[مقدمة المصنف]
19...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الدائم وما سواه فان، والصلاة على سيدنا محمد ولد عدنان، وعلى آله نجوم الهدى، وأصحابه أنصار الدين الذين من اقتدى بهم اهتدى. وبعد... فيقول المفتقر إلى رحمة مولاه الغنى: جعفر بن الخطيب السيد حسين بن المرحوم السيد يحيى هاشم الحسيني المدني (1) إني لما وقفت على مسودة تاريخ المرحوم العالم الفاضل الجهبذ الكامل الخطيب: عبد الرحمن بن المرحوم حسين ابن المرحوم الشيخ علي الأنصاري المدني (2) رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، بخطه، فوجدته مخروما من عدة جهات وفيه من النوادر واللطائف والوقائع التي وقعت في المدينة المنورة مالا يوجد في غيره من المؤلفات؛ لكون مدنيا وصاحب الدرارى (3) فالتعويل عليه في النقل أحق من غيره وأحرى؛ فجمعت منه ما أمكنني جمعه في هذه الرسالة، واختصرت في بعض الأماكن ذكر بعض أشياء من غير تغيير لألفاظه السيالة، وأساليبه العساله، فقلت إلى أن قال خوف الإطالة، وضممت إليها بعض نقول نقلتها عن العلماء الأعلام، وكل نقل عزوته إلى صاحبه وكتبت تحته انتهى خوف الملام، ولست أنا بمؤلف، وإنما أنا جامع لما قالوه والعهدة عليهم فيما سطروه ونقلوه وسميتها: "الأخبار الغريبة في ذكر ما وقع بطيبة الحبيبة" وأسأله التوفيق لأوضح طريق....
पृष्ठ 19
20...
ذكر الفتنة الواقعة بين أهل المدينة وبني علي سنة 1111ه
पृष्ठ 20
قال المرحوم العالم الفاضل الخطيب: عبد الرحمن بن حسين الأنصاري المدني رحمة الله تعالى في تاريخه في الفصل السابع في ذكر مشايخ الحرم، ومن خطه نقلت ما نصه: ثم ولى مشيخه الحرم شاهين أحمد أغا وذلك في حدود سنة 1108ه ثمان بعد المائة والألف وفي أيامه حصلت الواقعة العظيمة بين بني علي وأهل المدينية في حرة بني قريظة سنة 1111ه أحد عشر بعد المائة والألف، خرج خلفهم أهل المدينة بالسلاح والعدد والأمداد والمدد، وأذرعوهم قتلا نهبا وأسرا وسلبا، إلى أن أوصلوهم إلى أعصى حرة بني قريظة، وكان معهم شاهين أحمد أغا المذكور، ثم إنه أمرهم بالرجوع فقالوا له: إن هؤلاء كفار ولا يفيدنا معهم إلا إستئصالهم، فغضب وقطع جميع ما معهم من المياه ورجع بأكثر الناس، فغلب أكثر الناس الظمأ، وحميت عليهم الشمس ولم يلتقوا لهم ملجأ فتراجع الأعراب عليهم وخلفهم ونساؤهم بالماء يحملونه لهم، وصاروا يقتلونهم كيف شاءوا، وأكثر قتلاهم بالظمأ ومع هذا أخذوا منهم مقدارهم سوى من ذهب أولا، وأعانتهم الأعراب من كل جهة، ثم استولوا على جيمع أموال أهل المدينة الخارجة عنها، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأصل الفساد كله من مشايخ الحرم، ووقع بعد ذلك غير مرة منع أهل المدينة (1)، وسيأخذ الله الحق من الظالمين، ومن كان سببا لإهلاك المؤمنين، ولما وصلت الأخبار للدولة العليه عزلوه وكل في حدود سنة 1111ه أحد عشر بعد المائة والألف، ثم ولى مشيخه الحرم فور أحمد أغا حافظ محمد أغا وفي أيامه كانت قصة الشمامة العجيبة في سنة 1118ه ثمانية عشر بعد المائة والألف وهي المعنية بقول سيدى الوالد من قصدة هجا بها الأفندى عبيد قدك وطائفه العمعمجي كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى 21...
صدقت نحن الذين صحت خيانتنا بنهب شمامة أم أنتم أفتوني
خيانة يالها دهماء مظلمة سوادها زادها فوق السوادين
وهذه الشمامة كانت من جملة التعاليق في الحجرة المطهرة، فترابط ثالثة من أغوات المسجد الموضوعين لحفظه وهم يعقوب أغا جبلي، وعبد النبي أغا، وعلي إبراهيم وأخرجوها تصرفوا فيها فوصل الخبر إلى الدولة العلية بذلك، فعزلوا شيخ الحرم وعاقبوهم....
पृष्ठ 21
22...
