يا سيداه،يا حبيباه،يا بقية الماضين وثمال الباقين، بئست الحياة اليوم مات جدي وأمي وأبي وأخي فسمعها الحسين فقال لها: يا أختاه! لا يذهبن بحلمك الشيطان والله يا أختاه، لو ترك القطا لنام، فقالت: ما أطول حزني وما أشجى قلبي، ثم خرت مغشيا عليها، فلم يزل يناشدها ويواسيها حتى أحتملها وأدخلها الخباء.
حدثني إبراهيم بن محمد الحريري قال: حدثني عبد الصمد بن حسان السعدي عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه عن الحسن بن حسن قال: لما حملنا إلى يزيد وكنا بضعة عشر نفسا أمر أن نسير إلى المدينة فوصلناها في مستهل (1) وعلى المدينة عمرو بن سعيد الأشداق، فجاء عبد الملك بن الحارث السهمي فأخبره بقدومنا، فأمر أن ينادي في أسواق المدينة: ألا إن زين العابدين وبني عمومته وعماته قد قدموا إليكم، فبرزت الرجال والنساء والصبيان صارخات باكيات، وخرجت نساء بني هاشم حاسرات تنادي واحسيناه واحسيناه!، فأقمنا ثلاثة أيام بلياليها ونساء بني هاشم وأهل المدينة مجتمعون حولنا.
حدثنا زهران بن مالك قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن العتبي يقول: حدثني موسى بن سلمة عن الفضل بن سهل عن علي بن موسى قال: أخبرني قاسم ابن عبد الرازق وعلي بن أحمد الباهلي قالا: أخبرنا مصعب بن عبد الله قال: كانت زينب بنت علي وهي بالمدينة تألب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين، فلما قام عبد الله بن الزبير بمكة وحمل الناس على الأخذ بثأر الحسين، وخلع يزيد، بلغ ذلك أهل المدينة فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد فكتب إلى يزيد يعلمه بالخبر فكتب إليه أن فرق بينها وبينهم، فأمر أن ينادي عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء. فقالت: قد علم الله ما صار إلينا، قتل خيرنا، وانسقنا كما تساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فو الله لا خرجنا وإن أهريقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عماه! قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء، فطيبي نفسا وقري عينا وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هوانا؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطفن معها في الكلام وواسينها.
पृष्ठ 5