أكرر الشكر لسيدي الأستاذ الدكتور منصور، وأؤكد له أن بيني وبين علماء الأزهر الشريف عرى لا تقدر على فصمها الليالي. ولن أنسى ما حييت أني مدين على الأقل لحضرات أساتذتي الأماجد الشيخ الدجوي والشيخ اللبان والشيخ الظواهري، والشيخ الزنكلوني والشيخ حسين والي والشيخ سيد المرصفي، فإذا قضت الظروف بأن تنقطع بيني وبين الأزهر جميع الصلات - لا قدر الله ولا سمح - فإني لن أنسى ولن ينسى أحد أني مدين لأساتذتي في الأزهر، وأن خروجي عليهم ضرب من العقوق، ونكران الجميل.
اللهم إن كنت تعلم أني صادق فيما أقول، فاجزني بخير ما يجزى به المؤمن الصادق، وإن كنت تعلم أني أظهر غير ما أضمر، فاغفر لي وتب علي فإنك وحدك التواب الغفور.
فاتحة الكتاب
بقلم محمد زكي عبد السلام مبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين. وبعد فهذا هو الكتاب الذي نلت به إجازة الدكتوراه من الجامعة المصرية، والذي سلقني العلماء من أجله بألسنة حداد.
هذا هو كتاب «الأخلاق عند الغزالي» أقدمه للجمهور، ليكون المرجع لمن يريد أن يتبين مبلغ المغرضين من الصدق، وحظ المرجفين من الصواب.
هذا هو الكتاب الذي رميت من أجله بالكفر والزندقة، والذي فجر لحسادي ينبوعا من اللغو والثرثرة لا ينضب ولا يغيض. وما أنا والله بنادم على رأي رأيته، أو قول جهرت به، فلست ممن يخافون في الحق لومة لائم، أو يقيمون وزنا لكيد الحاسدين، ولغو اللاغين، من مرضى القلوب، وضعاف العقول، وصغار النفوس، وإنما يحزنني ما يلاقي أصدقائي من العنت في دفع ما يفتري الكاذبون، ويختلق المفسدون.
على أن الغزالي رحمه الله عانى من حاسديه مثل ما عانيت، ولاقى ضعف ما لاقيت، حتى لنجده يطمئن أحد أخوانه بقوله: «رأيتك الأخ المشفق موغر الصدر، مقسم الفكر، لما قرع سمعك من طعن طائفة من الحسدة على بعض كتبنا المصنفة في أسرار معاملات الدين، وزعمهم أن فيها ما يخالف مذهب الأصحاب المتقدمين، والمشايخ المتكلمين، وإن العدول عن مذهب الأشعري ولو في قيد شبر كفر، ومباينته ولو في شيء نزر ضلال وخسر، فهون أيها الأخ المشفق على نفسك، لا تضيق به صدرك وفل من غربك قليلا،
واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ،
अज्ञात पृष्ठ