ذكر قصة العهد سنة 1134 ه أربعة وثلاثين بعد المائة والألف
وفي زمن شيخ الحرم أيوب أغا سنة 1134ه وقعت قصة العهد وفعلوا ما فعلوا وخبرها طويل عريض وهي مذكوره في قصيدة نظمها لأن ولادته سنة 1110ه، فيكون سنة في هذا الوقت أربعة وعشرون سنة. والله أعلم. وهذه القصيدة المشار إليها:
المجد تحت الظلال سمر الذبل (1) وظبا القواضب والجياد والقفل
الموديات العاديات ضوابحا الصافنات الزافرات (2) الجفل
والخوض في غمرات بطنان النوى يوم التصادم في القتام المسبل
وواتر العزمات في طلب العلا والفوز في أقصى فيافي الهو جل
والفخر ما ترك الأعادى خشعا رفل المحازم كالجياد الأعزل
بين الفتى وورد أحواض الردى لقو العلاقم في تراقى الحوصل
لا عاش من ترضى المذلة نفسه طوعا وعن شأو المفاخر يأتلى
تعست حياة لا تشاب بعزة غبراء بين مهابة وتذلل
العز أجمل ما أقتناه أولى النهى والذل بالأحرار ليس بمجمل
من شاء إدراك المعالي فليكن مثل الهمام الأمجد بن الأفضل
पृष्ठ 22
السيد الزين الشريف محمد ذي العزم سبط المصطفى والمرسل 23...
وابن الكرام الطيبين أرومة أهل الكساء الطاهرين الكمل
والحازم المقدام دحاض الردى دون العباد سيفه والمقول
لا غور فهى سجية مودوعة فيه وشنشنة (1) لأحزم من علي
ما زال ينكر في المدينة منكرا من مرجفأو مفسد أو مخدل
وتغلب العريان في أطرافها من كل ناحية وبغى بنى علي
تغافل الحكام عما أبصروا من جورهم فيها وظلم الأرمل
حتى أتى الفرج القريب وساعدت هماته الأقدار بالله العلى
فاستنهض الأبطال من أنصاره من كل شهم في الخطوب مدلل
يهوى إلى نهب النفوس بهمة مقرونة بالنصر مثل الأجدل (*)
فتعاهدوا في الله أن يتناصروا في الدين لا يخشون لوم العذل
وحموا حماهم والديار عن العدا بالبيض والسمر اللدان الذبل
فتذللت لهم البوادي عنوة تعدلوا بالجد أي تعدل
ولطالما قاسوا ليالي العسر من هول يذيب مرارة المتهول
يمسون في حفظ المناتق (2) كمنا متختلين لأخذهم في الجندل (3)
فهم الرجال وما سواهم نسوة لم يتركوا من زيهن سوى الحلى
पृष्ठ 23
فتشاور الفساق فيما بينهم أن ينقضوا ما أبرموه بمبطل 24...
فجرت هنالك صيحة (1) يرقى إلى أفق السماء عجاجها بل يعتلى
وطغت عليهم بعد ذلك عصبة الأ غوات مع أتباعهم والجهل
والأصل في ذا أنهم قد ركزوا على قنا (*) الغمر (*) الزنيم (*) الحسكلي (*)
منعوه أرباب الوجاق جميعهم أن يشترى فيهم ولما يدخل
زعموا بأن له فسادا سابقا إذ خان قدما في الزمان الأول
فترافعوا للشرع وانكشف الغطا ودعاهم القاضي ليوم مقبل
نزلوا وألقو في المدأعين الظبا من غير مكترث وغير معول
فتفازعت لهم الرجال اخف من ورد السهام إلى وتين (*) الكلكل (*)
فهناك ولوا مدبرين وأتبعوا طعنا وضربا كاللهيب المشعل
وأتوا إلى الحرم الشريف وأغلقوا الأبواب واصطعدوا المنابر والعلى
ورموا على الناس الرصاص، ومارعوا جاه النبي ولا الكتاب المنزل
وأقام ذاك إلى الغروب أصبحوا متحصنين بحيلة المستقبل
فدعوا إلى أن يرجعوا فتعصبوا وأتوا بفعل منكر لم يفعل
فقضى عليهم أن تباح دماؤهم هدرا لحد المرهفات الفصل
وتوافق الجمهور قولا واحدا والنص في طغيانهم نص جلى
فتبادرت لهم الرجال عوابسا من كل فحل بالثبات مسربل
فهم ببيت الملكي وصفه ولنا عليهم صف بيت الحنبلي
ومشت إلى دروان منهم فرقة فتحصنوا الحمام منه وما يلي
पृष्ठ 24
فهناك صبت للمنون صواعقا وتسعرت للموت نار القسطل 25...
