب ١/ ٤٤٠. ٦ ارتشاف الضرب ٢/ ٢١٠.
من الآراء النحوية لصاحب البسيط: ١- قال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب٥: وفي البسيط: قَدَم (اسم امرأة)، وسَقَر ممنوعا الصرف باتفاق للتأنيث المعنوي والعلمية. ٢- وقال أبو حيان في ارتشاف الضرَّب في باب المفعول المطلق، عند ذكر المصادر المثناة، مثل لبيك وحنانيك وسعديك، قال٦: "وعدّ في البسيط في هذه المصادر المثناة حواليك، قال بمعنى الإقامة والقرب كأنه أراد الإحاطة من كل جهة، لأنه يقال: أحوالك، ويحتمل أن يريد إطافة بك بعد إطافة، وليس له فعل من لفظه، ويجوز نصبه على الظرف وعلى الحال". انتهى. _________ ٤ ارتشاف الضرب ٣/ ١٨١. ٥ ارتشاف الضرب ١/ ٤٤٠. ٦ ارتشاف الضرب ٢/ ٢١٠.
1 / 163
٣- وقال أبو حيان في الارتشاف أيضًا، في باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر١: "جعل" بمعنى (صيّر)، قال تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ٢، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ ٣.
وفي البسيط: وهذه إما تصيير لما له نسبة إليه أو إلى ما يكون له ذاتًا أو كالذات.
فالأول لابدّ فيه من أحد حروف النسبة كقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ ٤.
والثاني تصيير في الفعل بالذات نحو: جعلت الطن خزفًا. وقد تدخل فيه "من" كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِير﴾ ٥. أو بالصفة: جعلته عالمًا. وإما في الاعتقاد: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ ٦. وإما في النيابة عن الشيء: جعلت البصرة بغداد، والكتّان خزًّا. وإما في الشبه: جعلت حسنًا قبيحًا. وهي إذا كانت بهذه المعاني لم تؤثر إلا في المفعول الأول، لأنه وقع به ذلك، ولا يستغني عن الثاني، لأنه كالمبتدأ والخبر في الأصل، أو ما هو منزل منزلته. انتهى ملخصًا.
٤- وقال المرادي٧ في شرح بيت الألفية:
ويُبدَلُ الفعلُ مِن الفعل كمنْ ... يَصِلْ إلينا يستعنْ بنا يُعَنْ
يجوز إبدال الفعل من الفعل بدل كل. قال في البسيط: باتفاق. ومنه:
متى تأْتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارن٨
وبدل الاشتمال نحو: ﴿يَلْقَ أَثَامًا، يُضاعَفْ﴾ ٩. و: مَنْ يَصلْ إلينا يستعن بنا يُعن. وحكى في البسيط فيه خلافًا.
_________
١ ارتشاف الضرب ٣/ ٦٠.
٢ سورة الفرقان آية ٢٣.
٣ سورة الصافات آية ٧٧.
٤ سورة النحل آية ٦٢.
٥ سورة المائدة آية ٦٠.
٦ سورة الأحزاب آية ١٩.
٧ توضيح المقاصد والمسالك ٣/ ٢٦١- ٢٦٢.
٨ صدر بيت لعبيد الله بن الحُر وعجزه: تجد حطبًا جزلًا ونارًا تأجّجا.
والبيت من شواهد سيبويه ٣/٨٦، الأشموني مع الصبان ٣/١٣١. قال البغدادي في الخزانة ٩/٩٨: البيت من قصيدة تزيد على ثلاثين بيتا لعبيد الله بن الحر، قالها وهو في حبس مصعب بن الزبير في الكوفة.
٩ سورة الفرقان من الآيتين ٦٨- ٦٩.
1 / 164