इहकाम फी उसूल अहकाम
الإحكام في أصول الأحكام
प्रकाशक
المكتب الإسلامي
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
١٤٠٢ هـ
प्रकाशक स्थान
(دمشق - بيروت)
शैलियों
इस्लामी क़ानूनशास्त्र
حَرَامًا وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ، وَمَا لَمْ يَقْضِ الْعَقْلُ فِيهِ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَظَرَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ عَنِ الْأَمْرَيْنِ.
احْتَجَّتِ الْأَشَاعِرَةُ بِالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ:
أَمَّا الْمَنْقُولُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَّنَ مِنَ الْعَذَابِ قَبْلَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَإِلَّا لَمَا أَمَّنَ مِنَ الْعَذَابِ بِتَقْدِيرِ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ ; إِذْ هُوَ لَازِمٌ لَهُمَا.
وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ وَمَفْهُومُهُ يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِجَاجِ (١) قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ الْمُوجِبِ وَالْمُحَرِّمِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْقُولِ: فَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ إِمَّا بِالشَّرْعِ أَوْ بِالْعَقْلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا شَرْعَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَالْعَقْلُ غَيْرُ مُوجِبٍ وَلَا مُحَرِّمٍ لِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا حُكْمَ. (٢) فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَلَا حُجَّةَ فِيهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ الْعَذَابُ مِنْ لَوَازِمِ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ انْفِكَاكُهُ عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى عَفْوٍ أَوْ شَفَاعَةٍ، فَنَفْيُهُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُهُمَا.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا لَكِنْ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ لَا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ نَفْيُهُمَا مِنْ نَفْيِهِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا، لَكِنَّهُ لَازِمٌ لِلْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا، الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَعَلَى هَذَا فَاللَّازِمُ مِنْ نَفْيِهِ قَبْلَ الشَّرْعِ نَفْيُ الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ شَرْعًا لَا عَقْلًا.
سَلَّمْنَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِبَاحَةِ وَالْوَقْفِ لِعَدَمِ مُلَازَمَةِ الْعَذَابِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.
_________
(١) أَيْ: يَدُلُّ عَلَى قِيَامِ عُذْرِهِمْ وَقَبُولِهِ.
(٢) تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَصْمَ قَدْ يُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ، وَلَكِنَّهُ أَدْرَكَ مُوجِبَ الْحُكْمِ وَالْمُقْتَضِيَ لَهُ.
1 / 92