يوما أشد من الحديد قساوة وأمر طعما من مداق الحنظل
تركوا النواصي شيبا فكأنه وقعات جساس بقوم مهلهل
نقبوا عليهم كل دار عنوة استخرجوهم منزلا عن منزل
وتداركوهم بالردى فتفجرت أحشاؤهم مثل انفجار الدمل
فتصاغرت أرواحهم مما رأوا وجرت دماؤهم كجري الجدول
وتحققو الموت الزؤام (1) وسلموا للأمر طوعا خضعا بتذلل
فأشار قاضى الشرع كفوا أنهم جنحوا لسلمكم بغير تفعل
فأطاع من منا جميعا قوله إذ حيث كان أولاك عنه بمعزل
وتداركوا الخطب الجليل بحبس من قد كان رأسا للفساد الأول
النائب الجاني ومسعود الذي جعل المفاسد سنة لم تجعل
وبلال عنبر رأس كل مصيبة حبكت عليهم غمة لا تنجلي
وتلاهم عبد اللطيف فأسجنوا وهو والى درك الجحيم الأسفل
ومشت عروض الناس فيهم جملة نحو الشريف لحل ذاك المشكل
فاهتال منهم وابتغى احضارهم هم والخصوم مع الشهود العدل
ليبين بالإجماع كل مغمغم رغما على أنف العدو المبطل
وتكون حجتهم هناك قوية غراء لم تدحض ولم تتزلزل
تأتى إلى السلطان قولا مثبتا أيضا ويملها بأحسن محمد
فتوافقوا للطوع (2) إذ هو واجب ومشوا جميعا نحوه بتذلل
فإذا أتوه وحققوا ما أخذوا عنه وصح ألقول غير تقول
فلسوف تأخذه هناك حمسة فينا بغير تهاون وتمهل
يا أيها المولى تدارك كربنا بالغوث منك وغارة المتعجل (3)
فلك البلاد مع العباد وأمرهم وهم إليك بنسبة كالعيل
पृष्ठ 25
تأتى ويسألك المهيمن عنهم عن كل فعل مجمل ومفصل 26...
فالغوث ثم الغوث إنك كهفنا نأوى له من كل أمر معضل
إن المدينة حل فيها منكر لا يرتضى والجور فيها قد ملى
فلأنت أولى الناس حقا غيره فأفعل إذا ما شئت أو لا تفعل
ولأنت من بيت تقدس سره شرفا وغيرك من مناقبه خلى
لو تسأل القبر الشريف غداتنا وجفوه بالفعل الفظيع المشكل
لأجاب أن محمدا في طيه متوجع من فعلهم بتململ
حاشا لمختلف الملائك أن يرى مأوى البغاة وكل وغد مضلل (1)
الله أكبر إنها لمصيبة تبدو لغير المبصر المتأمل
أف لقلب مؤمن لا يمتلئ غضبا وطرفا جامدا لا يهمل
فاصدع فما تأخذك لومه لائم في الله بالحق المبين المنجلى
لا ترثين إذا أتوا بتحيل فلأنت تعرف علة المتحيل
ولولا النبي أقام فيهم (2) غارة شعواء لم تبرح ولم تتحول
ما أوقعتهم في الوبال نفوسهم ولكان ذاك الأمر لم يتحصل
قطعت زنانير النفاق بكبتهم ولسوف تقطع في الزمان المقبل
لازلتم يا أهل طيبة نصرة للحق، سما للعدو المبطل
في ظل أعتاب النبي وجاهه متسر بلين بتعمة لا (3) تبدل
إن النبي له عليكم غيرة حقا وإن الله ليس بمهمل
فامضوا على صدق العزائم وارفضوا قول المعنف والجبان المفشل
إنا إذا أحنا علينا حادث أو شدة أو بعض أمر معضل
قلنا اعتصام بالنبي وآله خير الورى المدثر المزمل
पृष्ठ 26
صلى عليه الله ما نشر الربى نشر العبير مع النسيم الشمأل 27...
وعلى بنيه والصحاب (1) وآله الطاهرين الراشدين الكمل
ما رجع الحادى يقول محرضا المجد تحت ظلال سمر الذبل
انتهى.
قال العالم الفاضل الخطيب: عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري المدني رحمه الله تعالىفي كتابه" تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من الأنساب".
فأما السيد محمد بن السيد علي أبي العزم العادلى: كان رجلا مباركا شيخوه (2) أهل العهد الواقع بالمدينة المنورة المشهور ذكره سنة 1134ه (أربع وثلاثين ومائة وألف) (3) فصار له صيت عظيم، فورد الفرمان السلطاني فيه وفي جماعة العهد الذين كانوا معه، فستره الله عز وجل بالموت قبل ورود الأمر بقليل ببركة أسلافه الصالحين فتوفى سنة 1136ه (ستة وثلاثين بعد المائة والألف) (4)، [سنة 111ه] (5)
وأما السيد عبد الكريم بن السيد محمد بن عبد الرسول الرزنجي: فكان خطيبا، توفى شهيدا معتولا صبرا ببندر جدة المعمورة، قتله باكير باشا بموجب فرمان ورد من الدولة العلية بسبب فتنة العهد الواقعة بالمدينة النبوية وقد أرخه بعض الأدباء بقوله: عبد الكريم شهيدا سنة 1138ه ثان وثلاثين بعد المائة والألف (6). انتهى
पृष्ठ 27
وأما السيد حسن بن السيد عبد الكريم فمولده 1111 (7) وخرج 28...من المدينة المنورة مختفيا في الفتنة المذكورة أعلاه، ودخل مصر المحروسة، وبقى مختفيا في بيت السيد محمد النحال وإلى أن توفى سنة 1148 (1) وله تصانيف وخطب وغير ذلك.
