Akhlaq al-Shabab al-Muslim
أخلاق الشباب المسلم
प्रकाशक
الجامعة الإسلامية
संस्करण संख्या
السنة الأولى،العددالثاني
प्रकाशन वर्ष
رجب١٣٨٨هـ/تشرين أول ١٩٦٨م
शैलियों
التي ارتكبها أولئك المترجمون تعصبًا وتحريفًا للكتاب، ولم يتفطنوا إلى التناقض الذي بين الصفتين، فالإنسان الوحشي لا يتصل بالناس ولا يألفهم ولا يألفونه، ويحبهم ويحبونه.
ولا يستغرب التحريف من المترجمين فقد أخبر العالم اللغوي الأديب المحقق إبراهيم اليازجي أنهم دعوه إلى لندن ليعينهم على ترجمة التوراة، فكان يختلف معهم كثيرًا فكلما ذكر لهم عبارة فصيحة تؤدي المعنى يرفضونها، ويقولون: "إنها تشبه عبارات القرآن"، وهم يريدون أن يبتعدوا عن عبارات القرآن كل الابتعاد، وقد نظرت في الكلمة التي ترجموها وهي (بري آدم) في معجم (روبين أفنيوم كوسمن) فوجدت لها المعاني التالية أنقلها بأمانة من الإنكليزية إلى العربية: ١- الحمار الوحشي، ٢- الحيوان الوحشي، ٣- ساكن الصحراء، ٤- خشن الطبع، ٥- وحشي، ٦- همجي، ٧- إنسان وحشي سيء الخلق.
فأيّ هذه الألفاظ يصلح لترجمة ذلك اللفظ الوارد في مقام البشارة والمدح والثناء على مولود، علم الله أنه يكون رسولا نبيًا، أبًا لأمة عظيمة، ولأفضل خلق، وهو محمد ﷺ، لاشك أن اللفظ الوحيد الذي تصح به الترجمة هو الثالث، وهو أنه ساكن الصحراء وهو المطابق للواقع، فإن إسماعيل كان يسكن بمكة - شرفها الله - ويعيش في الصحراء على لحم الصيد، وفي الحديث: "ارموا بني إسماعيل، فإنّ أباكم كان راميًا "، وفي صحيح البخاري أنّ إبراهيم توجّه لزيارة ابنه إسماعيل في مكة فلم يجده، فسأل زوجته عنه فأخبرته أنه ذهب للصيد، ثم ذهب لزيارته مرة ثانية وثالثة فلم يجده، إنه كان غائبًا يصطاد للمعيشة لا للتنزه، وفي كل مرة كان يوصي زوجته بشيء تقوله له إذا رجع.
وقد تبيّن أنّ أولئك المترجمين أخطأوا خطأ فاحشا في ترجمة ذلك اللفظ، وأغلب الظن أن يكونوا متعمدين، فقبّح الله التعصب، فإنه ما دخل شيئا إلاّ أفسده، والمراد بعرب الحجاز: ربيعة ومضر.
٣- انتظر إسماعيل الرجل الذي وعده في المكان الذي وعده أن يجتمع به يومًا وليلة، وانتظر محمد رسول الله ﷺ الرجل الذي تبايع معه في الجاهلية قبل أن يكون نبيًاً في المكان الذي وعده ثلاثة أيام، فما المراد بهذا الانتظار؟ هل هو حرص على قضاء تلك الدريهمات؟ لا والله، ولكنه تلقين درس في الأخلاق، يعتبر به كل موفق، ويلتزمه كل إنسان ذو شرف ومروءة يحترم نفسه. والعادة الجارية في الشعوب الراقية التي تقدّس الأخلاق أنّ المتواعدين إذا مرت خمس دقائق إلى ربع ساعة ولم يجيء أحدهما فقد برئت ذمة المنتظر، وبقيت ذمة صاحبه معلقة، فإن كان له عذر قاهر برئت ذمته هو أيضا، وألا توجه اللوم إليه، وكان هو الخاسر الذي يجب عليه أن يعتذر لصاحبه ويخجل كل الخجل.
وكل أمة شاع فيها الوفاء بالوعد وتنافس أبناؤها في التخلق بهذا الخلق الجميل الذي هو أحد أركان
1 / 32