أخذ الحيّ حظّهم ... من فؤادي وأنعم
فهمومي كثيرةٌ، ... وفؤادي متيّم
وأخو الحبّ جسمه ... أبد الدّهر يسقم.
فلمّا أصبح الحارث، دعا الموكّل بالفتى فسأله، فعرّفه بكلّ شيءٍ، فحدّثه وأنشد الأبيات التي تغنّى بها. فدعا أخاه فعرّفه إنّه عاشقٌ لامرأته. فقال له: يا أخي أنا أنزل لك عنها وتتزوّجها. فلمّا سمعه الفتى استحيا وخرج هاربًا على وجهه، فلم يقفوا له على خبرٍ إلى اليوم فسمّي فقيد ثقيف.
وروى نافع مولى ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: " بينا ثلاثة نفرٍ يمشون إذ أخذهم المطر فأووا إلى غارٍ في جبل. فانحطّ عليهم من الجبل صخرةٌ فانطبقت عليهم، وقال بعضهم: انظروا أعمالًا عملتموها لله صالحةً، فادعوا الله بها. فدعوا الله، ﵎، فقال أحدهم: اللهمّ إنّك تعلم أنّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وامرأةٌ وصبيان، فكنت أرعى عليهم فإذا رحت إليهم حلبت، وبدأت بوالديّ أسقيهما قبل بنيّ. وإنّي لم آت يومًا حتّى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، فجعلوا يتضاغون تحت قدمي، فلم يزل ذلك دأبهم حتّى طلع الفجر. فإن كنت تعلم إنّي فعلت ذلك إبتغاء وجهك، فأفرج عنّا فرجةً نرى منها السّماء. ففرّج الله له فرجةً.
1 / 50