पृष्ठ 28
قال العلامة الفاضل السيد أحمد بن زيني دجلان المكي رحمه الله تعالى في كتابه: " خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام " ما نصه: دكر الفتنة التي وقعت بالمدينة بين الأغوات وأهل المدينة سنة 1134ه وفي مدة ولاية الشريف مبارك بن أحمد بن زيد سنة أربعة وثلاثين ومائة وألف وقع بالمدينة فتنة عظيمة شهيرة بين الأغوات وأهل المدينة ونشأ عنها قتل السيد عبد الكريم البرزنجي المدفون بجة المشهور " بالمظلوم" وتلك الفتنة الكلام على تفصيلها طويل وملخصها: أن رجلا من توابع الأغوات يسمى علي قنا أراد أي يستفرغ وظيفة من وظائف العسكر ويدخل في العسكرية، فامتنع من إدخاله كبار العسكر حيث أنه كان في العسكرية وقعت منه خيانة وأخرج منمها فلا يعاد، وقال أغوات الحرم: لا بد من إدخاله، وطال النزاع بينهم ووافق أهل المدينة كبار العسكر في عدم إدخاله، ووقع بالمدينة ضجة واتسع الأمر حتى آل إلى القتال، وابتدأ ذلك علي قنا ومن كان معضدا له من الأغوات وكان معهم بعض قبائل حرب فصعدوا منائر الحرم الشريف وترسوها وأغلقوا أبواب المسجد، وترسوا بعض البيوت التي بجانب الحرم النبوي وعزموا على محاربة العسكر، ومن يعضدهم من أهل المدينة فرفع كبار العسكر وأهل المدينة أمرهم إلى قاضي الشرع خوفا من وقوع الفتنة عند القبر المعظم وذهاب ما في الحجرة من أموال، وما سيحدث من القتل، وغضب الدولة العلية عليهم، فأرسل قاضي الشرع للأغوات يمنعهم من الفتنة ويطلبهم للحضور إلى مجلس الشرع، فامتنعوا من الكف ومن الحضور عند القاضي فسجل عليهم القاضي أنهم قصاة بغاة يجب قتالهم، فشرعت العساكر وأهل المدينة في قتالهم وضيقوا عليهم من كل جانب، وقتل في تلك الفتنة أشخاص من الفريقين وعطلت صلاة الجماعة في المسجد النبوي فجنحوا 29...للسلم، فامتنع العسكر وأهل المدينة إلا بعد أحضار الأغوات القائمين مع علي قنا وحبسهم في قلعة السلطان بالوجه الشرعي، ثم يرفع أمرهم إلى نائب السلطان بالحرمين الشريفين وهو الشريف مبارك بن أحمد بن زيد شريف مكة إذ ذاك، فحضر خمسة أو ستة من كبار الأغوات كانوا رأس تلك الفتنة فحبسوا في القلعة، ورفع الأمر إلى شريف مكة المذكور فطلبهم إلى مكة لإقامة الدعوى فوصلوا إلى مكة، وحضر معهم مفتى المدينة السيد محمد أسعد وجماعة من أعيان أهل المدينة فعقد الشريف مبارك لهم مجلسا حضره من جاء من المدينة المنورة، وقاضي مكة، وإبراهيم باشا والي جدة، ومفاتي مكة وجماعة من علمائهم وأعيانهم، وأقيمت الدغوى وثبت الخطأ على الأغوات، فأمر الشريف مبارك بحبسهم في داره إلى أن يرفع الأمر إلى الدولة العلية ويأتي الجواب، فجاء الجواب من الدولة العلية بتنفيذا الحكم الذي حكم به قاضي المدينة على الأغوات، وأجروا عليهم العقوبات المحكوم بها: من العزل لبعضهم، والنفي لبعضهم، ثم ما زال الأغوات يسعون في الإنتقام من أهل المدينة بسبب هذه الحادثة ووسطوا لذلك وسائط، ورحل بعضهم إلى السلطنة بنفسه حتى انتقموا من كثير منهم، وكان من جملة من أتهم بدخوله مع أهل المدينة في هذه القضية: العالم الفاضل السيد عبد الكريم بن السيد محمد البرزنجي وابنه الفاضل: السيد حسن، وكان الأغوات عرضوا إلى الدولة جيمع أسماء أولئك الجماعة الذين أتهموهم في الدخول فيتلك الفتنة فجاء الأمر من الدولة بقتل بعض أشخاص ونفي آخرين فكان السيد عبد الكريم وابنة السيد حسن من جملة المأمور بقلتهم، ففر ولده قبل مجئ الأمر إلى مصر وقى والده السيد عبد الكريم بالمدينة، فصعب عليهم قبض بالمدينة فحسن له بعض أعدائه الخروج من المدينة إلى مكة المشرفة والإقامة بها فلما وصل إلى مكة قبض عليه وزير جدة أبو بكر باشا وأنفذه إلى جدة، وحبس بالقلعة ثم أمر بقتله، فقتل خنقا ورمى في سوق جدة يوما كاملا، ثم رفعه بعض أهل الخير بشفاعة والتماس، وغسل وكفن ودفن بجدة، وهرعت الناس إلى جنازته للتبرك به رحمه الله رحمه واسعه، وقبره مشهور يزار ويعرف عند أهل جدة بالمظلوم وكان قتله في ثامن ربيع سنة ست وثلاثين ومائة وألف....
