Al-Andalus: From Conquest to Fall
الأندلس من الفتح إلى السقوط
शैलियों
الرد على شبهة من قال أن الأصل ترك الناس يعبدون ما يشاءون ولا حاجة لدعوتهم
كثير من الناس يقولون: نترك الناس يعبدون ما يشاءون؛ لأنهم لا يريدون الدخول في هذا الدين، فنقول: إن الله ﷾ جعل للمسلم رسالة، لخصها لنا سيدنا ربعي بن عامر ﵁ وأرضاه في حواره اللطيف الذي دار بينه وبين رستم قائد الفرس في موقعة القادسية، فقال: لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، وهكذا تحرك الجيش المسلم لمصلحة ومنفعة الناس، وفي صحيح البخاري يقول أبو هريرة ﵁ وأرضاه معلقًا على الآية الكريمة: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران:١١٠] قال: خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
فمعظم الناس يريدون الدخول في الإسلام، لكن يأتي بهم في السلاسل حتى يدخلوا في الإسلام، فينقذوا من الخلود في جهنم، ومن أن يعيشوا في جور الأديان وفي ظلم الحكام فيدخلوا في عدل الإسلام وفي سعة الدنيا والآخرة، فلو أن رجلًا رمى بنفسه من الدور العاشر، وأتيت بسرعة وأخذت بيده وأنقذته من أن يرمي بنفسه من الدور العاشر، فهل يلام عليك أنك مسكت يده بقوة حتى آلمته وآذيته؟ أبدًا لا، فأنت أنقذت حياته، فالكافر كان سيتردى في هاوية الجحيم، وأنت أنقذته من أن يدخل جهنم وأن يُخلّد فيها، وعلمته هذا الدين، وأتيته بجيش يؤثر فيه حتى يسمع كلام الله ﷾، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وكثير من الناس لا يسمعون منك إلا إذا كنت محاطًا بقوة وبجيش، فتبدأ تسمع وتفكر، فتجد أن ما كانت ترفضه هو النجاة، وما كانت تريد اتباعه هو الهلكة المحققة التي لا فكاك منها، فكثير من الأمم دخلت في الإسلام لما فتحها الفاتحون غير مكرهين وغير مضطرين، قال الله ﷾ في كتابه الكريم: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة:٢٥٦] فهذه الآية الكريمة لا تتعارض مطلقًا مع هذا الفتح الإسلامي، والمسلمون كانوا يخيرون أهل تلك البلاد بأن يظلوا على إيمانهم بمعتقداتهم كما يريدون أو يعبدوا الله ﷾، وكانوا يعلمونهم في البداية دين الله ﷾، فإن أرادوا البقاء في ظل الشرك وفي ظلم الجاهلية يتركوا فيها، وإن أرادوا الدخول في نور الإسلام دخلوا فيه وكانت السعادة لهم في الدنيا والآخرة.
وعموم الناس في حاجة إلى الإسلام وإن أبت هذا الأمر، والعالم يتجه إلى كارثة محققة، والدول العظمى التي تتحكم في هذه الأمم في هذا الزمن الذي نعيش فيه تكيل بأكثر من مكيال، وتجعل الظلم قاعدة من القواعد التي ترسّخها في العالم، والأدواء والأمراض الأخلاقية لا حصر لها، ولعلكم قرأتم آخر مؤتمر عُقد عن مرض الإيدز أنه في غضون العشرين سنة السابقة من سنة ١٩٨٠م إلى سنة ٢٠٠٠م قُتل من البشر عشرين مليون نسمة، وهذا مرض أخلاقي نتج عن غياب دين الله ﷾ عن الناس، وإنكارهم منهج الله، وبعدهم عن شرعه ﷾، وأقل معدلات الإيدز في البلاد الإسلامية لأن المسلمين مرتبطون بشرع الله ﷾ وإن كان هذا الارتباط ضعيفًا، وكل الفتوحات والمعارك الإسلامية وما إلى ذلك لا تجد الرقم يقترب من واحد على عشرين أو واحد على مائة من هذه الأرقام المبالغ فيها في الإيدز فقط، غير السبعة والثلاثين مليون حاملي الفيروس، الذين ينتظرون الموت من الإيدز.
والمذابح التي تحدث في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية وفي غيرها من البلاد، بسبب الظلم والانقلابات والقتل في بشاعة منقطعة النظير؛ لأنه ليس هناك إسلام يحكم هذه البلاد، فالإسلام دين رحمة وعدل وتقريب للناس أن يعيشوا في سعادة في دنياهم وآخرتهم، وفوق كل هذه الأمور ظلم الإنسان لنفسه بأنه يُشرك بربه غيره ﷾، قال تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان:١٣].
1 / 6