73

الداء والدواء

الداء والدواء

प्रकाशक

دار المعرفة

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1418 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

المغرب

शैलियों

सूफ़ी
[فَصْلٌ الْمَعَاصِي فِي سِجْنِ الشَّيْطَانِ] فَصْلٌ الْمَعَاصِي فِي سِجْنِ الشَّيْطَانِ وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّ الْعَاصِيَ دَائِمًا فِي أَسْرِ شَيْطَانِهِ، وَسِجْنِ شَهَوَاتِهِ، وَقُيُودِ هَوَاهُ، فَهُوَ أَسِيرٌ مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ، وَلَا أَسِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ أَسِيرٍ أَسَرَهُ أَعْدَى عَدُوٍّ لَهُ، وَلَا سِجْنَ أَضْيَقُ مِنْ سِجْنِ الْهَوَى، وَلَا قَيْدَ أَصْعَبُ مِنْ قَيْدِ الشَّهْوَةِ، فَكَيْفَ يَسِيرُ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ قَلْبٌ مَأْسُورٌ مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ؟ وَكَيْفَ يَخْطُو خُطْوَةً وَاحِدَةً؟ وَإِذَا قُيِّدَ الْقَلْبُ طَرَقَتْهُ الْآفَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِحَسَبِ قُيُودِهِ، وَمَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الطَّائِرِ، كُلَّمَا عَلَا بَعُدَ عَنِ الْآفَاتِ، وَكُلَّمَا نَزَلَ اسْتَوْحَشَتْهُ الْآفَاتُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «الشَّيْطَانُ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ» . وَكَمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي لَا حَافِظَ لَهَا وَهِيَ بَيْنَ الذِّئَابِ سَرِيعَةُ الْعَطَبِ، فَكَذَا الْعَبْدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَافِظٌ مِنَ اللَّهِ فَذِئْبُهُ مُفْتَرِسُهُ وَلَا بُدَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَافِظٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّقْوَى، فَهِيَ وِقَايَةٌ وَجُنَّةٌ، حَصِينَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِئْبِهِ، كَمَا هِيَ وِقَايَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ الشَّاةُ أَقْرَبَ مِنَ الرَّاعِي كَانَتْ أَسْلَمَ مِنَ الذِّئْبِ، وَكُلَّمَا بَعُدَتْ عَنِ الرَّاعِي كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى الْهَلَاكِ، فَأَسْلَمُ مَا تَكُونُ الشَّاةُ إِذَا قَرُبَتْ مِنَ الرَّاعِي، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ مِنَ الْغَنَمِ، وَهِيَ أَبْعَدُ مِنَ الرَّاعِي. وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ: أَنَّ الْقَلْبَ كُلَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنَ اللَّهِ كَانَتِ الْآفَاتُ إِلَيْهِ أَسْرَعَ، وَكُلَّمَا قَرُبَ مِنَ اللَّهِ بَعُدَتْ عَنْهُ الْآفَاتُ. وَالْبُعْدُ مِنَ اللَّهِ مَرَاتِبٌ، بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، فَالْغَفْلَةُ تُبْعِدُ الْقَلْبَ عَنِ اللَّهِ، وَبُعْدُ الْمَعْصِيَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْغَفْلَةِ، وَبُعْدُ الْبِدْعَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْمَعْصِيَةِ، وَبُعْدُ النِّفَاقِ وَالشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. [فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُسْقِطُ الْكَرَامَةَ] فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُسْقِطُ الْكَرَامَةَ وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: سُقُوطُ الْجَاهِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، فَإِنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَطْوَعُهُمْ لَهُ، وَعَلَى قَدْرِ طَاعَةِ الْعَبْدِ تَكُونُ لَهُ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ، فَأَسْقَطَهُ مِنْ قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ جَاهٌ عِنْدَ الْخَلْقِ وَهَانَ عَلَيْهِمْ عَامَلُوهُ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ، فَعَاشَ بَيْنَهُمْ أَسْوَأَ عَيْشٍ خَامِلَ الذِّكْرِ،

1 / 79