पृष्ठ 29
30...وقال السيد أحمد المذكور رحمه الله تعالى في آخر تأليفه المسمى أسنى المطالب في نجاة أبي طالب في ترجمة السيد محمد بن رسول البرزنجي ومن أولاده السيد عبد الكريم المدفون بجدة المشهور " بالمظلوم" وسبب ذلك أنه من سنة ثلاثة وثلاثين ومائة وألف في دولة الشريف مبارك بن أحمد بن زيد أمير مكة وقعت فتنة بين أهل المدينة أغوات الحرم ووقع فيها قتال يوما وبعض يوم وانتشر فساد وشر كثير ثم عرض ذلك إلى الدولة العلية وذكروا أن السيد المذكور وولده السيد حسن وبعض أعيان أهل المدينة حرضوا الناس في تلك الفتنة، فصدر الأمر من الدولة العلية بقتل بعض أشخاص ونفى آخرين، وكان السيد عبد الكريم المذكور من جملة المأمور بقتلهم وكذاك ولده السيد حسن، أما ولده رحمه الله صاحب كرامات وكان يدرس بعد صلاة الصبح في المسجد النبوي، فلما أرادوا القبض عليه ذهبوا إليه ليقبضوا عليه في المسجد وهو يدرس، فلما قربوا منه طمس الله على أعينهم، فكانوا يسمعون صوته وهو يدرس، ولا يرون شخصه، فرجعوا وأخبروا آمرهم بذلك فلم ينزجر فأرسل إليه غيرهم فجاءوا، وقد تم السيد درسه وذهب إلى داره بباب السلام، فذهبوا وأحاطوا بداره وجلس ناس منهم عند باب داره وأدخل الله الرعب والخوف في قلوبهم فلم يتجاسوا على الدخول عليه فلما علم السيد أن فكاكه منهم لا يمكن إلا بالخروج من المدينة إلى مصر، تطهر وتوضأ وصلى ركعتين وأخذ قبضه من التراب فخرج عليهم وهو يتلو شاهت الوجوه شاهت الوجوه (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما) (1) ونثر على رءوسهم التراب وهم لا يعلمون، وخرج من بين ايديهم وهم لا يبصرون، ولم يعلموا له خبرا حتى وصل إلى مصر وأتاهم خبره، فأقام بمصر مدة ودخل الجامع الأزهر واجتمع بالأكابر من العلماء وألف كتابه: " نفثة المصدور" وهو كتاب لم يؤلف نظيره في: الفصاحة، والبلاغة، والقصائد النعتية النبوية، والكلمات الحكمية، وسلك فيها طريق القوم من السادة الصوفية، مشيرا إلى ما حصل له من الكدر وما ذاقه من الألم والفراق والبعد من الحضرة 31...النبوية، وأشار فيه إلى هذه القصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه بالخروج إلى مصر وأن يخرج عليهم وينثر على رءوسهم التراب وأنهم لا بيصرونه، نظير ما وقع له صلى الله عليه وسلم عند الهجرة إلى المدينة ثم عادبعد ذلك إلى المدينة. وأما والده رحمه الله فصعب قبضه بالمدينة فحسن له بعض أعدائه الخروج من المدينة إلى مكة المشرفة والإقامة بها، فلما وصل إلى مكة قبض عليه (1) الوزير أبو بكر باشا وأنفذه إلى جدة وحبس بقلعتها ثم صدر الأمر بقتله، فقتل خنقا في ليلة الثامن من شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف ورمى في سوق جدة يوما كاملا، ثم رفعه بعض أهل الخير بشفاعة والتماس، وغسل وكفن ودفن بجده وهرعت الناس إلى جنازته (2)، ولقب بالمظلوم رحمه الله رحمة واسعة.
