وحين وصل إلى أزنيق حال فاسليوس بين السلطان وبين المسير، وقال إنني قد عاهدت ابن السلطان ركن الدين باليمين المغلّظة فلا يمكن أن أدع السلطان يتجه نحو ملكه، ولبثوا بضعة أيام في هذا القيل والقال، وفي النهاية استقر الأمر على أن يسلّم لنوّاب فاسليوس ما كان السلاجقة قد فتحوه من ولاية الروم حتى حدود قونية مثل: خوناس ولاديق وغيرهما من البقاع وأن يترك السلطان أبناءه مع زكريا كرهينة هناك، ويمّر السلطان بنفسه، فإن جلس على العرش وسلّم المواضع المذكورة لمندوبي فاسليوس انصرف الأبناء من هنا. وعلى هذا الأساس تحرك السلطان ومفروزم وسائر الخواصّ إلى نواحي الأوج.
ولما انقضت بضعة أيام ذهب زكريا إلى فاسليوس وقال: إن أبناء الملوك ذوو حّس مرهف، ينتابهم الملل من الجلوس في البيت. فأذن فاسليوس بأن يركبوا للنزهة مرتين في اليوم، فيتنزهون في مروج أزنيق الأنيقة، [وأمر عددا من خواصه بملازمتهم، فغمرهم زكريا الحاجب بالإنعام والإحسان] (^١)، وأخذ يستدرجهم بالإيهام والكناية إلى حيّز الدعوة، فأقسموا (^٢) بالإنجيل والصليب.
وذات ليلة عند صلاة العشاء ركب الأمراء، وولّوا وجوههم شطر إحدى مناطق الصيد، وفجأة بدا أمامهم خنزير بريّ واتجه نحو ممالك الإسلام خوفا من السيف والسهم، فتفاءلوا بذلك، وقالوا [شعر/]:
_________
(^١) أ. ع. ٨١، والنص مضطرب في الأصل غاية الاضطراب في هذا الموضع.
(^٢) في الأصل: فأقسم بالإنجيل والصليب، قارن أ. ع ٨٢.
1 / 31