فلم يقر بشيء وكأنه عرف ماله عند الراضي لسوء ما كان يعامله به فعذب عذابًا شديدًا فما أنعم بشيء فأمر بعض الناس فكحله فأعماه وتردد المكروه عليه فما أقر بشيء ووجد له مال يسير وآلة فأخذت وحسن وفاء زيرك له فأعجب ذلك للراضي فاصطنعه وحسنت خدمته له فتمكنت عنده حاله وغلب عليه فأحسن إليه إحسانًا كثيرًا وأقطعه البستان المعروف بالشفيعي ووهب له من أنواع الطيب ما كان أمله يقصر عن مثله، وكذا من الجواهر والبلور وآلة الذهب والفضة - وما رأيت البلور عند ملك أكثر منه عند الراضي، ولا عمل ملك منه ما عمل ولا بذل في أثمانه ما بذل حتى اجتمع منه له ما لم يجتمع لملك قط.
وعظم في أول أيام الراضي أمر مرداويج السلمي بأصبهان، وتحدث الناس عنه أنه يريد تشعيث الدولة وقصد بغداد وأنه لمساهم لصاحب البحرين مجتمع معه على ما يحاوله، ثم ورد الخبر بأن غلمانه قتلوه وأن رئيس الغلمان غلام يعرف ببجكم، وأنه خرج عن أَصبهان ومعه جماعة من الأتراك قد رضوا به صاحبًا لهم ورئيسًا عليهم، فزعم ابن ياقوت أنه هو الذي دبر ذلك وكاتب فيه الغلمان ووجه برسل إليهم يحضهم على ذلك ويرغبهم في حسن الفائدة عليهم في العاجل من جهة الخليفة، وفي الثواب بطاعتهم للخليفة ونفذت كتبه إلي بحكم
1 / 20