ذكر في "الروض الأعطر" ما نصه: " ثم عقب ذلك بيسير جاء الأمر بعزل الوزير المذكور فخرج متوجها إلى الأستانة، وركب مع من معه في سفينة من جدة، فبعدما حلوا شراعها وجرت بهم غير بعيد أتت ريح عاصفة فأغرقه الله ولم ينج منهم إلا القليل.
قال: هكذا أخبرني به بعض أهل العلم من أهل جدة سماعا عن غيره من الثقات. انتهى. 3
وقال السيد جعفر البيتي المدني رحمه الله تعالى في ديوانه لما قتل باكير باشا السيد عبد الكريم بن السيد محمد رسول البرزنجي بجدة سنة مائة وألف وثمانية وثلاثين أرخته بقولي:
يا بن عبد الرسول يرحمك الله وقدست ميتا وفقيدا
أسوة المسلمين أنتم جميعا في جميع البلا قريبا بعيدا
पृष्ठ 31
إن قتلتم ظلما فقير عجيب قد حكيتم آباءكم والجدودا 32...
والذي قد شقوا بكم وسعدتم خسروا حيث أربحوكم سعودا
ما برحتم مقسمين قتيلا أو تسليبا أو موثقا أو طريدا
نحن نبكي الأحياء منكم قديما لا تظنوا ذا البكاء جديدا
قتلوكم وقبلوا كسوة قديما بوت من قبر جدكم والحديدا
قتلوكم ظلما وصلوا عليكم عجبا ما نرى عليه مزيدا
لم يكن واحد يزيد عليكم بل نرى دهركم يزيد يزيدا (1)
أسوة المسلمين أنتم جميعا في جميع البلاد قريبا بعيدا
فسلام عليك مت سعيدا مثلهم في البلاد وعشت حميدا
عام حزن قتلت فيه فأرخ ناه عبد الكريم مات شهيدا (2)
وقال السيد جعفر المذكور رحمه الله تعالى وعلت أرثى المرحوم السيد حسن بن السيد عبد الكريم البرزنجي المتوفى بخصر مختفيا رحمه الله تعالى رحمة واسعة:
يا ابن عبد الكريم قدرك أعلا عن رثاء فيه نردد فضلا
حسن الاسم الفعال جميعا أنت فيما نبديه قولا وفعلا
أنت ابن النبي وابن علي وكريم الآباء فرعا وأصلا
بيتكم سيد البيوت جميعا ولكم في العلا السهام المعلى
بيت تقوى وحكمة وعلوم أعرقت في الكمال بعدا وقبلا
قدست روحك الشريفة روحا وهواها الرضى من الله نزلا
وسقت أدمعى بمصر ضريحا لك والمعصرات طلا وويلا
صورة مت نائيا وغريبا والرفيق والأعلى اتخذت محلا
قد رثيناك قبل موتك لما ساء رأى الزمان فيك وزلا
पृष्ठ 32
فزت بالمحنتين بالجور والطا عون للشهيد جورا وقتلا 33...
يا بني السيف مثل قول على صدق الاسم فيكم حين حلا
حبذا خصلة تحقق وصفا من صفات الآباء أهلا وسهلا
هذه درا محنة وابتلاء وبنا وكل البلاء وجلا
سنة سنه الأقارب فينا فاقتفى أثرها الأباعد سبلا
حسد الناس فضل ربك فيهم وتخطوا الصحيح نقلا وعقلا
ليتها لو تكون رأسا برأس ليس نبغي لنا بذي الدار فضلا
يا فقيد فقدته وسروري أنت ضاعفت فوق ثكلي ثكلا
أنت في دفتر المظاليم تال ثم في العرض حال ظلمك يتلى
جبر الله قلب كل كسير ذاب بالحزن فيك ثم أضمحلا
وسلام عليك في كل حين كلما سلم الشجي وصلى
أبدا كلما أباح زمان حرمة من حمى العلا واستحلا
انتهى
قلت: لم يذكر الخطيب عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ على الأنصاري المدني رحمه الله فتنة بك بشير أغا شيخ الحرم فأحببت ذكرها هنا تماما للفائدة....
पृष्ठ 33
34...
ذكر فتنة بك بشير أغا سنة 1148 ثمان وأربعين ومائة وألف
وفي زمن شيخ الحرم بك بشير أغا وقعت فتنة عظيمة بين أهل المدينة وأغوات الحرم فأدخل شيخ الحرم بك بشير أغا الأعراب من حرب المسجد الشريف النبوي وأغلق أبوابه، وأطلعهم على المنائر فصاروا يرمون بالرصاص على الناس ويصيب ذلك جميع من حول المسجد الشريفن واستمر ذلك خمسة وأربعين يوما، وهي مذكورة في قصيدة السيد جعفر البيتي فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال المرحوم السيد جعفر البيتي في ديوانه ما نصه:
وقلت على لسان أهل المدينة المنورة شكاية إلى الشريف سعود بن سعيد أمير مكة المشرفة وإنهاء لضررهم الواقع عليهم من الفتنة الكائنة سنة 1148ثمان وأربعين ومائة وألف.
