وقد دلت هذه الوثائق على مقتضيات أخلاقية سامية، فنرى فيها الرسول القائد السمح - صلى الله عليه وسلم - يوادع هذه القبائل على النصرة المتبادلة في المعروف، ويضمن لهم النبي الأمن والأمان على الأموال والأنفس، ويظهر لهم النبي أخلاق الإحسان والصلة ..
المطلب الرابع: نموذج في معركة الأحزاب :
ومن المواقف التي تدل على حرص محمد - صلى الله عليه وسلم - على السلام، ما حدث في معركة الأحزاب (في شوال 5 ه\ مارس627م) ، حيث حاصر المشركون المدينة المنورة، فلما اشتد على المسلمين الحصار والبلاء بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المرى، وهما قائدا غطفان في جيش الأحزاب وعرض عليهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلث ثمار المدينة، على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فأحضر النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيفة والدواة، وأحضر عثمان بن عفان فأعطاه الصحيفة، وهو يريد أن يكتب الصلح بينهما، وعباد بن بشر قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم -، مقنع في الحديد.. ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة.فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذلك بعث إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فذكر لهما ذلك ، واستشارهما فيه(1) .
فرفضا هذه الفكرة..
ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأي الجماعة، فلم يتم هذا الصلح!
ولكن الشهاد في هذا الموقف، هو حرص النبي الدائم في تجنب الحل العسكري، قدر الإمكان.. وميله الدائم نحو الحل السلمي .
المطلب الخامس : نموذج معاهدة الحديبية:
لأول مرة تشهد الجزيرة العربية تلك المعاهدة المحمدية التي نادى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبرمها في ذي القعدة سنة ست من الهجرة (مارس628 م) ، وهي معاهدة صلح الحديبية.
पृष्ठ 16