وجعلت أشكره وأدعو له فرجعوا بذلك وكتبت إليه:
بَقِيتَ أَمِيرَ المُؤْمنينَ عَلَى الدَّهْرِ بِرَغْمِ الأَعادِي نافِذَ النَّهْى والأَمْرِ
شفَيْتَ غَليلًا كَانَ لَوْلاَكَ قاتِلًا وخَفَّفْتَ هَمًّا ضَاقَ عَنْ حَمْلِهِ صَدْرِي
وقُمْتَ بحقِّ الله في قَتْلِ مَعْشَرٍ ... سَعَوْا فِي الْبِلادِ بالفْسَادِ وبالكُفْرِ
وثَأَرِ أخٍ سادَ الأَنامَ وَلَمْ تَكُنْ ... لتَغْفُل عَنْ ثَأْرٍ عِرَاكٍ وَلاَ دَثْرِ
وَلَسْتَ بلَيْثٍ أَفْلَتَتْهُ فَرِيسَةٌ ... وقد عَلِقَتْ بالنَّابِ منْهُ وبالظُّفْر
ولاَ حيَّةٍ يَنْجُو بنَفْثٍ لَدِيغُها ... ولاَ صارِمٍ يَهْوِي لضَرْبٍ ولاَ يَبْرِي
فعِشْتَ لِدِينِ اللهِ تَجْبُرُ وَهْنَهُ وَبُلِّغْتَ أَقْصَى مَا هَوِيتَ منَ الْعُمْرِ
ويا لَيْتَنِي أُسِعدتُ فيكَ بنَظْرَةٍ ... أُوَفِّي بهَا حَقَّ الْمَحامِدِ وَالشُّكْرِ
فلما قرأها دعاني فقال ما شفيتك فأظهرت السرور وأكثرت الدعاء فنفعني والله ذلك عنده، وحال عما أراده بي إلى غيره.
وكان الراضي وعدني وهو أمير أن يشرب ليلة، وأنا أحتال في المصير إليه سرًا، فصرت إلى داره بالمخرم ليلًا فلم أصل، واشتغل بزائر زاره فلم يشرب، وكتب إلي من الغد:
وَلَيْلَةٍ منْ سيِّئاتِ الدَّهْر ... توقَّدَ الشَّوْقَ بها فِي صَدْرِي
تَوَقُّدَ النَّارِ بِذاكِي الجْمر ... أُنْسيتُ ما أَشْرَبه لِذِكْرى
1 / 50