قفوا تنظروا آثار ما صنع الظلم وجوسوا خلال الدار تنبيكم الأكم (1)
قفوا بالرسوم الدارسات فربما بحفتم منها وما نظف الرسم (*)
قفوا نشتكي ما قد أصاب فإنه عظيم، وإن الأمر حادثه ضخم
على كل دعوى في الظلامة حجة يصدقها التحريق والهدم والردم
إلى عدلكم يا آل زيد توجهت وجوه شكايانا وعندكم الحكم
إليكم يساق الأمر والنهى في الورى وأنتم ملوك الأرض والسادة الشم
إليكم وإلا فالسلام على الحمى إذا حامت الأعداء عليه ولم تحموا
पृष्ठ 34
سلوا فلسان الحال من كل مسلم أصيب ببلوى عنده خبر (**) جم 35...
سلوا عن حديث المبتلى من بلى به وأولى بنعت السقم من مسه السقم
سلوا كل دار بالمدينة ما الذي لقينا فعند الدار من أهلها علم
سلوها عن الهتك الذي قد أصابها قريبا فمن لقياه في وجهها وسم (*)
سلوها عن الأعزب كيف تسنمت ذراها وكيف النهب والهتك والغنم
وكيف ارتقوا فوق المنائر وانتهوا إلى غاية ينحط من دونها النجم
وكيف أعيدت وقعة الحرة التي هذه الأخرى تضاف وتنضم
يزيدية ردت وحقك أنها لفاقرة أسبابها الجور والغشم
ولولا رجال يخربون بيوتهم بأيديهم ما أخربوها ولا هموا
وما عزموا في ذاك إلا برأيهم ولولاهم ما كان عندهم عزم
هم جمعوا مال الحرام وانفقوا على البغي ذلك المال فاجتمع الإثم
ولله كل الحمد إذ كان حسرة عليهم من الأنفاق أعقبها الغرم
ولم ير قدما من يعين بما له على عرضه إلا الدنى والقدم
أعانوا على السلطان أعداء ملكه وشقوا عصا الإسلام جهرا وما لموا
وقد زعموا أن الحمية منهم له وهي لا تخفى على عاقل وهم
فقل لهم هل كانت السنة التي نفيتم لهم عن مبتدأ حربكم علم
وهل حضروا لم غدرتم عشية وقطعتم في السوق من لا له جرم
وصلتم جميعا بالبنادق بعدها وحاربتم من عنده حربكم علم
وهل طلبوكم للشريعة خيفة على الفتنة العمياء من أنه تنمو
وهل كان داعى الصلح يدعوا فتسمعوا وتعصون إلا الحرب أم أنتم صموا
وما ذاك إلا عن هوى وتفرض يراه عيانا فيكم من له فهم
إلى الله نشكوا ما أصاب وإنها أمور لها في الدين مذ صدرت ثلم
عسى في خبايا الدهر نصر معجل يرم به شعث الأنام ويلتم
على رغم من يهوى الفساد ويبتغى العناد ولم يبرح إلى بدعة سموا
عسى دعوة المظلوم حين دعابها أجيبت عسى أجدت عسى نفذ السهم
पृष्ठ 35
عسى حق مقتول أصيب ويتمت أرامله حتى أضر بها اليتم 36...
لعل العذارى المحصنات يراهم غيور على العورات ذو نخوه شهم
عسى رافع هتك المحارم دافع الظلا ثم بالرعية يهتم
عسى نافذ الأحكام والأمر فيصل له نظر أعلى وآراؤه حزم
ومن غير مسعود يساعد بالمنى ويرجى وذاك الماجد البطل القرم
فريع العلا ملك الأباطح سيد الجحا حج من تعنو لعزته البهم
وقد جاء فأل الخير منه مساعد شبيه اسمه يا حبذا الفال والإسم
ويا حبذا يعسرب ملك مقدم له الصدر قدما مثلما قدمت بسم
لك الخير والبشر لديك فإننى أشم رياح النصر إن صدق الشم
فياغوث ملهوف الفؤاد ومنتهى المراد وجالى الهم إن عظيم الهم
وآمن مخوفات البلاد وملتجى ال عباد ومن في عدله لهم قسم
أعد نظرا في الحال والحادث الذي جرى وانبرى من عظمه اللحم
والعظم وفي كل مسكين فقير ووالد حزين ومولود أصيبت به الأم
وأرملة جاعت ثلاثين ليلة وعشرا بها الخوف المبرح والعدم
وقد بلغ السيل الزبى (1) وتضرمت جحيم وعنى قد ذاب من حرها الحسم
خذا الأمر بالمعروف واحكم بما ترى وشمر لحسم الداء ينفعنا الحسم
رضينا بم ترضى من الأمر كله لنا وعلينا لا إباء ول رغم لك العفو والحلم
الذي أنت أهله ولكن في العاصين لا يحمد الحلم
فما صنعوه غير خاف وظلمهم شهيد عليهم عندك العرب والعجم
فلا تلتفت للعذر منهم فإنه بقايا خداع جرحه ليس يندم
ولو صدقوا لم يستبدوا برأيهم لأمر فظيع غيه العار والذم
ولكنهم في زعمهم أن حكمهم إليهم ولا لأمر عليهم ولا حكم
وقالوا كثيرا مثل هذا وإنه قبيح وأولى من إباحته الكتم
पृष्ठ 36
لقد رضعوا در الحرام وإنه عسير بعد طول المدى الفطم 37...
