قَالَتْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الثِّيَابَ الرِّقَاقَ، وَالْخَيْلَ الْعِتَاقَ، وَكُنُوزَ الْأَرْزَاقِ، وَالدَّمَ الْمُهْرَاقَ، فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ. فَكَانَ الَّذِي سَكَنُوهَا آلَ جَذِيمَةَ الْأَبْرَشِ، وَمَنْ كَانَ بِالْحِيرَةِ مِنْ غَسَّانَ، وَآلِ مُحَرِّقٍ، حَتَّى جَاءَهُمْ رُوَّادُهُمْ، فَافْتَرَقُوا مِنْ مَكَّةَ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةٌ تَوَجَّهَتْ إِلَى عُمَانَ، وَهُمْ أَزْدُ عُمَانَ، وَسَارَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ نَحْوَ الشَّامِ، فَنَزَلَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ ابْنَا حَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَهُمُ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ، وَمَضَتْ غَسَّانُ فَنَزَلُوا الشَّامَ، وَلَهُمْ حَدِيثٌ طَوِيلٌ اخْتَصَرْنَاهُ، وَانْخَزَعَتْ خُزَاعَةُ بِمَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا رَبِيعَةُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَهُوَ لُحَيٌّ، فَوَلِيَ أَمْرَ مَكَّةَ، وَحِجَابَةَ الْكَعْبَةِ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ يَذْكُرُ انْخِزَاعَ خُزَاعَةَ بِمَكَّةَ، وَمَسِيرَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَغَسَّانَ إِلَى الشَّامِ:
[البحر الطويل]
فَلَمَّا هَبَطْنَا بَطْنَ مُرٍّ تَخَزَّعَتْ ... خُزَاعَةُ مِنَّا فِي حُلُولٍ كَرَاكِرِ
حَمَوْا كُلَّ وَادٍ مِنْ تِهَامَةَ وَاحْتَمَوْا ... بِصُمِّ الْقَنَا وَالْمُرْهَفَاتِ الْبَوَاترِ
فَكَانَ لَهَا الْمِرْبَاعُ فِي كُلِّ غَارَةٍ ... تَشُنُّ بِنَجْدٍ وَالْفِجَاجِ الْعَوَابِرِ
خُزَاعَتُنَا أَهْلُ اجْتِهَادٍ وَهِجْرَةٍ ... وَأَنْصَارُنَا جُنْدُ النَّبِيِّ الْمُهَاجِرِ
وَسِرْنَا فَلَمَّا أَنْ هَبَطْنَا بِيَثْرِبٍ ... بِلَا وَهَنٍ مِنَّا وَلَا بِتَشَاجُرِ
وَجَدْنَا بِهَا رِزْقًا عَدَامِلَ بُقِّيَتْ ... وَآثَارَ عَادٍ بِالْحِلَالِ الظَّوَاهِرِ
1 / 95