ولا تنس نصيبك من الدنيا .
2
ومن الواضح أن الذي لا ينسى نصيبه من دنياه يسعى له، ويجد في طلبه.
ونحن بهذه الكلمات لا ننكر نبوة عيسى عليه السلام، وإنما نرجح أن أتباعه جنوا على شريعته، بما زوروا باسمه من الأحاديث وهذه جناية كثيرة الأمثال في الشرائع، فإن الإسلام مع تواتر سنده الأول وهو القرآن، لم يعدم من أصحاب الغفلة وأصحاب الغرض من زوروا الأحاديث باسم النبي حتى كادوا يقضون على ما للدين من قوة الحق، وروعة الجمال.
ونحن كذلك لا ننكر أن المسيحية تدعو إلى الزهد، فإن الدعوة إلى الزهد أصل من أصولها الأولى. ولكنا نرجح أنها كانت تدعو إلى الزهد بقدر ما تفل من حدة الناس وتقلل من جشعهم وطمعهم، فأما الدعوة إلى الفرار من طيبات ما أحل الله فهي دعوة بعيدة الوقوع من الأنبياء والمرسلين.
وكنا نحب أن لا يصدق الغزالي كل ما نقل عن المسيح، ولكن الغزالي كان طيب القلب أكثر مما يجب، وما أحوج العلماء إلى الاعتصام بحبل الشك، فإن الشك وحده سبيل اليقين.
الفصل الخامس
أساتذة الغزالي وأصحابه
وبعد الذي قدمناه من ورود الغزالي للمناهل الفلسفية والشرعية والصوفية: لا نجد بدا من التنبيه إلى أنه اغترف كذلك من المنهل الذي ورده أساتذته وأصحابه. وقد لاحظنا أن الذين تتلمذ الغزالي لهم كانوا في الأغلب صوفية، كما أن أكثر من صحبهم كانوا صوفية .
فمن أساتذته الإمام أحمد بن محمد الرذاكاني، وكان من فقهاء الصالحين، وقد تلقى عنه دروسه الأولى في طوس.
अज्ञात पृष्ठ