وأعظم بلوى نالت الناس أنها تصام ولا عند الملوك بها علم
يخافون فرمانا على عير موجب إذا ما شكوا ظلما فكلهم بكم
إذا حاولوا الأنصاف لم يسعفوا به وكيف يرجى العدل والحكم الخصم
بقيتم لنا يا أسرة الهدي أنكم مصابيح في الظلماء يمحى بها الظلم
جزا الله كل الخير حسن صنيعكم وما فعل التدبير الحزم والجزم
إذا دام فينا حكمكم والتفاتكم فكل ليالينا وأيامنا سلم
لكم غرر الأفعال من كل صالح على الناس يروى ذلك النثر والنظم
على جدكم أزكى صلاة بعده علكم وفيكم يحسن البدء والختم...
पृष्ठ 37
38...
ذكر فتنة عبد الرحمن أغا الكبير سنة 1155 خمس ومائة وألف
पृष्ठ 38
قال الخطيب عبد الرحمن بن حسين الأنصاري رحمه الله تعالى: ثم تولى مشيخة الحرم عبد الرحمن أغا الكبير وذلك في سنة 1151 إحدى وخمسين بعد المائة والألف وعزل في 1156 ست وخمسين بعد المائة والألف، ووفى بمصر سنة 1162 وهو الذي صارت في زمنه الفتنة العظيمة الشهيرة بفتنة كابوس؛ وسبب ذلك اختصار على مافهمناه م أفواه ثقات الناقلين إلينا هذا الخبر ومن قصيدتي: السيد جعفر التبيتين والشيخ محمد سعيد انقشارى زكتخذا الأسباهية عبد القادر ظافر فوقعت المداحله بينهم ولم تزل تتنامى نواميها وكان حسن كابوس من وجاق النوبجتية له كلمة نافذة فهجموا يوما على القلعة وأثاروا الحرب بعد أن تجمعوا عليهم جموعا لا تحصى وأغلقوا أبواب البلد وتفرقت كل جماعة منهم ناحية فقالوا لهم ما الخبر وسعوا في الإصلاح بينهم، فقالوا مطلوبنا ستة أنفس إما تقتلوهم أو تجلوهم، فأخرجوهم وأجلوهم عن المدينة إطفاء لنار الفتنة منهم: عمر زكي كتخذا القلعة سابقاشن ومصطفى أودباش (1) كتخذا نوبجتيان، ومحمد مراد كتخذ الإسباهية، ثم لم يكتفوا بإخراج الستة حتى أخرجوا ثمانية عشر رجلا، وكتبوا بينهم حجة شرعية على الصلح والإصلاح والإعانة على تقوى الله، وكتبوا عرضا على مقتضى ذلك للدولة العلية، فجاء الفرمان على مطلوب شيخ الحرمن فزادت شوكتهم وعظمت صولتهم، وابتداء ذلك سنة 1155 خمس وخمسين بعد 39...المائة والألف، فأرسل طائفة ممن يميل للجلوية يحرضوهم على المجيئ إلى المدينة، وأن يهاجموا [على] (1) القلعة وهم لهم أعوان إذا حلوا فيها ورأسهم الصالحي، فلما كان ليلة الأحد واحد وعشرين من جماد الثاني سنة 1156 ست وخمسين بعد المائة والألف تشوروا عليهم القلعة بين العشائين، وأتوا إلى باب القلعة من غير أن يشعر الموكلون به وبها وأغلقوه، وكان كثير منهم خارجه فظنوه أن الشبان تلعب ثم توجه أحدهم إلى بيت الكتخذا وأكمن جماعته وطلبه فخرج إليه مترفها فشد عليه الكمين وقتلوه، وقتلوا أخاه حمزة فأحسن بذل ولده حسين وكان بطلا شجاعا وخرج بسيفه فقط لأنه لم يظن ذلك وتجاول معهم ساعات، وصاروا بترادفون عليه ذرافات ذرافات، ومع هذا لم يتمكنوا منه وقد جذع فيهم كيف شاء إلى أن قتل الصالحي، وكان رئيسهم فخذوا ووهنوا وخافوا الفضيحة.
पृष्ठ 39